المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء الضخمة

الثقوب السوداء فائقة الكتلة تعادل كتلتها ملايين إلى مليارات المرات بالنسبة لكتلة الشمس، وذلك قبل أن يكون للكون حتى 10% من عمره الحالي.

المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء
المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء الضخمة (بيكسابي)

في دراسة نشرتها الدورية العلمية "ذا أستروفيزيكال جورنال ليترز" (The Astrophysical Journal Letters) قال فريق علمي دولي إن المادة المظلمة في الكون قد تكون مسؤولة عن نشأة الثقوب السوداء الضخمة منذ عصور الكون السحيقة.

وبالنظر إلى ما يعرفه علماء الفلك عن معدل نمو الثقوب السوداء، لم يكن هناك ما يكفي من الوقت منذ الانفجار العظيم حتى تنمو بشكل هائل. وقد جاءت تلك النتائج من خلال رصد ومتابعة جزء من المادة "المظلمة الباريونية" (Baryonic dark matter).

المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء
الثقوب السوداء فائقة الكتلة تعادل كتلتها ملايين إلى مليارات المرات بالنسبة لكتلة الشمس (بيكسابي)

اللغز الكوني

يقول التقرير المنشور على موقع "ساينس ألرت" (science alert) إنه ومع اكتساب العلماء قدرة أكبر على التعمق في الكون، وجدوا شيئا مفاجئا للغاية وهو أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة تعادل كتلتها ملايين إلى مليارات المرات بالنسبة لكتلة الشمس، وذلك قبل أن يكون للكون حتى 10% من عمره الحالي.

وهنا يكمن اللغز الكوني -كما يقول التقرير- حيث إنه وبالنظر إلى ما يعرفه العلماء عن معدل نمو الثقوب السوداء، لم يكن هناك ما يكفي من الوقت منذ الانفجار العظيم حتى تنمو بشكل هائل. لذلك يجب أن يكون هناك شيء غريب قد حدث أو كان له بالغ التأثير. ووفقًا للبحث الجديد، قد يكون هذا الشيء الغريب في الكون هو المادة المظلمة.

يقول الفيزيائي الفلكي هاي بو يو من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد (UC Riverside) -في بيان صحفي للجامعة- إن التفكير في الأسباب التي أدت لأن تكون الثقوب السوداء ضخمة جدا في الكون المبكر يطرح سؤالا عن ماهية الآليات الفيزيائية لإنتاج ثقب أسود ضخم بما فيه الكفاية، أو تحقيق معدل نمو سريع بما فيه الكفاية؟

المادة المظلمة واحدة من أعظم ألغاز الكون (وكالة الفضاء الأوروبية)

المادة المظلمة الباريونية

المادة المظلمة واحدة من أعظم ألغاز الكون، والتي لا يعرف العلماء حتى الآن مم تتكون باستثناء جزء من المادة المظلمة الباريونية التي تشكل نسبة صغيرة منها.

ويتكون هذا الجزء من الباريون (Baryon) وهو جسيم ذري مركب عبارة عن جزيئات دون ذرية ثقيلة مثل البروتونات والنيوترونات ومزيج من كليهما، بما في ذلك الذرات العادية غير الباعثة للإشعاعات.

كما قد توجد المادة المظلمة الباريونية في غاز غير مضيء أو في جرم هالي مضغوط ثقيل، أو كائنات مكثفة مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية والأقزام البيضاء والنجوم الخافتة جدا أو الأجسام غير المضيئة مثل الكواكب والأقزام البنية.

المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء
الانهيار المباشر للسحب الغازية الكثيفة يمكن أن يكون أحد النماذج لتشكيل الثقوب السوداء الهائلة (بيكسابي)

لماذا كانت الثقوب السوداء ضخمة جدا؟

الطريقة الوحيدة التي تتفاعل بها المادة المظلمة الباريونية في الكون هي تفاعلها مع الجاذبية، وبالتالي يمكننا ملاحظة تأثيرات الجاذبية في الكون، مثل دوران المجرات والطريقة التي ينحني بها الضوء على طول مجال الجاذبية القوي.

وتوجد معظم المجرات في هالة من المادة المظلمة، وبالتالي فإن الانهيار المباشر للسحب الغازية الكثيفة يمكن أن يكون أحد النماذج لتشكيل الثقوب السوداء الهائلة.

وفي هذا الصدد يرى الفيزيائي الفلكي يو "هذه الآلية لا يمكنها إنتاج ثقب أسود ضخم بما يكفي لاستيعاب الثقوب السوداء الهائلة التي تم رصدها حديثا، ما لم تشهد بذور الثقب الأسود معدل نمو سريعا للغاية".

ويضيف "يقدم عملنا تفسيرا بديلا: حيث تختبر هالة المادة المظلمة ذاتية التفاعل عدم استقرار الجاذبية الحرارية، وتنهار منطقتها المركزية في ثقب أسود على شكل بذرة، وبالتالي تتفاعل المادة المظلمة الباريونية مع الجاذبية، لكنها قد تكون قادرة على التفاعل مع نفسها".

المادة المظلمة قد تكون مسؤولة عن الثقوب السوداء
تنمو بذرة الثقوب السوداء عن طريق تراكم المادة المظلمة الباريونية (بيكسابي)

ويتابع البيان الصحفي سرد سيناريو الفريق العلمي في تفسير تكوين الثقوب السوداء الضخمة، ابتداء من هالة المادة المظلمة التي تتجمع بقوة الجاذبية في الكون المبكر.

وتتنافس سحب الجاذبية الداخلية مع الدفع الخارجي للحرارة والضغط، وبالنسبة للمادة المظلمة غير ذاتية التفاعل فإن الجسيمات التي تتكثف باتجاه مركز الهالة سوف تتسارع تحت تأثير الجاذبية المتزايدة، وترتد تحت الضغط العالي، لأنها غير قادرة على نقل طاقتها إلى جسيمات أخرى.

ولذلك فإن جسيمات المادة المظلمة ذاتية التفاعل ستكون قادرة على نقل الطاقة إلى جسيمات أخرى، مما يؤدي إلى احتكاك المادة المظلمة، وهذا من شأنه أن يتسبب في إبطاء الجسيمات، وتقليل الزخم الزاوي، وتقليص الهالة المركزية، بحيث تنهار في النهاية تحت كتلتها لتكوين بذرة الثقب الأسود.

من هذه النقطة، يمكن أن تنمو البذرة عن طريق تراكم المادة الباريونية، كما قال الباحثون رغم أن "بذرة" المادة المظلمة يمكن أن يكون لها كتلة عالية بما يكفي للسماح للثقب الأسود بالنمو بسرعة. وانطلاقا من هذا التحليل يتجلى تأثير المادة المظلمة ومسؤوليتها عن تكوين الثقوب السوداء الضخمة في الكون المبكر.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية