كنز من البيانات الزلزالية غير المستغلة في أصداء غناء الحيتان

استخدام نداءات الحيتان الطبيعية أقل إضرارا بالبيئة البحرية، وأبسط من الأساليب الأخرى، عندما يتعلق الأمر باكتشاف ما يحدث في قاع المحيط

الحيتان الزعنفية fin whales
عشرات الآلاف من الحيتان الزعنفية تنتشر في جميع محيطات العالم، وغناؤها من أقوى الأصوات (شترستوك)

كشفت دراسة جديدة أجريت في شمال شرق المحيط الهادي، أن شكل ارتداد صدى غناء الحيتان الزعنفية عن قاع البحر يمكن أن يصبح أداة مفيدة للعلماء الذين يقومون بدراسة الرواسب والصخور التي تشكل قشرة الأرض.

الدراسة قام بها فريق من جامعة ولاية أوريغون (Oregon State University) الأميركية ونشرت في دورية "ساينس" (Science) في 12 فبراير/شباط الجاري.

كنز غير مستغل

مع انتشار عشرات الآلاف من الحيتان الزعنفية (fin whales) في جميع المحيطات حول العالم، يعد هذا الغناء من أقوى الأصوات وأكثرها انتشارا في المحيط، ويمكن أن يعود بالنفع على عمليات المسح الجارية، أو في استكمال النقص الحاصل بسبب صعوبة -أو خطورة- استخدام النهج التقليدي لمدفع الهواء على الحياة البحرية.

وعادة ما يستخدم مدفع الهواء في عمليات مسح الانعكاس والانكسار البحري، ويتكون من غرفة هوائية واحدة أو أكثر يتم ملؤها بالهواء المضغوط ويتم غمر مدافع الهواء تحت سطح الماء ويتم سحبها خلف سفن البحوث الزلزالية.

ويمكن وضع مقاييس الزلازل في قاع المحيط لالتقاط أصداء وتقلبات نداءات الحيتان الزعنفية، مما يكشف عن سمك القشرة الأرضية في القاع، بالإضافة إلى المعلومات الزلزالية الأخرى التي تساعد في البحث العلمي.

يقول عالم الجيوفيزياء جون نابلك -من جامعة ولاية أوريغون في البيان الصحفي للجامعة- "استخدم الإنسان في الماضي نداءات الحيتان لتتبعها ودراسة سلوكها، ونعتقد أنه يمكننا أيضا دراسة بنية الأرض باستخدام هذه النداءات. فإذا نظرنا جيدا إلى بيانات مقياس الزلازل بعد كل نداء للحوت، فسنلاحظ وجود بيانات تدل على بنية الأرض".

رسم توضيحي للحيتان
ارتداد صدى أصوات غناء الحيتان يكشف عن الأنشطة الزلزالية لقاع المحيط (الصحافة الأجنبية)

الإشارات المرتدة

كان نابلك وزملاؤه يدرسون الزلازل بالقرب من منطقة صدع بلانكو (Blanco Fracture Zone) قبالة ساحل ولاية أوريغون، باستخدام شبكة من 54 مقياسا للزلازل، عندما لاحظوا قراءات واضحة تتزامن مع وجود الحيتان بالمنطقة.

وكشف تحليل إضافي لـ6 نداءات أن غناء الحيتان تحت الماء -والذي يمكن أن يكون صاخبا كالسفن الكبيرة، ويمكن أن يستمر لمدة 10 ساعات أو أكثر- يرتد عن قاع المحيط كموجات زلزالية، قبل أن ينعكس وينكسر بواسطة رواسب المحيط، وطبقة البازلت أدناه، والقشرة السفلية المكونة من مادة الغابرو.

ويمكن أن تدلنا بنية هذه الإشارات المرتدة إلى تقدير بنية قشرة المحيط، كما أكد الباحثون أن البيانات من إشارات الحيتان هذه تتوافق مع الظواهر العلمية الأخرى للمنطقة.

يقول نابلك "تزيد هذه الطريقة من الاستفادة من البيانات التي يتم جمعها بالفعل، كما توضح أن أصوات الحيوانات ليست مفيدة لفهم سلوك الحيوانات فقط، ولكن أيضا لفهم بيئتها".

حوت العنبر sperm whale
الباحثون يقترحون دراسة غناء أنواع أخرى من الحيتان، مثل حوت العنبر (شترستوك)

إضافة لطرق البحث

ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لجعل هذه الطريقة قابلة للاستخدام، حيث إن أصوات غناء الحيتان الزعنفية لا توفر مسحا عالي الدقة كطرق المسح الزلزالي الأخرى مثل مدفع الهواء على سبيل المثال.

لذلك لن تحل هذه الطريقة محل التكنولوجيا المستخدمة حاليا بشكل كامل، إلا أن ما قد تضيفه هذه الطريقة هو إعطاء العلماء نظرة أكثر تفصيلا لقشرة الأرض في قاع المحيط والصدوع الزلزالية التي تؤدي إلى الهزات الأرضية وأمواج تسونامي، كما يقترح الباحثون أنه يمكن أيضا استخدام غناء أنواع أخرى من الحيتان، مثل حوت العنبر.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي يعد أحد الخيارات لأتمتة بعض هذه التحليلات، فاستخدام نداءات الحيتان الطبيعية هي بالتأكيد طريقة أقل إضرارا بالبيئة البحرية، وأبسط من الأساليب الأخرى، عندما يتعلق الأمر باكتشاف ما يحدث في قاع المحيط.

يقول نابلك "ما اكتشفناه هو أن نداءات الحيتان قد تكون بمثابة إضافة لطرق البحث الزلزالية التقليدية قليلة الفاعلية".

المصدر : الصحافة الأسترالية + مواقع إلكترونية