المحميات الطبيعية حول العالم تحت تهديد الأنواع الغازية

حيوان المنك الأمريكي يتواجد في 1251 محمية منها محميات بريطانية - الباحث تيم بلاكبيرن (يوريك أليرت)

بات خطر الكائنات الغازية أو المجتاحة أكبر مما كان يعتقده خبراء علم الأحياء، حيث كشفت دراسة جديدة أن تهديدها قد يطال أيضا الكائنات المتوطنة داخل المحميات الطبيعية التي يتم إنشاؤها أساسا للحفاظ على التنوع البيولوجي بداخلها.

ونفذ الدراسة -التي نشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكاشن" يوم 08 يونيو/حزيران الجاري- فريق صيني بريطاني مشترك، وأشرفت عليها الأكاديمية الصينية للعلوم، وشاركت فيها "يونيفرستي كوليدج لندن".

وانطلق هؤلاء الباحثون في عملهم من خلال دراسة ما يحدث في محيط حوالي 200 ألف محمية طبيعية عبر العالم، حسب تصنيف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.

إفساد النظم الإيكولوجية

وجد الباحثون أن هناك حيوانا غازيا واحدا على الأقل يعيش على بعد أقل من 100 كيلومتر من هذه المحميات الطبيعية، وأنه في حوالي 90% من هذه المحميات يوجد حيوان غازي واحد يعيش على بعد عشرة كيلومترات.

وقال الباحث المشارك البروفيسور "تيم بلاكبيرن" من معهد الجينات والتطور والبيئة البريطاني، في البيان الصحفي للدراسة "من بين العوامل التي تفسد النظم الإيكولوجية وتقضي على التنوع الحيوي هناك الأنواع الغازية التي تأكد خطرها، وهي لا تنتشر بمحض إرادتها وإنما يتم استقدامها من طرف الإنسان".

وأضاف موضحا خطر هذه الأنواع "هناك حوالي 900 نوع غازي يعيش بالقرب من هذه المحميات، باستطاعتها الفتك والقتل أو منافسة الحيوانات المتوطنة أو الأصلية أو تدمير النظم البيئية".

وقال أيضا "هناك الكثير من الأسباب التي تتسبب في تدهور التنوع البيولوجي، والأنواع الغازية هي من بين هذه الأسباب الرئيسية الخمسة".

نحن مطالبون اليوم بمضاعفة الجهود من أجل مراقبة هذه الأنواع (يوريك أليرت)

العامل البشري

كما درس الباحثون أيضا العوامل المشتركة التي تتقاسمها هذه المحميات، حيث وجدوا أن وجود الأنواع الغازية له ارتباط بالحضور البشري، فالتجمعات السكانية القريبة وتشابك خطوط النقل يزيد من نسبة وجود الأنواع الغازية.

وقال الباحث الرئيسي الدكتور "لي ييمينغ" من الأكاديمية العلمية الصينية، في البيان الصحفي السابق ذكره، إن أغلب المحميات الطبيعية في منأى عن الأنواع الغازية لكن ذلك لن يدوم طويلا، وتلك المحميات التي تعرف وجودا إنسانيا قريبا هي الأكثر عرضة للخطر.

وأضاف "نحن مطالبون اليوم بمضاعفة الجهود من أجل مراقبة هذه الأنواع التي يتم استقدامها من طرف البشر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالخنازير، والضفدع الأميركي، والفأر البني، وعلينا وضع حد لخطرها وإذا لم نتحرك فإن هذه المحميات ستنهار مستقبلا ولن يعود لها فائدة".

الحيوانات الغازية تفسد الأنظمة البيئية وتزاحم الحيوانات المتوطنة في غذائها (يوريك ألرت)

خطر التلوث الوراثي

وقال أحمد بلحمرا، مدير المركز الوطني للأراضي الجافة وشبه الجافة بولاية بسكرة الجزائرية والخبير في الحياة البرية، إن خطر الأنواع الغازية على الأنواع المتوطنة، داخل المحميات الطبيعية، حقيقي لأن هذه المساحات ليست مسيجة لمنع دخول الحيوانات غير المرغوب فيها أو مراقبة تحركات البشر الذي يساهم كثيرا في نقلها.

وفي تصريح للجزيرة نت عبر الهاتف، قال بلحمرا "معروف أن الحيوانات الغازية تفسد الأنظمة البيئية وتزاحم الحيوانات المتوطنة في غذائها، وقد تفتك بها في بعض الأحيان".

وأوضح أنها تشكل خطرا في الحفاظ على النوع الأصلي لأنها قد تتزاوج معه لأسباب كثيرة قد تكون مثلا شعورها بقرب انقراضها، وإن كان ذلك قليلا ما يحدث "إلا أننا نجد أنفسنا في هذه الحالات أمام أنواع جديدة هجينة، وهو ما ندرجه ضمن التلوث الوراثي".

وثمن بلحمرا مثل هذه الدراسات التي تسلط الضوء على الحياة البرية لمعرفة توجهاتها، والوقوف على المخاطر المحدقة بها مستقبلا "حتى نتمكن من أخذ الإجراءات المناسبة قبل فوات الأوان".

المصدر : الصحافة الأميركية