العلماء يكتشفون علاجا جديدا للملاريا الشديدة من السم العصبي للحلزون البحري

تسهم الدراسة في توسيع الاستخدام الدوائي لسموم الحلزون من خلال كشف قدرتها على تعطيل تفاعلات البروتين والسكريات التي تسهم بشكل مباشر في الأمراض

اللدغة السامة للحلزونات البحرية المدرعة تحتوي على مركبات غريبة لها إمكانات طبية قوية (فريد فلوجر - يوريك ألرت)

تحتوي الطبيعة على تناقضات رائعة، ومثيرة للدهشة يكشف عنها العلماء بين الحين والآخر، يندرج أسفل ذلك، المادة السامة العصبية التي يحتوي عليها الحلزون المخروطي، والتي تعد شيئا خطيرا جدا بالنسبة للبشر، وقاتلة في بعض الأحيان.

في دراسة جديدة منشورة في دورية "جورنال أوف بروتيوميكس" (Journal of Proteomics)، وجد العلماء أن المكونات الجزيئية لسم الحلزون المخروطي لديها القدرة على علاج الحالات الشديدة من الملاريا، عن طريق تثبيط نشاط المتصورة المنجلية (Plasmodium falciparum)، الطفيل الأولي الذي يسبب أحد أنواع المرض.

اكتشف العلماء لسنوات أن اللدغة السامة لهذه الحلزونات البحرية المدرعة تحتوي على مركبات غريبة لها إمكانات طبية قوية، مع تطبيقات يمكن أن تساعدنا في علاج السرطان، وتطوير أنواع جديدة من المسكنات، وربما مكافحة جميع أنواع الأمراض.

الآن، تم تحديد حالة استخدام أخرى، وهي الملاريا، الآفة التي تؤثر على مئات الملايين من الأرواح سنويا، وفقا لما يشير إليه تقرير عن الدراسة على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) في 22 فبراير/شباط الماضي.

القواقع المخروطية

يقول فرانك ماري -عالم الكيمياء الحيوية من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في ولاية ميريلاند (National Institute of Standards and Technology in Maryland)- "من بين أكثر من 850 نوعا من القواقع المخروطية، هناك مئات الآلاف من الببتيداز الخارجية (exopeptides) السامة المتنوعة التي تم تطويرها على مدار ملايين السنين للقبض على الفرائس وردع الحيوانات المفترسة".

يمكن استكشاف هذه المكتبة الجزيئية الضخمة من الببتيدات المتكونة للاستخدام المحتمل كأدلة علاجية ضد الأمراض المستمرة والناشئة التي تؤثر على الأنظمة غير القابلة للاستثارة.

وفي الدراسة الجديدة التي قادها ألبرتو باديلا -المؤلف الأول من جامعة فلوريدا أتلانتيك (FAU)- كان الباحثون مهتمين بحلزون مخروطي واحد على وجه الخصوص، وهو "كونس ناكس" (Conus nux).

جمع الباحثون عينات من حلزون البحر قبالة ساحل المحيط الهادي لكوستاريكا، وقاموا بتحليل تركيبة سمومه، والتي تسمى في حالة الحلزون المخروطي، الببتيدات السامة العصبية، التي تستهدف على وجه التحديد البروتينات السطحية للخلايا، والتي يكون لها أحيانا تأثير كارثي على الحيوانات المواجهة لحلزون (C.nux).

ويعتقد العلماء أن الآليات الغامضة الكامنة وراء سم الحلزون المخروطي قد يكون لها أيضا إمكانات علاجية هائلة، إذ يقول أندرو أولينيكوف -باحث الطب الحيوي في جامعة (FAU)- إنه تمت دراسة السموم الخبيثة بقوة لعقود من الزمن باعتبارها أدوية تستهدف الجهاز العصبي المركزي.

في سم الحلزون المخروطي (C. nux)، 6 عوامل تُعطل تفاعلات البروتين التي تعزز الالتحام الخلوي في خلايا المتصورة المنجلية (فريد فلوجر – يوريك ألرت)

الملاريا الشديدة

في حالة العدوى الشديدة بالملاريا بسبب المتصورة المنجلية، فإن المشكلة التي يسعى العلماء لحلها هي إيجاد طريقة لمنع الالتصاق الخلوي لخلايا الدم المصابة، المعروفة أيضا باسم كريات الدم الحمراء، والتي تستمر حتى بعد قتل الطفيليات بواسطة العلاج.

وفقا للباحثين في الدراسة الجديدة، فإن الترابط الخلوي بين كريات الدم الحمراء المصابة بالبكتيريا المنجلية (IE) ومستقبلات المضيف، هو العامل الرئيسي في ضراوة المتصورة المنجلية.

والبحث عن طرق جديدة لمنع التصاق المتصورة المنجلية بالمستقبلات في الأوعية الدموية يمكن أن يجعل العلاجات الكيميائية الحالية والمستقبلية أكثر فعالية ويسهم في التغلب على التحدي المتمثل في التطور السريع لمقاومة الأدوية التي أظهرتها المتصورة المنجلية.

حدد الباحثون في اختباراتهم لسم الحلزون المخروطي (C. nux)، 6 عوامل لهذا السم، يمكنها أن تعطل تفاعلات البروتين التي تعزز الالتحام الخلوي في خلايا المتصورة المنجلية، وتحديدا عن طريق تثبيط بروتين غشاء كرات الدم الحمراء الذي يسمى (PFEMP-1).

وفي حين أن هذه النتائج لم تُشاهد حتى الآن إلا في المختبر، فإن الباحثين يقولون إن الاكتشاف يمكن أن يساعد في تمهيد الطريق لمستحضرات صيدلانية مستقبلية قد تعالج الحالات الشديدة من الملاريا، وربما تعالج أمراضا أخرى تعتمد على أشكال مماثلة من الارتباطات القائمة على البروتين، بما في ذلك السرطان والإيدز و"كوفيد-19″ (COVID-19).

ويضيف المؤلفون أن هذه النتائج تسهم في توسيع الامتداد الدوائي للسموم المخروطية من خلال الكشف عن قدرتها على تعطيل تفاعلات البروتين والسكريات التي تسهم بشكل مباشر في الأمراض.

المصدر : الصحافة الأسترالية