أعمار نحل العسل تناقصت بنسبة 50% عما كانت عليه منذ 50 عاما

أبلغ مربو النحل في العقود الأخيرة عن موت العديد من مستعمرات النحل. كما لوحظ أيضا انخفاض إنتاج العسل خلال تلك العقود. فهل نعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك؟

أعمار نحل العسل قد تناقصت بنسبة 50% عما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي (بيكسابي)
أعمار نحل العسل تناقصت بنسبة 50% عما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي (بيكسابي)

أفادت دراسة حديثة أجراها علماء الحشرات بجامعة ميريلاند (University of Maryland) -ونشرت في دورية "ساينتيفيك ريبورتس" (Scientific Reports) في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- بأن أعمار نحل العسل قد تناقصت بنسبة 50% عما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي.

واليوم، هناك أصوات تنادي بالحفاظ على النحل؛ من بينها حملة "أنقذوا النحل!" (!Save the bees). وهناك مقولة طالما نسبت لأينشتاين تفيد بأن "البشرية ستعيش 4 سنوات فقط بعد اختفاء النحل من على سطح كوكب الأرض".

ورغم انتفاء الدليل على أن أينشتاين قد قال ذلك، فإن الدور الذي يقوم به النحل في الحفاظ على التوازن البيئي يجعل هذه العبارة منطقية من الناحية النظرية على أقل تقدير، إذ إنه لن يمكننا زراعة غالبية المحاصيل التي نعتمد عليها اليوم بدون نحل العسل وغيره من الملقحات الأخرى. كما ينتج عن قصر أعمار نحل العسل اليوم انخفاض إنتاج العسل.

أبلغ مربو النحل عن معدلات خسارة عالية في مستعمرات النحل خلال العقد الماضي (بيكسابي)
أبلغ مربو النحل عن معدلات خسارة عالية في مستعمرات النحل خلال العقد الماضي (بيكسابي)

معدل التغير في مستعمرات النحل

يعيش النحل في مستعمرات تشيخ بشكل طبيعي ثم تموت، ولذا فإن العلماء يعتمدون على معدل تغير هذه المستعمرات باعتباره عاملا أساسيا مقبولا في الشؤون المتعلقة بتربية النحل.

وقد أبلغ مربو النحل في الولايات المتحدة عن معدلات خسارة عالية لهذه المستعمرات خلال العقد الماضي، مما يشير إلى الحاجة إلى استبدال المزيد من هذه المستعمرات حتى تظل العمليات الحيوية قائمة بشكل طبيعي.

ولمعرفة أسباب التناقص في أعمار نحل العسل، ركز الباحثون جهودهم على دراسة الضغوط البيئية التي يتعرض لها نحل العسل، وكذلك الأمراض والطفيليات والتعرض لمبيدات الآفات ومشاكل التغذية.

وطبقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة ميريلاند تعقيبا على الدراسة، فإن هذه النتائج تعد الأولى من نوعها التي تظهر أن الانخفاض العام في أعمار نحل العسل يحتمل ألا يكون نتيجة الضغوط البيئية التي يتعرض لها النحل، بل نتيجة الجينات التي تؤثر بشكل واسع على نشاطات تربية النحل.

ترك الباحثون شرانق النحل في حاضنات خاصة حتى تنمو (انتوني نيرمان – جامعة ماريلاند)
ترك الباحثون شرانق النحل في حاضنات خاصة حتى تنمو (أنتوني نيرمان– جامعة ميريلاند)

عوامل جينية

وفي هذا الصدد يقول أنتوني نيرمان، قائد الدراسة وهو أيضا باحث دكتوراه، "إننا نعزل نحل العسل عن حياة المستعمرة قبل أن يصبح بالغا، ولذا فإن ما يقلل من أعماره يحدث قبل تلك النقطة".

ومن ثم، فإن هذا الأمر يشير إلى أن أسباب تناقص العمر قد تكون جينية. ويضيف نيرمان قائلا: "لو صحت هذه الفرضية، فإنه من الممكن حل هذه المشكلة. فلو عزلنا العوامل الوراثية المتسببة في تناقص أعمار نحل العسل، فإنه بإمكاننا حث تناسل سلالات النحل الأطول عمرا دون غيرها".

وكان نيرمان لاحظ هذا التناقص في أعمار نحل العسل في أثناء إجرائه التجارب على النحل البالغ الخاضع لبروتوكولات تربية موحدة في المختبر. ولدراسة الأمر تفصيليا، جمع الباحثون شرانق النحل خلال الـ24 ساعة الأولى من خروجها من خلايا الشمع التي نشأت فيها. وتُركت هذه الشرانق بعد ذلك في حاضنات حتى تنمو، ومن ثم تم الاحتفاظ بالنحل البالغ في أقفاص خاصة.

وبينما كان نيرمان يستبدل النظام الغذائي (الماء المُسَكَّر) للنحل المربي في هذه الأقفاص بماء عادي حتى يحاكي ظروف المعيشة الطبيعية للنحل، لاحظ أن متوسط أعمار النحل قد تناقصت بنسبة 50% (من متوسط 34 يوما إلى 18 يوما تقريبا) عما كانت عليه في الأبحاث التي نشرت منذ 50 سنة، وذلك بغض النظر عن النظام الغذائي المقدم لها.

السجلات التاريخية للنحل المحتفظ به في المختبر تظهر تشابه أعماره مع أعمار نحل المستعمرات (بيكسابي)
السجلات التاريخية للنحل المحتفظ به في المختبر تظهر تشابه أعماره مع أعمار نحل المستعمرات (بيكسابي)

قصر العمر يؤدي إلى موت المستعمرة

ورغم أن بيئة التربية في المختبر تختلف عن البيئة الطبيعية لمستعمرات نحل العسل، فإن السجلات التاريخية للنحل المحتفظ به في المختبر تظهر تشابه أعماره مع أعمار نحل المستعمرات. ويعتقد العلماء عموما أن عوامل العزل -التي تسبب تقليص العمر- ستؤثر بالطريقة نفسها سواء أكانت هذه العوامل واقعة على نحل المستعمرات أم على نحل المختبر.

وقد صاغ الفريق نموذجا رياضيا لدراسة مدى التأثير الذي سيحدثه انخفاض أعمار النحل -بنسبة 50%- على عمليات تربية النحل. وقد جاءت النتائج موافقة لمعدلات الفقد السنوية في مستعمرات النحل التي أبلغ عنها مربو النحل في الـ14 سنة الماضية، والتي ارتفعت من 30 إلى 40%.

والجدير بالذكر أن النحل المربى في المختبر لم يظهر أعراضا علنية للتأثر بأي نسبة تلوث فيروسية. كما لم تُر عليه آثار التعرض لمبيدات الآفات، مما يستبعد أن تكون هذه العوامل هي السبب في تناقص أعمار نحل العسل. وبالتالي، فإن هذه الدراسة تعد الأولى التي تربط بين متوسط أعمار النحل وما قد يسببه ذلك من فناء للمستعمرة ككل.

المصدر : مواقع إلكترونية