اختراق علمي.. تقنية جديدة مستدامة لتحلية المياه في أقل من 30 دقيقة

تنقية المياه باستخدام الأطر الفلزية وضوء الشمس توفر استهلاك الطاقة (بيكساباي)

في اكتشاف يمكن أن يوفر مياه صالحة للشرب لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، تمكن فريق بحث دولي من تحويل المياه قليلة الملوحة ومياه البحر إلى مياه شرب آمنة ونظيفة في أقل من 30 دقيقة باستخدام الأطر الفلزية العضوية (MOFs) وأشعة الشمس.

لم يكن الباحثون قادرين فقط على ترشيح الجسيمات الضارة من الماء وتوليد 139.5 لترا من المياه النظيفة لكل كيلوغرام من الأطر الفلزية العضوية المستخدمة يوميا فحسب، بل استطاعوا أيضا إنجاز هذه المهمة بطريقة موفّرة للطاقة أكثر من مثيلاتها المستخدمة لتحلية المياه حاليا.

جاء ذلك وفقا لدراسة نشرتها دورية "نيتشر ساستينابلتي" (Nature Sustainability) في العاشر من أغسطس/آب الحالي.

معايير قياسية لمياه الشرب

تضع منظمة الصحة العالمية معايير قياسية للمياه الصالحة للشرب، من بينها أن يكون إجمالي المادة الصلبة المذابة (مصطلح يعبر عن مجموع المواد العضوية وغير العضوية الموجودة في الماء، ويستخدم عادة لوصف مدى صلاحية المياه للشرب) بها أقل من 600 جزء في المليون.

وتمكن الباحثون من الوصول بإجمالي المادة الصلبة المذابة إلى أقل من 500 جزء في المليون، وذلك في 30 دقيقة فقط. وباستخدام أشعة الشمس، تمكن الباحثون من إعادة استخدام الأطر الفلزية العضوية في خلال 4 دقائق.

Water purification
عمليات تحلية المياه التقليدية تستهلك الكثير من الطاقة (CK-12 Foundation)

وصرح هانتينغ وانغ -المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة موناش في أستراليا- في البيان المنشور في موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert) بأن "هذا العمل يفتح بابا جديدا لتصميم المواد المستجيبة للمحفزات من أجل تنقية المياه بشكل مستدام وموفر للطاقة".

ويضيف الدكتور وانغ "تم استخدام تقنية إزالة الملوحة (يقصد بذلك سلسلة العمليات الصناعية التي تجري لإزالة الأملاح والمعادن الذائبة بشكل جزئي أو كلي) لمعالجة نقص المياه المتصاعد على مستوى العالم".

ويضيف "يمكننا الاعتماد على عمليات إزالة الملوحة نظرا لوفرة المياه قليلة الملوحة ومياه البحر، ومن ثم يمكن دمج المياه المُعَالَجَة في الأنظمة المائية القائمة بأقل مخاطر صحية ممكنة".

وعن مقارنة عملية التحلية الحالية بنظيراتها، يقول وانغ "تستهلك عمليات التحلية الحرارية بالتبخير كثيرا من الطاقة، كما أن لعمليات التحلية باستخدام التناضح العكسي عددا من السلبيات؛ من بينها الاستخدام المجحف للطاقة، واستخدام مواد كيميائية لتنظيف أغشية التنقية وإزالة الكلور".

أطر مستجيبة لضوء الشمس

الأطر الفلزية العضوية مجموعة من المركبات التي تتكون من الأيونات الفلزية التي تتشكل مكونة مادة بلورية ذات مساحة سطح أكبر من أي مادة معروفة أخرى.

والجدير بالذكر أن زيادة مساحة سطح أغشية التنقية يعني زيادة كفاءتها. ولأن الأطر الفلزية المستخدمة ذات مسامية كبيرة، فإنها تستطيع أن تدمج سطحا بحجم ملعب كرة قدم في ملعقة صغيرة.

Twhair, took this picture while on a tour of the North Cape Coral RO facility in 2006 while serving as a city councilmember.
تحلية المياه باستخدام التناضح العكسي تستخدم المواد الكيميائية لتنقية الأغشية (Twhair)

استطاع الفريق تصنيع إطار فلزي عضوي، أطلقوا عليه اسم (PSP-MIL-53)، ذي خصائص قادرة على امتزاز الجزيئات مثل الماء وثاني أكسيد الكربون. ويقصد بالامتزاز التصاق الذرات أو الأيونات أو الذرات على أحد الأسطح.

ويستطيع الكيلوغرام الواحد من هذا الإطار إنتاج 139.5 لترا من المياه العذبة يوميا بأقل استهلاك للطاقة. لأجل ذلك استخدم العلماء "ضوء الشمس؛ مصدر الطاقة الأكثر وفرة وتجددا، لتطوير عملية تحلية جديدة معتمدة على المُمْتَزّات وموفرة للطاقة ومستدامة"، كما يقول وانغ.

آفاق مستقبلية أكثر استدامة

حول هذه الدراسة يعلق وانغ قائلا "لقد أثبتت هذه الدراسة بنجاح أن الأطر الفلزية العضوية المستجيبة للضوء هي مادة واعدة وموفرة للطاقة ومُمْتَز مستدام صالح لتحلية المياه"؛ وبالتالي فإن هذا قد يوفر حلولا أطول عمرا واستدامة لتحلية المياه في المستقبل.

شكل امتزاز الجزيئات على أسطح الأطر الفلزية العضوية (المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا–كايست)

ويضيف وانغ "تقدم هذه الدراسة طرحا جديدا من أجل تصميم مواد وظيفية تستخدم الطاقة الشمسية، وذلك لتقليل الطلب على الطاقة وتحسين استدامة تحلية المياه".

ويُحتمل بأن توفر هذه الأطر الفلزية المستجيبة لأشعة الشمس "منافع أخرى تجعلها بديلا أكثر أمنا وصداقة للبيئة، مثل استخراج المعادن من أجل تعدين مستدام"، كما يقول وانغ.

المصدر : الصحافة الأميركية