عربي يبتكر طريقة جديدة "للشرب من الهواء"

الدكتور المهندس أمين الحبايبة - خبير في تصميم وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة - جامعة نوتنجهام ترينت - مع الطالب
أمين الحبايبة مع أحد طلابه العاملين على تنفيذ مشروعه في جامعة نوثنغهام ترينت (الجزيرة)

محمد أمين-لندن

لم يكن الدكتور أمين الحبايبة يعلم أن ذهابه لإلقاء القمامة بمكب النفايات المجاور لبيته سيكون بداية لابتكاره العلمي الجديد.

الأكاديمي والمهندس لاحظ تكدس الثلاجات وأجهزة الحاسوب القديمة التي يلقي بها أصحابها في مكب النفايات هذا، ليبدأ التفكير في كيفية تطويع هذه الأجهزة لخدمة الفقراء في الدول النامية.

وعندما عاد أمين إلى حديقة منزله ليستمتع بكوب من عصير الليمون المثلج، تأمل في قطرات الماء التي تتساقط على جوانب الكوب، ليصل لضالته العلمية، وهي أن الثلاجات القديمة يمكن إعادة استخدامها لتكثيف بخار الماء بالهواء لتوليد الماء، وهي فكرة يقول عنها الحبايبة إنها ليست جديدة ولكن استغلال الأدوات المنزلية القديمة لإنجاز هذا الهدف كان سبقا علميا.

ويروي الخبير في تصميم وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة في جامعة نوثنغهام ترينت للجزيرة نت القصة الكاملة، ويقول في حديثه إن هناك شركات كثيرة طوّرت أجهزة إنتاج المياه من الهواء من قبل لكنها باهظة الثمن والتكلفة.

ويوضح أنه يركز في ابتكاره العلمي الجديد على استغلال الثلاجات التي يرميها الناس، وتطوير هذه الثلاجات المجانية لإعادة استعمالها من قبل سكان الدول النامية أو التي تعاني شحا في المياه لتكون أملا لهم في الحصول على كميات من المياه مجانية وبأرخص التكاليف.

‪الحبايبة: لن أسجل براءة اختراع حتى يستفيد الجميع من هذا الاكتشاف‬ (الجزيرة)
‪الحبايبة: لن أسجل براءة اختراع حتى يستفيد الجميع من هذا الاكتشاف‬ (الجزيرة)

نتائج مشجعة
ويوضح الحبايبة أن اختراعه -الذي منح فكرته لأحد طلابه للعمل عليه تحت إشرافه- يعتمد على عناصر بسيطة في متناول الجميع، وهي ثلاجة قديمة إضافة لأنابيب نحاس ومروحة حاسوب قديم وشاحن هاتف محمول لتشغيل هذه المروحة، ويبين أن مجمل تكاليف هذه المعدات لا تتجاوز 30 دولارا أميركيا.

وعن النتائج الأولية للمنتج يشير الحبايبة إلى أنها بالفعل مشجعة، حيث تمَّ استخدام معامل الجامعة البيئية التي يمكن أن تحاكي الرطوبة والحرارة في أي مكان على كوكب الأرض تقريبا، كما تم إجراء اختبار النموذج الأولي، وتبين أنها قادرة على إنتاج ما يكفي من المياه لتلبية احتياجات أسرة صغيرة.

ولاقى هذا الابتكار اهتماما واسعا من أهم الصحف البريطانية، التي وصفته بأنه أمل لقرابة ثلاثة 3.5 ملايين إنسان يموتون سنويا بسبب نقص الماء، ويشير الباحث إلى أنه يريد أن تكون الطريقة سهلة ورخيصة وفي متناول الجميع، ولذا سيعمد إلى نشرها على الإنترنت وخاصة يوتيوب ليستطيع الجميع نقلها للأماكن الفقيرة، ولهذا السبب يقول الحبايبة إنه لم يقم وفريقه بتسجيل براءة اختراع حتى يسمح لأي شخص في أي مكان بالعالم باستعمال هذه الطريقة مجانا ودون حرج قانوني.

احتفاء بريطاني
وأتاحت صحيفة غارديان البريطانية مساحة واسعة للباحث ليكتب مقالا فيها يعرض فكرته الجديدة عن كيفية إنتاج الماء من الهواء والأمل الذي تبعثه هذه الفكرة للبلدان النامية والفقيرة.

ويوضح أمين -الذي يقود مجموعة "ISBET" للبحوث المبتكرة والمستدامة للبيئة- أن فكرة استعمال الثلاجات القديمة بقيت عالقة في ذهنه إلى أن أتيح له أن يعرضها على أحد طلابه ليكون مشروعه للتخرج تحت إشرافه.

يشير الباحث إلى أنه يريد أن تكون طريقة (الشرب من الهواء) سهلة ورخيصة وفي متناول الجميع ولذا سيعمد إلى نشرها على الإنترنت وخاصة يوتيوب ليستطيع الجميع نقلها للأماكن الفقيرة

ويبين الخبير الحبايبة أن أهم العوامل التي تحدد كميات المياه المنتجة من هذه الطريقة هي نسبة الرطوبة في الجو وقوة الثلاجة، مبينا أن المشروع أيضا في طور التطوير ليكون أكثر فاعلية، وأن من الحلول المطروحة للتغلب على مشكلة نقص الكهرباء في بعض الدول هو الاعتماد على الطاقة الشمسية في تشغيله حتى يتسنى للناس في الأماكن التي تعاني شحا كهربائيا ولكن تتوفر الشمس فيها أن يستفيدوا من هذه الطريقة.

والهدف النهائي -بحسب أمين- هو وضع هذا الاختراع بجانب أي تحسينات مستقبلية على شبكة الإنترنت كمصدر للتصميم حتى يتمكن الناس والجمعيات الخيرية حول العالم من بناء أنظمة توليد المياه الخاصة بهم.

ويأمل الفريق الآن الحصول على تمويلٍ لاختبار النظام في بعض البلدان النامية، والتعاون مع المؤسسات الخيرية المحلية والمنظمات التعليمية بهدف تحسين التكنولوجيا.

وفي ما يخص البحث العلمي بالعالم العربي، يقول الخبير في تصميم وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة في جامعة نوثنغهام ترينت، إن المهارات البحثية يجب أن تكون إستراتيجية لسوق العمل، موضحا أن العالم العربي بحاجة لتطوير ثقافة البحث العلمي ودمجها في التعليم، مؤكدا أن كثيرا من الجامعات العربية تحتوي على الموارد المالية لكنها تفتقر لثقافة البحث العلمي.

المصدر : الجزيرة