توطين للعلم أم دعاية.. مسبار الإمارات المريخي في الميزان

انطلق صباح 20 يوليو/تموز الجاري من اليابان الصاروخ الحامل لمسبار الأمل (يوتيوب)

انطلق صباح أمس الاثنين 20 يوليو/تموز الجاري من مركز تانيغاشيما الفضائي في جنوب اليابان، مسبار "الأمل " -أو "هوب" (Hope) كما سمي بالإنجليزية- كأول مهمة فضائية إماراتية غير مأهولة، تستهدف الوصول إلى مدار حول المريخ.

وبحسب بيان شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة التي صنعت المسبار، فقد تم إطلاق صاروخ الإطلاق "إتش تو إيه إف 42" (H-IIA F42) الذي يحمل على متنه مسبار "الأمل" التابع لبعثة الإمارات للمريخ ((Emirates Mars Mission (EMM)، في الساعة 6:58:14 بتوقيت اليابان (21:58 بتوقيت غرينتش).

مسار المسبار وأهدافه

وبحسب تقرير وكالة الأنباء الفرنسية الذي نقله موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فإنه يتوقع أن يصل المسبار الإماراتي إلى مدار المريخ بحلول فبراير/شباط 2021، أي بعد 7 أشهر تقريبا، ليدور حول الكوكب الأحمر لمدة عام مريخي كامل، أو 687 يوما.

والمشروع الإماراتي هو أحد 3 مشاريع تتجه إلى المريخ في الفترة الحالية، تشمل مشروع "تيانوين-1″ الصيني (Tianwen-1)، و"مارس 2020 الأميركي" (Mars 2020).

وحسبما يفيد موقع ويكيبيديا (Wikipedia)، فإن المسبار الإماراتي كان قد بني في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، وشارك في تطويره علماء من جامعات كولورادو بولدر وولاية أريزونا كاليفورنيا بيركلي الأميركية، وضمّ فريق العمل 200 مهندسا إماراتيا و200 مهندسا وعالما أميركيا.

ويبلغ وزن المسبار 1350 كلغ شاملا الوقود، ويحتاج إلى 600 واط من الطاقة لشحن بطارياته، ولغرض الاتصال يستخدم المسبار هوائيا بقطر 1.5 متر ينتج موجة راديوية ضيقة تشير إلى الأرض.

ويهدف المسبار في المدى القريب إلى تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في جو الكوكب الأحمر، وللقيام بتلك المهمة فإن يحمل مقياسا طيفيا بالأشعة تحت الحمراء، وكاميرا استكشاف رقمية، ومقياسا طيفيا بالأشعة فوق البنفسجية.

أما على المدى البعيد، فإنه يهدف إلى بناء مستوطنة بشرية على كوكب المريخ خلال المئة عام القادمة، وأن يكون مصدر إلهام للشباب العربي، بحسب تقرير وكالة الأنباء الفرنسية.

تنسيق وتشاور عربي

وللتعليق على الحدث، تواصل موقع الجزيرة نت مع مدير مركز الفيزياء النظرية والفلكية بالأردن الدكتور عمار السكجي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي أفاد بأن "هناك تواصلا بين وكالة الإمارات للفضاء وكل من الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك والمركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء لغرب آسيا، ومقره عمّان بالأردن".

وذكر أن الأخير قد "أنشأ مختبرا متخصصا لتحليل البيانات الطيفية للمسبار، كمبادرة من المركز الإقليمي وخطوة أولى نحو العمل العربي البحثي المشترك".

لن يهبط المسبار على الكوكب الأحمر بل سيدور حوله لمدة عام مريخي كامل (ويكيبيديا)

وحول أهداف المسبار، أفاد الدكتور السكجي بأنه "ليس من أهداف المسبار الذهاب إلى المريخ أو السكن فيه، لكن قد يكون بداية لرحلات مأهولة في المستقبل، وأنه يهدف لتطوير القدرات العلمية والهندسية في الإمارات وإتاحة البيانات العلمية للباحثين على مستوى العالم".

وحول تكلفة المشروع، يقول الدكتور إن "المسبار ليس مكلفا بشكل عام، حيث قدرت تكلفة التصنيع والإطلاق بحوالي 200 مليون دولار دون إضافة العمليات في الفضاء".

توطين العلم أم دعاية؟

الأستاذ الصغير الغربي العضو السابق للهيئة الإدارية للجمعية التونسية لعلوم الفلك، علق على التكلفة بقوله "لا نعلم إن كانت الـ200 مليون دولار تشمل تكاليف التعاقد مع 200 مهندس أميركي طوال السنوات الماضية للعمل انطلاقا من مركز بن راشد للفضاء في دبي على تنفيذ المهمة أم لا".

الغربي قال في حديثه للجزيرة نت أن "القدرة على إطلاق مثل هذه المهام تتطلب إمكانات علمية من مهندسين وعلماء قادرين على تصميمها وتنفيذها، إضافة إلى بنية تحتية تكنولوجية وإمكانات مادية ورؤى إستراتيجية، تضع هذه المشاريع في موقعها لتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي".

وأضاف "لكن العديد من المشاريع التي تنجز اليوم خارج هذه الأطر، وليس لها أهداف لتوطين العلم والتحكم في التكنولوجيا بقدر ما هو نوع من الدعاية المكلفة والمفيدة أحيانا، فقد ارتفعت -على سبيل المثال- مؤشرات الأسواق الاقتصادية الإماراتية بعد إطلاق المسبار".

وزن المسبار يبلغ 1350 كلغ شاملا الوقود، ويحتاج إلى 600 واط من الطاقة لشحن بطارياته (ويكيبيديا)

يقول الغربي "هذا المشروع يمكن أن يكون عربيا بحق لو تضافرت جهود الدول العربية التي لها إمكانات مادية مع تلك التي لها إمكانات علمية، خاصة أن عشرات العلماء والمهندسين العرب يعملون في وكالتي الفضاء الأميركية والأوروبية".

ويضيف أن "إرسال مسبار لاستكشاف المريخ لا يعد من الأولويات في برامج الفضاء، فهناك تحديات كثيرة أمام الدول العربية كمشاكل التنمية والتلوث وشحّ المياه والتغيرات المناخية، هي أكثر إلحاحا وأشد احتياجا لرصد إمكانات مادية وتكنولوجية لحلها".

وذكر أن "الهند على سبيل المثال أسست برنامجها الفضائي في سبعينيات القرن الماضي، وخصصت معظم مهام إطلاق الأقمار الصناعية لأهداف تنموية، ولم ترسل مسبارا إلى المريخ إلا عام 2013، وذلك في إطار التنافس مع الصين… فإنجاز مهام فضائية لا يعد لهذه الدول غاية في حد ذاته بل وسيلة لحل مشاكلها".

ويعلق الغربي على قول المسؤولين في الإمارات إن هذا المسبار هو خطوة تمهيدية لاستيطان المريخ عام 2117، بقوله "نأمل ذلك، رغم أن أعرق الوكالات الفضائية لا تفوق مدد خططها المستقبلية العقدين إلا نادرا".

المصدر : الصحافة الأسترالية + الصحافة الفرنسية