عكس ما توقع العلماء.. الكون يتمدد ويزداد حرارة في الوقت نفسه

الكون يزداد حرارة باستمرار تمدده حسب الدراسة الجديدة (ناسا)

أصبح من المسلم به لدى العلماء منذ أكثر من قرن أن الكون مستمر في التمدد منذ نشأته قبل حوالي 13.78 مليار عام، وبالتالي فإن حرارته تنخفض مع الزمن.

لكن دراسة علمية جديدة أجراها باحثون في الفيزياء الفلكية كشفت أن الكون يزداد سخونة، في الواقع، عكس ما تنبأت به النظريات الكونية، فما سر هذا الارتفاع غير المتوقع؟

منذ أن توصل عالم الفيزياء الفلكية الأميركي إدوين هابل إلى إثبات أن الكون في حالة توسع في أواسط عشرينيات القرن الماضي، ولفترة طويلة، أصبحت هذه الفكرة من أسس علم الكونيات الحديث، ولاسيما أن دراسات لاحقة أجريت في التسعينيات أثبتت أن معدل التوسع يتزايد أيضا مقارنة بمعدل التوسع قبل 4 مليارات سنة. ومع تباعد المجرات والمجموعات النجمية عن بعضها بعضا، استنتج العلماء أن الكون يبرد تدريجيا.

يتمدد لكنه يسخن

لكن يبدو أن مجموعة من الباحثين من جامعة ولاية أوهايو Ohio State University وزملائهم من معهد كافلي لفيزياء ورياضيات الكون Kavli Institute for the physics and Mathematics of the Universe باليابان، وجامعة جونز هوبكنز The Johns Hopkins University ومعهد ماكس بلانك للفيزياء الفلكية Max-Planck Institute for Astrophysics في ألمانيا، كان لهم رأي مخالف في هذا الموضوع.

فقد أثبتوا في دراسة علمية جديدة نشرت في دورية "ذا أستروفيزيكال جورنال" The Astrophysical Journal مؤخرا أن الكون يزداد سخونة مع مرور الوقت.

وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، قام الباحثون بدراسة درجة حرارة الغاز الكوني خلال الـ10 مليارات سنة الماضية، ووجدوا أن متوسط درجة حرارة الغاز الكوني قد زاد أكثر من 10 أضعاف خلال الـ10 مليارات سنة الماضية. ووصل متوسط درجات الحرارة إلى قيمة مذهلة قدرها 2.2 مليون كلفن حتى الآن.

متوسط درجة حرارة الغاز الكوني زاد أكثر من 10 أضعاف خلال الـ10 مليارات سنة الماضية (وكالة الفضاء الأوروبية)

يقول يي كوان تشيانغ من مركز علم الكونيات وفيزياء الجسيمات الفلكية بجامعة ولاية أوهايو، المؤلف الرئيسي للدراسة "القياس الأخير يقدم تأكيدا واضحا للعمل المؤثر للفائز بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2019، جيم بيبلز".

كان بيبلز هو أول من فسّر أهمية المادة المظلمة في تشكل الأجرام الكونية كبيرة الحجم كالمجرات والمجموعات النجمية الكبيرة. وبحسب نظريته، فإنه مع تطور الكون، تقوم الجاذبية بسحب المادة المظلمة والغاز في الفضاء بين مجرات وعناقيد المجرات. ويكون السحب عنيفا لدرجة أن كميات متزايدة من الغازات تتعرض للتصادم فيما بينها فتسخن.

فرص أقل لتطور الحياة

يقول الباحثون إنه مع تطور الكون تقوم الجاذبية بتجميع المادة تدريجيا في الفضاء، مما يؤدي إلى تسخينها بسبب السحب العنيف. وللحصول على البيانات التي أدت إلى هذا الاكتشاف، قام الباحثون بفحص بنية الكون من منظار واسع عن طريق مشاهدة توزيع المادة، ومن ضمنها النجوم والمجرات في الكون ودراسة الضوء المنبعث منها.

ومكّنهم ذلك من إجراء قياسات لحرارة الغازات الكونية القريبة نسبيا من الأرض والتي تعود إلى الماضي القريب، ثم مقارنتها بحرارة السحب الغازية الأبعد، والتي هي أيضا أبعد في الزمن من الغيوم الأقرب.

مع تطور الكون تقوم الجاذبية بتجميع المادة تدريجيا في الفضاء، مما يؤدي إلى تسخينها بسبب السحب العنيف (ناسا)

وكشفت هذه المقارنة أن متوسط درجة حرارة هذه الغازات في بدايات الكون كان أقل مما هو عليه الآن. وتوقع العلماء أن تستمر هذه القيم من درجات الحرارة في الارتفاع بالمستقبل مع استمرار التوسع في التسارع.

يقول الباحثون إن هناك العديد من الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف. أحدها أنه من الممكن أن يصبح ظهور شكل من أشكال الحياة في الكون أكثر ندرة مع استمرار درجات الحرارة في الارتفاع. كما أنه يثير تساؤلات حول الكيفية التي سينتهي بها الكون، حسب رأيهم.

المصدر : الصحافة الأسترالية + مواقع إلكترونية