وفاة قردة بالإكوادور يتسبب في إصدار قانون حماية فردية للحيوانات البرية

يتسبب تدجين الحيوانات البرية في التدهور التدريجي لأعدادها (غيتي)

في حين يكافح ملايين البشر في بعض البلدان من أجل حقوق الإنسان، أصدرت الإكوادور حكما يقضي بامتلاك الحيوانات البرية الفردية حقوقا قانونية خاصة بها، بما في ذلك الحق في الوجود.

ويعد هذا الحكم التاريخي الذي صدر في شهر فبراير/شباط الماضي تفسيرا تاريخيا للقوانين الدستورية الخاصة بـ"حقوق الطبيعة" في البلاد ورفع كذلك الوضع القانوني للحيوانات هناك.

وأصدرت محكمة في الإكوادور هذا الحكم عقب النهاية الحزينة لقردة صوفية تدعى "إستريليتا" (Estrellita) بعد أن تم أخذها بشكل غير قانوني من البرية وهي بعمر شهر واحد فقط للعيش مع أمينة المكتبة آنا بياتريس بوربانو برانو وعائلتها، وعاشت معهم لمدة 18 عاما.

وعلى مر السنين، تعلمت التواصل معهم من خلال الإيماءات والأصوات واكتسبت عادات الأسرة. ثم استولت السلطات المحلية على إستريليتا التي عانت من توقف مفاجئ في القلب والجهاز التنفسي في غضون شهر من نقلها إلى حديقة للحيوانات، ومن ثم توفيت.

للحيوانات الفردية الحق في الحرية الجسدية وأن تعيش في بيئتها الطبيعية (غيتي)

وقبل وفاتها، رفعت بوربانو دعوى لاستعادة إستريليتا، مشيرة إلى الظروف السيئة التي كانت إستريليتا تعاني منها بعد أن تم انتزاعها من البيئة التي ألفتها لمدة 18 عاما.

ووفق تقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فقد صرحت كريستين ستيلت، الخبيرة في قانون الحيوان لوكالة "إنسايد كلايمت نيوز" (Inside Climate News) غير الربحية بأن "حقوق الطبيعة تبدو في أميركا وكأنها فكرة هامشية، لكن الناس لا يدركون مدى انتشارها في جميع أنحاء العالم".

وللمطالبة بحق إستريليتا، اعتمدت القضية على الأدلة العلمية للتعقيد المعرفي والاجتماعي للقرود الصوفية مثل "امتلاك الحرية الجسدية على الأقل"، وأنه "يجب أن تقوم السلطات البيئية بحماية حقوقها من خلال دراسة ظروفها الخاصة قبل وضعها في حديقة الحيوانات".

وقضت المحكمة بأن كلا من السلطات وبوربانو انتهكوا حقوق إستريليتا، الأولى لفشلها في مراعاة احتياجاتها الخاصة قبل نقلها، والأخيرة لإخراجها من البرية في المقام الأول. واقترحت المحكمة صياغة تشريع جديد لدعم هذه الحقوق بشكل أفضل في المستقبل.

الإكوادور وحقوق الحيوانات والطبيعة

كما أقرت المحكمة بأن "تدجين الحيوانات البرية وإضفاء الطابع الإنساني عليها ظاهرتان لهما تأثير كبير في الحفاظ على النظم البيئية وتوازن الطبيعة، لأنهما يتسببان في التدهور التدريجي لأعداد الحيوانات البرية".

ويأتي هذا القرار في أعقاب حكم تاريخي صدر في الإكوادور العام الماضي الذي أقر بأن التعدين في غابة سحابية محمية ينتهك حقوق الطبيعة. وتعرف الغابات السحابية بأنها غابات رطبة ذات أشجار دائمة الخضرة أو شبه مدارية وتتميز بمستويات عالية من الضباب أو الغطاء السحابي. ووفق موقع ساينس ألرت تعتبر الإكوادور أول دولة في العالم تعترف بحقوق الطبيعة على المستوى الدستوري عام 2008.

كما أوضح المحامي البيئي الإكوادوري هوغو إيتشيفريا -في بيان نشر على موقع "كلية هارفارد للحقوق" (Harvard Law School) 22 مارس/آذار الماضي- أنه "رغم كون حقوق الطبيعة واردة في الدستور، فإنه لم يكن من الواضح قبل هذا القرار إذا ما كان من الممكن أن تستفيد الحيوانات بصفة فردية لا جماعية من حقوق الطبيعة، وأن تعتبر أصحاب حق لكونها جزءا من الطبيعة".

لا بد من مراعاة السلوك المعرفي والاجتماعي للحيوانات البرية قبل أسرها في حديقة الحيوان (غيتي)

حق الحيوانات في الوجود والازدهار والتطور

تجدر الإشارة إلى أن دولا مثل نيوزيلندا وكندا، إلى جانب المقاطعات الأخرى وبعض المدن الأميركية، لديها معاهدات أو أحكام أو قوانين محلية توفر للحيوانات البرية بعض الحماية المماثلة. ومع ذلك، لا يزال يتعين عليها تكريس هذه الحقوق في "الوجود والازدهار والتطور" على المستويات الدستورية.

ولا بد هنا من التنبيه إلى أن هذه القوانين لا تساوي بين الحيوانات والبشر، إلا أنها تمنحها الحق في الحرية في سياق التفاعلات البيئية. هذا يعني أن أعمال الصيد والحراجة لا يزال مسموحا بها ما دام يتم إجراؤها ضمن قوانين أخرى موجودة مسبقا.

وصرحت ستيلت "لا يهتم القانون البيئي بالحيوانات التي لا تعتبر من الأنواع المهمة كتلك الأنواع المهددة بالانقراض التي يغطيها قانون الأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة" وأضافت "يشهد قانون الحيوان وقانون البيئة تغيرا جذريا، وهذه القضية جزء مهم من هذا التغير".

ومن المعروف أن أزمة المناخ والانقراضات الجماعية الست ترتبط ارتباطا جوهريا ببعضها بعضا، إضافة إلى النشاط البشري على هذا الكوكب. لذلك يمكن أن تساعد هذه القوانين في توجيه الأفراد والمجتمعات إلى اتخاذ خيارات أفضل تفيدنا جميعا. وأخيرا ترى ستيلت أن "هذه القوانين قد أثبتت بالفعل أنها أداة قانونية مهمة لحماية الطبيعة، بما في ذلك الحيوانات".

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية