عاش قبل ألف قرن.. اكتشاف غرفة كهف بجبل طارق يلقي الضوء على ثقافة إنسان "نياندرتال"

البحث يدور حول أكثر من مجرد العثور على الهياكل العظمية، إنه يتعلق بمعرفة إنسان "نياندرتال" وطريقة عيشه، وكيف نجا، وكيف مات.

عثر على الغرفة في كهف "فانغارد" وهي جزء من مجمع كهف "غورام" (موقع حكومة جبل طارق)

أوردت صحيفة "غارديان" (The Guardian) البريطانية -بتقريرها المنشور في 28 سبتمبر/أيلول الماضي- أن باحثين ينقبون في شبكة كهوف على صخرة جبل طارق اكتشفوا غرفة جديدة معزولة عن العالم لما لا يقل عن 40 ألف عام، يمكن أن تلقي الضوء على ثقافة وعادات إنسان "نياندرتال" (Neanderthals) الذي احتل المنطقة ألف قرن.

غرفة إضافية

وأوضحت أنه في 2012، بدأ الخبراء بفحص كهف "فانغارد" (Vanguard)، وهو جزء من "مجمع كهف غورام" (Gorham’s Cave complex)، لتحديد أبعاده الحقيقية ومعرفة ما إذا كان يحتوي على ممرات وغرف تم سدها بواسطة الرمال.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، صادف الفريق -بقيادة عالم الأحياء التطوري البروفيسور "كليف فينلايسون" (Clive Finlayson) الذي يعمل مديرا لـ"متحف جبل طارق الوطني" (Gibraltar National Museum)- فجوة في الرواسب، ثم وسّعوها وزحفوا خلالها. وقادتهم إلى مساحة 13 مترا في سقف الكهف حيث تتدلى الهوابط من السقف وتشير الستائر الصخرية المكسورة إلى أضرار من زلزال قديم.

مداخل الكهوف التي تشكل معا مجمع كهف غورام (موقع متحف جبل طارق)

وقال فينلايسون للصحيفة إنها "غرفة لا بأس بها، الأمر أشبه باكتشاف قبر "توت عنخ آمون"؛ أنت ذاهب إلى فضاء لم يدخله أحد منذ 40 ألف عام. إنه أمر واقعي للغاية". وقد تناثرت عبر سطح الغرفة عظام ساق "الوشق"، وفقرات من الضبع المرقط، وعظم الجناح الكبير لنسر "غريفون" (griffon).

وأضاف فينلايسون "كان هناك شيء ما، سحب الأشياء إلى هناك منذ وقت طويل، لقد وجدنا أيضا 6 أو 7 أمثلة لعلامات مخالب مخدوشة على جدران الكهف، وعادة ما يرتبط هذا النوع من علامة المخلب بالدببة، ولدينا بقايا دب في الكهف، لكنها تبدو صغيرة بعض الشيء. بالنسبة لي أتساءل عما إذا كان هذا الوشق الذي وجدنا عظمه قد قام بخدش الجدران بالفعل".

وعلى الرغم من أن العظام -التي لم تظهر أي جروح أو علامات تشير لتدخل بشري- مثيرة للاهتمام في حد ذاتها، وجد الفريق أيضا قوقعة حلزونية كبيرة لكلب تثير احتمالات محيرة.

وقال فينلايسون إن "هذا الجزء من الكهف ربما يكون على ارتفاع 20 مترا فوق مستوى سطح البحر اليوم، لذلك من الواضح أن شخصا ما قد أخذها إلى هناك قبل 40 ألف عام. وهذا يؤشر بالفعل إلى أن بشرا كانوا هناك".

دليل واضح على الوجود البشري

وفي أماكن أخرى من الكهوف، اكتشف الفريق أدلة كثيرة على وجود الإنسان البدائي هناك، من المواقد والأدوات الحجرية إلى بقايا الحيوانات المذبوحة بما في ذلك الغزلان الحمراء والوعل والفقمات والدلافين. وقبل 4 سنوات، عثر الباحثون على أسنان لبن لطفل "نياندرتالي" يبلغ من العمر 4 سنوات في منطقة ترتادها الضباع.

وقال فينلايسون "ما زلنا نبحث، ولكن لم يكن هناك وجود من قبل لإنسان "نياندرتال" على هذا المستوى، لذلك نشك في أن الضباع قد حصلت على الطفل وقتلته وسحبته إلى مؤخرة الكهف، نحن نتطلع لمعرفة ما إذا كان هناك المزيد من أجزاء هذا الطفل". ويأمل الفريق أن يؤدي حفرهم من قمة الكهف إلى غرف جانبية وربما حتى موقع دفن غريب.

وأضاف فينلايسون أن "أحد الأشياء التي وجدناها على مستويات عديدة من هذا الكهف هو دليل واضح على الوجود البشري، مثل نيران المخيمات وما إلى ذلك، ولكن ما لم نعثر عليه هو المكان الذي دفنوا فيه".

ويجري التخطيط لجهود إضافية للاستكشاف والتنقيب بشكل أكبر، لكن يعتقد الباحثون أن المنطقة الجديدة يمكن أن تسفر عن أدلة ثمينة حول وجود إنسان "نياندرتال" المتوسطي الساحلي ومجتمعه.

حفر إنسان "نياندرتال" على سقف الكهف (موقع متحف جبل طارق)

وقال فينلايسون "قدمت لنا هذه الكهوف قدرا كبيرا من المعلومات حول سلوك هؤلاء الأشخاص، وبعيدا عن النظرة القديمة للكائنات الوحشية التي تشبه القرد، فإننا ندرك أنهم كانوا بشرا من جميع النواحي وقادرون على القيام بمعظم الأشياء التي يستطيع الإنسان الحديث القيام بها. نحن نعلم حتى أنهم كانوا يتبادلون الجينات".

وبالنسبة للبروفيسور، فإن البحث يدور حول أكثر من مجرد العثور على الهياكل العظمية، إنه يتعلق بمعرفة من هو إنسان نياندرتال، وكيف عاش، ونجا، وكيف مات.

المصدر : غارديان + مواقع إلكترونية