تقرير "حالة المناخ" العالمي يدق جرس إنذار حول تغير المناخ ومخاطره المستقبلية

شهد عام 2021 أحداثا مناخية قاسية قاتلة في جميع أنحاء العالم، من حرائق الغابات الواسعة إلى درجات الحرارة الشديدة، والأمطار الغزيرة والفيضانات السريعة.

التقرير الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يوم الاثنين 9 أغسطس/آب (الجزيرة)

جاء في تقرير خاص صادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يوم الاثنين 9 أغسطس/آب أن "نطاق التغيرات الأخيرة في جوانب النظام المناخي ككل غير مسبوقة منذ قرون أو عدة آلاف من السنين".

وضع مئات العلماء من جميع أنحاء العالم اللمسات الأخيرة على التقرير الذي يقيم حالة المناخ العالمي، وهو تقرير مهم لدرجة كبيرة، حيث تستخدم الحكومات والصناعات في كل مكان لفهم التهديدات المقبلة.

كتب واضعو التقرير أنه في ضوء الأدلة المتاحة، فإن لديهم "ثقة عالية" في أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كانت أعلى في عام 2019 مما كانت عليه في أي مرحلة خلال مليوني عام على الأقل، كما أن درجة حرارة سطح الأرض "ارتفعت منذ عام 1970 بشكل أسرع مقارنة بأي 50 عاما أخرى خلال الألفي عام الماضية على الأقل".

يتحدث التقرير عن آثار الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ومسارات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية ذات الصلة، في سياق تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ، والتنمية المستدامة، والجهود المبذولة للقضاء على الفقر.

ما الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ؟

تأسست الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ‎(IPCC‏) عام ‎ ،1988لتقديم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة وإستراتيجيات التصدي لهذا التغير.

حصلت الهيئة على جائزة نوبل للسلام لعام ‎2007‏، بالاشتراك مع آل غور، نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق، تقديرا لعملهما في مجال تغير المناخ. وقد أعدت الهيئة، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وتضم 195 دولة عضوا، ‎منذ إنشائها 5 تقارير للتقييم متعددة المجلدات، وهي الآن في دورة التقييم السادس.

يمكن لكل دولة من دول الهيئة ترشيح علماء للمشاركة في عملية كتابة التقرير، وهناك عملية مراجعة مكثفة وشفافة. ولا تخبر الهيئة الحكومات بما يجب أن تفعله، ولكن هدفها هو توفير أحدث المعارف حول تغير المناخ، ومخاطره المستقبلية، وخيارات تقليل معدل الاحترار العالمي.

لقي أكثر من 200 شخص حتفهم نتيجة الفيضانات التي اجتاحت أوروبا في يوليو/تموز 2021 (غيتي إيميجز)

لماذا يعتبر هذا التقرير ذا شأن كبير؟

تصدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرا كل 7 سنوات أو نحو ذلك -بشكل أساسي عن "حالة المناخ"- يلخص أحدث الأبحاث التي خضعت لمراجعة الأقران حول تغير المناخ وآثاره، وطرق التكيف معه وتخفيفه. والغرض منه هو تزويد الجميع، ولا سيما الهيئات الإدارية العليا، بالمعلومات التي تحتاجها لاتخاذ قرارات مهمة بشأن تغير المناخ.

وقد صدر التقييم السابق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2013، وقد تغير الكثير في غضون السنوات الثماني الأخيرة، فلم تتحسن سرعة الحاسوب ونمذجة المناخ بشكل كبير فحسب، بل إن العلماء يتفهمون كل عام المزيد عن نظام مناخ الأرض والطرق التي تتغير بها المناطق والبشر حول العالم وتعرضهم لتغير المناخ.

