فريق دولي يحول "نوى" التمر إلى وقود حيوي بطريقة مستدامة وأقل تكلفة

المشكلة التي تواجه إنتاج الوقود الحيوي هي التكلفة حيث إن العامل المحفز في التفاعل غال للغاية ويستخدم مرات قليلة ويتم بعد ذلك استبداله

الزيت الناتج عن نوى البلح يمكن تحويله إلى وقود حيوي بطريقة مستدامة وبتكلفة أقل (شترستوك)

مازالت مشكلة الطاقة تؤرق مضاجع العلماء والباحثين، مثلما تزعجهم عملية التخلص من النفايات الصناعية في الوقت نفسه، ومن المتوقع أن يؤدي استخدام الكتلة الحيوية للنفايات لإنتاج الديزل الحيوي مصدرا للطاقة المستدامة إلى حل تلك المشكلات.

ومؤخرا، نجح فريق بحثي دولي شارك فيه المصري الدكتور أحمد إبراهيم الباحث بجامعة "كوينز" (Queen’s University) بالمملكة المتحدة في التوصل إلى طريقة لإنتاج الديزل الحيوي "البيوديزل" من مخلفات نفايات صناعة التمر.

وسلطت دراسة الفريق -التي ستنشر في دورية "رينيوبال إنيرجي Renewable Energy" في عدد يونيو/حُزيران القادم- الضوء على تخليق محفز صلب عالي الفاعلية، وقابل لإعادة التدوير مغناطيسيا لتحويل زيت نوى البلح المتبقي كنفايات من صناعة التمور إلى وقود الديزل الحيوي.

طريقة إنتاج الديزل الحيوي من نوى البلح (الجزيرة)

دراسة تقنية بيئية

نجح الباحثون في تصميم برنامج لإنتاج وقود الديزل الحيوي وتحسينه، وأظهرت النتائج العملية والرياضية مطابقة جيدة في تفاعل الأسترة، وهو تفاعل كيميائي يؤدي إلى تشكيل إستر ester، وهو صنف من المركبات الكيميائية العضوية يُنتَج من تفاعل كحول مع حمض، وأظهر المحفز المغناطيسي مردود وقود حيوي بنسبة 90% في وقت مكوث منخفض.

وفي سؤال للجزيرة نت عبر وسائل التواصل حول التقييم الاقتصادي لإنتاج الديزل الحيوي بالطريقة الجديدة مقارنة بالمتاح حاليا، أفاد الدكتور إبراهيم بأن "الدراسة الموجودة في البحث تقنية وبيئية، ونعمل الآن على تطبيقها فعليا على أرض الواقع".

وأضاف الباحث أن المشكلة التي تواجه إنتاج الوقود الحيوي وغلاء تكلفته حاليا هي أن العامل المحفز غال للغاية، ويستخدم مرات قليلة، ويتم بعد ذلك استبداله.

والابتكار في بحثهم المنشور هو التوصل لعامل محفز يسهل فصله بالمغناطيس، وبالتالي يعود جديدا بعد استعماله كل مرة، ليتم استخدامه مرات عديدة في إنتاج الديزل الحيوي. وهذا سوف يؤثر على التكلفة ويقللها بحد كبير.

وقد استخدم العامل المحفز في هذه الدراسة أكثر من 16 مرة ورجع كما هو، وبالتالي يمكن استخدامه كثيرا في إنتاج الوقود الحيوي.

ساهم الباحث إبراهيم في تخليق محفز عالي الفاعلية وقابل لإعادة التدوير يقلل تكلفة إنتاج الوقود الحيوي (مواقع التواصل)

نوى التمر والاقتصاد الدائري

نواة البلح (بذرة نخيل التمر) جسم صلب يحتل وسط الثمرة، وشكلها مستطيل مدببة الطرفين بنيّة اللون، ولها أسماء عديدة تختلف باختلاف المناطق، والبذرة تمثل الجزء غير المأكول، وتتراوح نسبتها بين 4 و20% من إجمالي وزن الثمرة حسب الصنف، وقد تتأثر هذه النسبة بمصدر حبوب اللقاح والعمليات الزراعية.

وتدفعنا الزيادة المستمرة، في الطلب على مصادر الطاقة البشرية، إلى الانتقال من النظم الإيكولوجية الخطية القائمة على الوقود الأحفوري إلى نهج الاقتصاد الدائري (Circular Economy).

والاقتصاد الدائري مصطلح عام يعني الاقتصاد الصناعي الذي لا ينتج نفايات أو يحدث تلوثا، من بداية تصميمه. ويشمل التحول من الوقود الأحفوري إلى استخدام الطاقة المتجددة، والتثمين المستدام والفعال لموارد الكتلة الحيوية من الموارد المتجددة في سلاسل إنتاج متكاملة ومتعددة المخرجات، والتأكيد على دور التنوع كإحدى سمات الأنظمة المرنة والمنتجة.

وتعليقا على تحدي تراجع الاهتمام عالميا بموضوع الوقود الحيوي، في الوقت الذي تغزو فيه العالم السيارات الكهربائية، والتي تعتبر بديلا مقبولا للتغلب على مشاكل الوقود الأحفوري، أفاد الدكتور إبراهيم بأنه "حتى الآن فإن 90% من إنتاج الكهرباء المستخدمة في سيارات الكهرباء ناتج عن حرق الفحم والوقود الأحفوري، ومن ثم فإن المشكلة مازلت قائمة".

واختتم تصريحاته بالقول "مشكلة الوقود الحيوي الآن أن التكنولوجيا المستخدمة فيه غالية الثمن جدا، وبالتالي ليس له الأفضلية. ولكن المستقبل يبشر باستخدامه وبقوة في حال ضبط تكنولوجيا جديدة ورخيصة.. وهذا ما نعمل عليه الآن".

المصدر : الجزيرة