هل تسبب التغير المناخي في حرائق الجزائر؟

لن تتوقف الحرائق عن الحدوث، لكن إذا اتفقت الحكومات حول قرارات حاسمة بشأن الحد من الغازات الدفيئة، فإن ذلك قد يمنع الحرائق من التطور لمستوى لا يمكن احتواؤه.

تصاعدت حدة الحرائق في دولة الجزائر، حتى وصلت إلى حوالي 70 موقعا (الفرنسية)

خلال الأسابيع القليلة الماضية تصاعدت حدة الحرائق في دولة الجزائر، حتى وصلت إلى حوالي 70 موقعا، متسببة بوفاة العشرات وإعلان الحداد العام في البلاد، وإصابة المئات كذلك، إلى جانب اضطرار آلاف العائلات لترك منازلها.

وتأتي حرائق الجزائر في سياق موجة من الحرائق تشتد حاليا في بعض من دول البحر الأبيض المتوسط، فتونس مثلا بدأت بعشرات الحرائق خلال الأيام القليلة الماضية، ومن قبلها اشتعلت الحرائق في تركيا واليونان ولا تزال مستمرة.

وفي أحداث كهذه، عادة ما تشير أصابع الاتهام إلى التغير المناخي، لكن هل يمكن بالفعل أن يكون التغير المناخي سببا مباشرا في حرائق الغابات والمساحات الخضراء؟

مُشعل الحرائق بالأساس هو الإنسان، وحينما يكون الطقس مواتيا فإن الحريق يستكمل طريقه (رويترز)

الورقات الجافة

بشكل عام، فإنه لا يمكن ربط حريق محدد بالتغير المناخي، كذلك فإننا نعرف أن التغير المناخي لا يُشعل الحرائق، وترى بعض الدراسات أن المُشعل بالأساس هو الإنسان في الغالبية العظمى من الحالات، وحينما يكون الطقس مواتيا فإن الحريق يستكمل طريقه ويتفرع وينتشر.

لكن تأثير التغير المناخي عادة يكون في قدرته على تأجيج الحرائق ودفعها للانتشار بوتيرة وشدة أكبر، وهذا مفهوم، حيث إنه مع الجفاف لا تتمكن الأشجار من تخزين الكثير من الماء، وبالتالي تتساقط منها الأوراق الجافة بمعدلات أكبر وتموت الشجرة نفسها أسرع، مما يساعد على انتشار الحرائق.

ومن جانب آخر؛ فإن الموجات الحارة وحالات الجفاف تؤدي إلى تأجيج الحرائق التي لا تواجها أمطار أو رطوبة شديدة في الهواء توقف تقدمها أو على الأقل تُبطئه.

البرازيل ترفض مساعدة من مجموعة السبع لإخماد حرائق الأمازون
حرائق الغابات المطيرة في الأمازون ليست حدثا طبيعيا ولكنها اتحاد بين عنصرين (الجزيرة)

التغير المناخي والحرائق

بحسب ورقة بحثية صدرت بالدورية واسعة الشهرة "نيتشر" (Nature) في فبراير/شباط 2018؛ فإن حرائق الغابات المطيرة في الأمازون -على سبيل المثال- ليست حدثا طبيعيا، لكنها اتحاد بين عنصرين، الأول هو الجفاف الشديد بسبب التغير المناخي، والثاني هو الأنشطة البشرية التي تؤثر بالسلب على طبيعة تلك الغابات.

وفي تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2012 من "محطة أبحاث باسيفيك نورث ويست" (Pacific Northwest Research Station) التابعة لإدارة الزراعة الأميركية؛ فإن هناك ارتفاعا مقداره 600% من مساحات الغابات المحترقة فقط مع كل ارتفاع مقداره درجة مئوية واحدة في متوسط درجات الحرارة العالمي.

وإن دراسة العلاقة بين تصاعد متوسطات درجات الحرارة العالمية وحرائق الغابات توضّح ترابطا لا يمكن إنكاره. ومن جانب آخر فإن المشكلة لا تتعلق فقط بالحاضر، لكن كذلك بالمستقبل الذي يتجه ناحية الاحترار أيضا.

وكانت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) قد أصدرت تقريرها في أغسطس/آب الجاري والذي ينص على أن العالم ذاهب لا محالة إلى نقطة يرتفع فيها متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالميا هناك فرص أكبر لحرائق أكثر فداحة (رويترز)

مستقبل مُربك

يعني ذلك أن هناك فرصا أكبر لحرائق أكثر فداحة، خاصة أن الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، كانت قد أصدرت في 2011 دراسة اعتمدت على 3 سجلات منفصلة لهطول الأمطار الشهرية خلال 100 عام فائتة، وأشارت إلى أن هناك اتجاها نحو مناخ أكثر جفافا في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

وبشكل عام، لن تتوقف الحرائق عن الحدوث، لكن إذا اتفقت الحكومات حول العالم حول قرارات حاسمة بشأن الحد من نفث الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الأرضي؛ فإن ذلك على الأقل قد يمنع الحرائق من التطور لمستوى لا يمكن احتواؤه.

المصدر : مواقع إلكترونية