أحداث مناخية قاسية شهدها عام 2021 من حرائق الغابات إلى درجات الحرارة الشديدة (بيكسابي)

من أين يأتي البحث؟

لا تجري الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أبحاثها الخاصة بعلوم المناخ، بدلا من ذلك، شارك في التقرير الجديد 234 عالما رشحتهم الحكومات الأعضاء في الهيئة، وهؤلاء العلماء هم خبراء رائدون في علوم الأرض والمناخ.

وهذا التقرير هو الأول من بين 4 تقارير تشكل تقرير التقييم السادس للهيئة الذي يبحث في العلوم الفيزيائية وراء تغير المناخ وتأثيراته، وسيحتوي وحده على أكثر من 14 ألف اقتباس لأبحاث متعلقة بعلوم المناخ المنشورة حتى 31 يناير/كانون الثاني 2021.

هؤلاء العلماء، الذين لم يتم تعويضهم عن وقتهم وجهدهم، تطوعوا لقراءة تلك الأوراق البحثية لتشكيل إجماع علمي حول موضوعات مثل الطقس المتطرف أو التغيرات الإقليمية في ارتفاع مستوى سطح البحر.

وتتسم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالشفافية بشأن عملية المراجعة الخاصة بها، وهذه العملية واسعة النطاق تتم مشاركة مسودات التقرير مع علماء آخرين، وكذلك مع الحكومات، للتعليق عليها. قبل النشر، كان على المؤلفين الـ 234 معالجة أكثر من 75 ألف تعليق على عملهم.

وتقتصر مساهمة الحكومات فقط على التعليق على مسودات التقارير. ومع ذلك، فإن الحكومات لها رأي أقوى في الملخص الأقصر لصانعي السياسات الذي يرافق هذه التقارير، حيث يتعين عليها الاتفاق بالإجماع والدخول في مفاوضات مفصلة حول الصياغة.

20 شركة تعمل بالوقود الأحفوري مسؤولة عن ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (بيكسابي)

ما الشكل الذي قد يبدو عليه المستقبل؟

للحصول على لمحة عن المستقبل، يجري العلماء تجارب باستخدام نماذج الكمبيوتر التي تحاكي مناخ الأرض، وتستخدم الهيئة مجموعة من السيناريوهات لمحاولة فهم الشكل الذي قد يبدو عليه المستقبل.

باستخدام هذه النماذج، يمكن للعلماء أن يجدوا إجابة عن العديد من التساؤلات حول ما الذي يمكن أن يحدث إذا ارتفعت حرارة الكرة الأرضية، وتعمل جميع نماذج المناخ بشكل مختلف قليلا وتنتج نتائج مختلفة.

ولكن إذا تم تشغيل 20 نموذجا مناخيا مختلفا باستخدام الافتراضات نفسها حول مقدار الاحترار وأنتجت نتائج مماثلة، فيمكن للناس أن يكونوا واثقين إلى حد ما في النتائج.

للحصول على لمحة عن المستقبل، يحاكي العلماء مناخ الأرض باستخدام نماذج حاسوبية (بيكسابي)

لماذا يجب أن تهتم؟

انظر حولك. حتى الآن، شهد عام 2021 أحداثا مناخية قاسية قاتلة في جميع أنحاء العالم، من حرائق الغابات الواسعة إلى درجات الحرارة الشديدة، والأمطار الغزيرة والفيضانات السريعة، وسوف تصبح أحداث مثل هذه أكثر شيوعا في عالم يزداد احترارا.

عليك أيضا أن تفهم أن 20 شركة تعمل بالوقود الأحفوري مسؤولة عن حوالي ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لذا، اقرأ التقرير وتعرّف على المصادر الرئيسية لغازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تغير المناخ.

يتطلب ذلك من الحكومات اتخاذ إجراءات الآن، ويمكن للأفراد اتخاذ خطوات لتقليل انبعاثاتهم، بما في ذلك القيادة بشكل أقل، واستخدام المصابيح الموفرة للطاقة، وإعادة التفكير في الخيارات الغذائية.

المصدر : ذا كونفرسيشن + ساينس ألرت + مواقع إلكترونية