كيف نجح الحبار في اختبار المارشميلو؟

الهدف الأساسي لتجربة المارشميلو يكمن في فهم تطور القدرة على تأجيل الرغبات وتوضيح مدى تطور القدرات المعرفية مثل التخطيط المستقبلي

الحبار حيوان بحري يتبع طائفة رأسيات الأرجل وله صدفة كلسية داخلية ويعتبر من أذكي الحيوانات اللافقارية (غيتي)

عزز اختبار جديد لذكاء الحبار مدى أهمية عدم التقليل من الذكاء الحيواني، حيث خضع الحبار لنسخة جديدة من اختبار المارشميلو، وهو اختبار إدراكي مصمم لأطفال البشر، ويبدو أن النتائج تظهر أن هناك المزيد مما يحدث في أدمغة رأسيات الأرجل الصغيرة الغريبة أكثر مما كنا نعتقد في السابق.

وأظهرت الدراسة المنشورة في دورية "بروسيدنغز أوف ذا رويال سوسيتي بي" (Proceedings of the Royal Society B) في الثالث من مارس/آذار الجاري أن قدرة الحبار على التعلم والتكيف ربما تطورت لإعطائه ميزة إضافية في العالم البحري الذي يأكل أو يُؤكل.

تجربة المارشميلو

تجربة "مارشميلو ستانفورد" ببساطة هي تخيير الطفل بين قطعة مارشميلو (وهي نوع من السكاكر إسفنجية القوام) ليتناولها على الفور، أو قطعتين إذا استطاع أن ينتظر فترة قصيرة من الوقت، حوالي 15 دقيقة.

وتم إجراؤها للمرة الأولى تحت إشراف عالمي النفس الأميركيين والتر ميشيل وإيبي ايبسون في جامعة ستانفورد عام 1960، وكان الهدف الأساسي للتجربة هو فهم متى تتطور قدرة تأجيل الرغبات للحصول على شيء ما يريده المرء، حيث تظهر إمكانية تأخير الإشباع القدرات المعرفية مثل التخطيط المستقبلي.

يتم تخيير الطفل بين قطعة مارشيملو يتناولها على الفور أو يأخذ قطعتين إذا استطاع الانتظار فترة قصيرة (فلوكين-بيكساباي)

وأوضحت الدراسات المتابعة أن الأطفال الذين استطاعوا الانتظار مدة أطول للحصول على مكافآت أكبر، كانت لديهم حياة علمية أفضل، وكتلة عضلية أفضل وغيرها من مقاييس الحياة.

ولأن التجربة بسيطة للغاية، ويمكن تعديلها لتلائم الحيوانات، ومن الواضح أنه لا يمكنك إخبار حيوان أنه سيحصل على مكافأة أفضل إذا انتظر، فيمكنك تدريبه على فهم أن طعاما أفضل قادما إذا لم يأكل الطعام الذي أمامه على الفور.

تجربة الحبار

يُسمّى الحبار في بعض دول الخليج العربي باسم الخثّاق، والحَبَابير حيوانات بحرية تتبع طائفة رأسيات الأرجل من شعبة الرخويات، ولها صدفة كلسية داخلية وتتغذي على الرخويات والسرطان والجمبري (الروبيان) والديدان وأنواع الحبار الأخرى، ومدة حياتها تتراوح بين سنة وسنتين.

وصمم فريق دولي من الباحثين في قسم علم النفس بجامعة كامبريدج البريطانية (University of Cambridge)، وكلية ريبون (Ripon College) الأميركية، ومركز يوجين بيل الأميركي (Eugene Bell Center) اختبارا لـ6 حبارات، وتم وضعها في خزان خاص به حجرتان مغلقتان ‏ولهما أبواب شفافة حتى تتمكن الحيوانات من رؤية ما في الداخل وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع يوريك ألرت (Eurek Alert).

في إحدى الغرف كانت الوجبات الخفيفة قطعة من الجمبري‏ الأقل تفضيلا، وكان الجمبري العشبي الحي، وهو الأكثر إغراء ‏ في ‏الحجرة الأخرى‎.‎ وكانت على الأبواب رموز الدائرة، وتعني أن الباب سيفتح على ‏الفور، والمثلث ويعني أن الباب سيفتح بعد فترة زمنية تتراوح بين 10 و130 ثانية، والمربع ويعني أن الباب سيبقي مغلقا إلى أجل غير مسمى‎.‎

وفي حالة الاختبار، تم وضع الجمبري خلف الباب المفتوح، بينما لم يكن من الممكن الوصول إلى ‏الجمبري الحي إلا بعد تأخير. إذا ذهب الحبار إلى الجمبري، تتم إزالة الجمبري العشبي الحي على الفور‎.‎ وفي المجموعة الضابطة، ظل الجمبري العشبي الحي خلف الباب ذي الرمز المربع ‏الذي لم يفتح‎.‎

اختبار القدرة على التعلم

ووجد الباحثون أن جميع الحبارات في حالة الاختبار قررت انتظار طعامها المفضل (الجمبري العشبي الحي)، ‏وكان الجزء الآخر من التجربة هو اختبار مدى قدرة الحبارات ‏الستة على التعلم. وتم عرض اثنين من الإشارات المرئية المختلفة، مربع رمادي وآخر أبيض. عندما يقترب أحدهم، يتم إخراج الآخر من الخزان؛ وإذا اتخذا الخيار "الصحيح"، تتم مكافأتهم بوجبة خفيفة.

الحبار يقضي معظم وقته في التمويه والجلوس والانتظار وتتخلل ذلك فترات وجيزة من البحث عن الطعام (غيتي)

وأشار فريق من الباحثين بقيادة عالمة البيئة السلوكية ألكسندرا شنيل من جامعة كامبريدج إلى أن الحبار يقضي معظم وقته في التمويه والجلوس والانتظار، وتتخلل ذلك فترات وجيزة من البحث عن الطعام، لذلك يمكن للحبار أن يحسن طريقته في البحث عن الطعام عن طريق الانتظار لاختيار طعام أفضل جودة.

وأظهرت النتائج أن الحبار يمكنه أن يمارس ضبط النفس، وأنه من أذكى اللافقاريات، وأثبت البحث أنه مثال رائع على كيف يمكن أن تؤدي أنماط الحياة المختلفة جدا إلى سلوكيات وقدرات معرفية متشابهة، ولهذا يخطط الفريق البحثي حاليا لدراسة إذا كان الحبار قادرا بالفعل على التخطيط للمستقبل.

المصدر : الصحافة الأسترالية + الصحافة الأميركية