الأكبر على الإطلاق.. عمود غبار الصحراء الكبرى يجتاح المحيط الأطلسي

في كل صيف تنتقل أعمدة الغبار من الصحراء الأفريقية عبر المحيط الأطلسي (كوبرنيكوس سنتينل – إيسا)

أعمدة الغبار هي ظاهرة طبيعية تمثل جزءا من دورة المغذيات على الأرض، وهي تحدث عندما تلتقط الرياح عالية السرعة جزيئات جافة صغيرة جدا من سطح الأرض وتحملها لمسافات طويلة.

وفي كل صيف تنتقل أعمدة الغبار من الصحراء الأفريقية عبر المحيط الأطلسي، وغالبا ما تغرق في المحيط، لكن حجمها في هذا الصيف اختلف وهي تتقدم مباشرة إلى أميركا.

الأكبر من نوعه

كانت عيون الأقمار الصناعية الحريصة تراقب العمود أثناء تطوره وتوجهه إلى البحر، حيث تتبع قمرا "كوبرنيكوس سنتينل" (Copernicos Sentinel) و"أيولوس" (Aeolus) التابعان لوكالة الفضاء الأوروبية (European Space Agency – ESA) تقدم العمود.

العمود كبير جدا كما أشار تقرير موقع "يونيفيرس توداي Universe Today" في 13 يوليو/تموز الجاري، ونقله موقع "ساينس أليرت Science Alert"، وقد حصل العمود هذا العام على الاسم المستعار "غودزيلا" (Godzilla)، فيما تسميه الأرصاد الجوية طبقة الهواء الصحراوية "إس إيه إل" (SAL).

وتتكون طبقة الهواء الصحراوية تلك بين أواخر الربيع وأوائل الخريف، وتلتقط الرياح السطحية القوية الغبار وتحمله في الهواء فوق المحيط الأطلسي.

وإذا كانت الظروف مناسبة ينتقل الغبار إلى طبقة التروبوسفير العليا من طبقات الغلاف الجوي، ثم يتم نقله على طول الطريق إلى منطقة البحر الكاريبي أو الولايات المتحدة في رحلة بطول 8 آلاف كيلومتر.

وتعود سجلات عمود الغبار الصحراوي إلى حوالي 20 عاما، ويعتبر غودزيلا الأكبر من نوعه، ومن الشائع أن يصل هذا العمود إلى الولايات المتحدة، لكن حجمه كبير للغاية.

وتقول الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي "إن أو إيه إيه" (NOAA) إن العمود أكبر بنحو 60 إلى 70% من المتوسط.

بيانات أيولوس الفريدة

تعتبر بيانات أيولوس الخاصة بعمود الغبار فريدة من نوعها، لأنه أول قمر صناعي مصمم لاكتساب ملفات تعريف رياح الأرض على أساس عالمي، وهو يساعد على بناء توقعات ونماذج أكثر تعقيدا بكثير، ويحدث ذلك جزئيا من خلال تحديد ارتفاعات الرياح بدقة أكبر.

والصورة أدناه مأخوذة في 19 يونيو/حزيران الماضي، وهي صورة مركبة من القمر الصناعي "كوبرنيكوس سنتينل – 5بي" والقمر الصناعي "أيولوس"، وتظهر الطبقة الأساسية وهي مؤشر الأيروسول بالأصفر الساطع من القمر "5بي" (5B)، فيما يشكل أيولوس السحب على القمة.

عمود الغبار الصحراوي فوق المحيط الأطلسي كما لاحظته أقمار أيولوس وسنتينل 5بي يوم 19 يونيو/حزيران الماضي (إيسا)

ويمكن أن تحدد بيانات أيولوس الارتفاع الذي تنتقل إليه طبقة الغبار، وفي هذه الصورة يظهر أن معظم الغبار كان على ارتفاع 3 – 6 كيلومترات (1.8 – 3.7 أميال) فوق سطح الأرض.

وتمتلك وكالات الفضاء المختلفة الآن أسطولا من الأقمار الصناعية التي تراقب الأرض، ويمكنها مراقبة أشياء عن كثب مثل عمود الغبار هذا، ويمكن أن يحتوي كل قمر صناعي على مزيج مختلف من الأدوات التي تعطي معا فهما أكمل لأحداث الغلاف الجوي للأرض.

منافع الغبار

وعلى الرغم من أن ظهوره في صور الأقمار الصناعية أمر مثير للدهشة فقد يكون عمود الغبار خبرا جيدا في الواقع.

ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات، يمكن لهذه الأعمدة أن تمنع في الواقع تكون الأعاصير، ويمكنها أيضا منع تلك التي تتشكل من أن تصبح أكثر قوة وتدميرية.

والغبار هو أيضا مصدر غذائي للعوالق النباتية، وهي نباتات بحرية صغيرة تطفو بالقرب من سطح المحيط.

والعوالق النباتية أمر بالغ الأهمية لشبكة الغذاء، حيث توفر الغذاء للحيوانات في أعلى السلسلة الغذائية، وتقوم العوالق النباتية أيضا بالتمثيل الضوئي، وتخلق الأكسجين للمحيط الحيوي.

وتقوم أعمدة الغبار أيضا بتجديد العناصر الغذائية في مناطق بعيدة مثل غابات الأمازون المطيرة، حيث يمكن أن تؤدي الأمطار الغزيرة والمتكررة إلى استنفاد العناصر الغذائية الأساسية.

وبدون هذه الأعمدة فإن من المحتمل ألا يظهر الأمازون مثل هذا التنوع البيولوجي المذهل، وقد لا تكون لديه شبكة طعام معقدة.

أعمدة الغبار تحمل خيرات بيئية كثيرة كما قد تتسبب في أضرار صحية (كوبرنيكوس سنتينل – إيسا)

وله أيضا أضرار

لكن هناك أنباء سيئة مرتبطة بعمود الغبار، حيث يمكن أن تضر غيمة الغبار جودة الهواء، وأن تشكل خطرا على الصحة، خاصة للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية كامنة.

ويرجع ذلك جزئيا إلى أن سفر الغبار يسقط العديد من الجسيمات الكبرى، وتتبقى الجسيمات الصغرى، وهي الأكثر خطورة على صحة الناس.

لكن بالنسبة للعديد من الأشخاص في مسار العمود فإن الجزء الذي سيتذكرونه هو غروب الشمس، إذ إنه مع كل هذا الغبار في الهواء سيبدو كل من غروب الشمس وشروقها مذهلين.

المصدر : الصحافة الأسترالية + الصحافة الأميركية