البنك الدولي: الهجرة المناخية تتوسع في العالم ومنطقة شمال أفريقيا في قلب الحدث

من المهم إدراك أنه لا يمكن منع الهجرة بكامل أشكالها، وإذا أحسنت إدارتها من خلال الفهم الجيد لمسبباتها وإعداد سياسات محلية استباقية لمواجهتها فإنه يمكن تفاديها بشكل كبير

صورة من تقرير البنك الدولي يحذر من هجرات مناخية
يتوقع الخبراء أن تزيد وتيرة الهجرة المناخية بداية من عام 2030 (البنك الدولي)

كشف تقرير جديد للبنك الدولي تحت عنوان "غراوندسويل" (Groundswell) في جزئه الثاني أن عدد السكان المرشحين للهجرة والترحال داخل حدود أوطانهم بسبب التغيرات المناخية قد يصل إلى حوالي 216 مليون نسمة بحلول عام 2050، منهم حوالي 19 مليون نسمة من منطقة شمال أفريقيا.

وكان التقرير في طبعته الأولى -التي صدرت عام 2018- قد توقع أن يصل عدد المهاجرين بسبب التغيرات المناخية بحلول عام 2050 إلى حوالي 143 مليون نسمة، لكن الدراسات المستحدثة كشفت أن الرقم سيكون أكبر مما كان متوقعا.

وأوضح التقرير -الذي صدر يوم 13 سبتمبر/أيلول الجاري- أن الخبراء يتوقعون أن تزيد وتيرة هذه الهجرة بداية من عام 2030 وأن تزداد مع مرور السنوات، ولا يمكن أن نضع حدا لها إلا بإقامة إستراتيجيات نمو أخضر في البلدان المعنية والعمل على خفض انبعاث الغازات الدفيئة، وهذا يتطلب تضافر جهود الجميع.

حسب التقرير فإن التغيرات المناخية تعتبر من المحركات الأساسية للهجرة الداخلية (البنك الدولي)

التغيرات المناخية والفقر

وحسب التقرير، فإن التغيرات المناخية تعتبر من المحركات الأساسية للهجرة الداخلية التي تكون مدفوعة بفقدان السكان المحليين موائل العيش، وتدهور البيئة بصفة عامة الذي يؤثر أيضا على الصحة الجماعية ونوعية تعليم الأطفال.

وتقول الإحصائيات إن صحراء أفريقيا هي المنطقة الأولى المرشحة لأن تشهد هجرات بأعداد كبيرة، حيث قدر الخبراء ذلك بحوالي 86 مليون نسمة، متبوعة بآسيا الغربية بحوالي 49 مليون نسمة، وجنوب آسيا بـ40 مليون نسمة، وشمال أفريقيا بـ19 مليون نسمة، وأميركا اللاتينية بـ15 مليون نسمة.

وقال يورغان فوجال نائب رئيس قسم التنمية المستدامة بالبنك الدولي في البيان الصحفي الذي أصدره البنك "هذا التقرير هو تذكير عنيف بما سيحصل مستقبلا بسبب التغيرات المناخية للبشر، خاصة المقيمين في المناطق الفقيرة التي هي أصلا ليست مسؤولة عن ظاهرة التغيرات المناخية".

وقد أضاف هذا التقرير 3 مناطق ساخنة لم تكن مدرجة في التقرير الأول، ومن بينها منطقة شمال أفريقيا، وإذا ما تم اتخاذ إجراءات التعافي من هذه الظاهرة بسرعة فإنه يمكن تقليص حجم هذه الهجرة إلى نسبة 80% بحيث لن يتجاوز عدد المهاجرين 40 مليون نسمة.

قدم التقرير مقترحات تبدو حلولا ناجعة للتعافي من ظاهرة التغيرات المناخية (رويترز)

الحلول في نظر الخبراء

وقدم التقرير مقترحات تبدو في نظر الخبراء حلولا ناجعة للتعافي من ظاهرة التغيرات المناخية وبالتالي الحد من الهجرة المناخية، والتي تتمثل أساسا في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والاهتمام الجيد بالسكان المهددين بالهجرة من خلال تطوير تنمية اقتصادية خضراء، ومواصلة العمل على الفهم الدقيق للهجرات المناخية، وتقديم الدعم المادي للباحثين في هذا المجال من أجل القيام بتحقيقات ميدانية.

وقال الدكتور العراقي وائل الدليمي الأستاذ في الصحة العامة وعلاقتها بالتغيرات المناخية بجامعة كاليفورنيا سان دييغو في أميركا -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- "النتائج التي وردت في التقرير ليست مفاجئة، لكنها ليست جيدة لأن الأرقام التي قدمها مخيفة جدا، وللأسف فإن المتسببين في ظاهرة التغيرات المناخية -وهم الدول المصنعة- لن يتأثروا بها عكس دول الجنوب الفقيرة وذوي الدخل الضعيف بشكل عام، ومن ضمنها دول شمال أفريقيا".

وأضاف الدليمي أن "الهجرة المناخية سيكون لها تأثير سلبي على اقتصاد هذه الدول وستزيد هشاشتها، ولذلك أنا أدعو هذه الدول إلى الإسراع في إعداد السياسات لمواجهة الوضع قبل فوات الأوان تحسبا للتكفل الجيد بالشرائح التي ستتأثر بالتغيرات المناخية كالفلاحين مثلا".

المطلوب دعم البحوث العلمية المحلية التي تعنى بآثار التغير المناخي (رويترز)

وقال إن "المطلوب أيضا دعم البحوث العلمية على المستوى المحلي التي تعنى بآثار التغيرات المناخية للوقوف عن قرب على المسببات، وبالتالي الاستعداد لاحتوائها وإعداد الخطط لتحديد وجهة الأموال التي ستصرف على الشرائح المتضررة بصورة جيدة".

من جهته، قال يورغان فوجال -في مقدمة التقرير- "من المهم إدراك أنه لا يمكن منع الهجرة بكامل أشكالها، وإنه إذا أحسنت إدارتها من خلال الفهم الجيد لمسبباتها وإعداد سياسات محلية استباقية لمواجهتها فإنه يمكن تفاديها بشكل كبير".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية