طريقة جديدة لاستكشاف القمر من خلال ذرات غباره

عينة من صخور القمر التي تم جلبها ضمن مهمة أبولو 17 (بيكريل)
عينة من صخور القمر تم جلبها ضمن مهمة أبولو 17 (بيكريل)

الصغير الغربي

تمكن باحثون من جامعة شيكاغو من تطوير تقنية جديدة لتحليل صخور القمر باستخدام جسيمات نانوية من غبار القمر لا يزيد عرضها على قطر شعرة الإنسان.

وتمكن تلك الطريقة المبتكرة التي تسمى "التصوير المقطعي للذرة" من تحليل مكونات عينات صغيرة جدا ذرة ذرة، والحفاظ بالتالي على عينات صخور القمر التي تم جلبها سابقا إلى الأرض.

صخور ثمينة
تعتبر كميات الصخور القمرية الموجودة على الأرض محدودة (حوالي 382 كيلوغراما)، أغلبها تم جلبها في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي خلال مهام أبولو، إلى جانب كميات يسيرة تقدر بحوالي 300 غرام جلبتها مركبات "لونا " السوفياتية أواسط السبعينيات، وحوالي 200 كيلوغرام عثر عليها في أكثر من 370 نيزكا سقطت على الأرض.

وقد تزايدت خلال العقود الماضية الحاجة إلى استخدام عينات من هذه الصخور في البحوث العلمية، مما عرض كميات منها للتلف، لذلك يسعى الباحثون إلى تطوير تقنيات جديدة تمكن من استخدام أقل كميات ممكنة من هذه الصخور الثمينة لاستخراج أكبر قدر ممكن من المعلومات والاستنتاجات.

ويقول عالم الفيزياء الجيولوجي فيليب هيك من جامعة شيكاغو "قبل خمسين عاما لم يتوقع أحد أن يقوم شخص ما يوما بتحليل عينة بهذه التقنية (الجديدة)، ولا يستخدم سوى جزء يسير من حبة واحدة (من غبار القمر)".

‪رائد الفضاء هاريسون شميت يقتلع عينات من صخور القمر خلال مهمة أبولو 17 عام 1972 (ناسا)‬ رائد الفضاء هاريسون شميت يقتلع عينات من صخور القمر خلال مهمة أبولو 17 عام 1972 (ناسا)
‪رائد الفضاء هاريسون شميت يقتلع عينات من صخور القمر خلال مهمة أبولو 17 عام 1972 (ناسا)‬ رائد الفضاء هاريسون شميت يقتلع عينات من صخور القمر خلال مهمة أبولو 17 عام 1972 (ناسا)

ويضيف المشرف على الدراسة الجديدة المنشورة في دورية "متيوريتكس آند بلانتاري ساينس" في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي أن "الآلاف من هذه الحبوب يمكن أن تكون على قفاز رائد فضاء، وهي كمية كافية من المادة لإجراء دراسة كبيرة".

ومن المذهل الاعتقاد بأن شيئا صغيرا جدا قد يحتوي على الكثير من المعلومات، ناهيك عن الوصول إلى هذا المصدر الثري من هذه المعرفة بطريقة أو بأخرى.

التصوير المقطعي للذرات
تعتبر تقنية "التصوير المقطعي للذرة" تقنية واعدة للوصول إلى هذه المعرفة بدقة عالية جدا تمكنها من تصوير عينة صغيرة من المادة ذرة ذرة، مما يوفر للباحثين تحليلا ثلاثي الأبعاد للمصدر.

ولتحليل حبة غبار القمر باستخدام هذه التقنية أعدت عالمة الجيوفيزياء في جامعة شيكاغو جنيكا غرير عينة على شكل إبرة مكونة من بضع مئات من الذرات فقط، ثم استخدم فريق البحث أشعة الليزر "لطرد" الذرات من الإبرة واحدة تلو الأخرى، ومشاهدة كل ذرة تطير وتصطدم بلوحة كاشفة.

ولاحظ العلماء أن ذرات بعض العناصر من العينة تنطلق بمعدلات مختلفة، فعلى سبيل المثال يستغرق الحديد وقتا أطول للوصول إلى لوحة الكاشف مقارنة بالهيدروجين، لأنه عنصر أثقل، وهو ما سمح لهم بتحليل التركيبة الكيميائية للعينة.

ويقول المؤلفون إن هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من رؤية كل من أنواع الذرات ومواقعها الدقيقة في حبة صغيرة من التربة القمرية، والأفضل من ذلك أنهم استخدموا القليل من المواد من الغبار القمري، أي أن العينة الأصلية التي أخذ منها الغبار لا تزال سليمة إلى حد كبير ومتاحة للبحث في المستقبل.

شاهد فيديو للعينة التي أعدتها الباحثة جنيكا غرير على شكل إبرة مكونة من بضع مئات من الذرات.

نتائج ومستقبليات
وقد أقنعت النتائج وكالة ناسا بتمويل ثلاث سنوات من الدراسة بشأن الغبار القمري باستخدام "التصوير المقطعي للذرة"، لتقدير كميات الماء ومستوى التجوية على التابع الأرضي، حيث كانت دراسات علمية قد توصلت في الآونة الأخيرة إلى أن القمر يحتفظ باحتياطيات كبيرة من المياه في طبقة التربة العميقة، وسيمثل العثور على دليل على ذلك في عينات التربة التي بين يدي العلماء اكتشافا مذهلا.

فعلى عكس كوكبنا لا يتمتع القمر بغلاف جوي لحمايته، لذلك فهو بيئة قاسية بسبب الرياح الشمسية التي تضرب سطحه بالجسيمات المشحونة عالية الطاقة، وقد تكون تربة القمر قد تغيرت بشكل عميق بسبب هذه التجوية، ومن المحتمل ألا يتطابق ما يكمن داخل القمر مع سطحه الخارجي.

لذا فإنه من خلال فهم كيفية تغير السطح يأمل مؤلفو الدراسة الجديدة أن يتمكنوا من عكس اتجاه الساعة بطريقة ما ومحاولة اكتشاف كيف كانت التربة القمرية في الماضي السحيق، وكما تقول غرير فإن "هذه الحبوب الصغيرة من غبار القمر تحافظ على ملايين السنين من التاريخ".

المصدر : الجزيرة