كيف حدث الانقسام العظيم في النظام الشمسي؟

الأنظمة النجمية محاطة بأقراص من الغاز والغبار (مرصد ألما)
الأنظمة النجمية محاطة بأقراص من الغاز والغبار (مرصد ألما)

عبد الحكيم محمود

نشرت دورية "نيتشر أسترونومي" في عددها الصادر يوم 13 يناير/كانون الثاني ورقة علمية لفريق من الباحثين بقيادة كل من ستيفن موخسيس أستاذ الكيمياء الجيولوجية في جامعة كولورادو بولدر، ورامون براسر الباحث بمعهد علوم الأرض والحياة في معهد طوكيو للتكنولوجيا.

وبحثت الورقة العلمية في الأسباب المحتملة لـ "الانقسام العظيم Great Divide" في المجموعة الشمسية، والتي أبقت أجزاء من النظام الشمسي متباعدة عندما تكونت الشمس، وذلك من خلال استخدامهم لسلسلة من المحاكاة الحاسوبية من أجل الكشف عن الغموض الذي حير علماء الفلك والفيزياء الفلكية لفترة طويلة.

الفجوة الكبرى والانقسام العظيم
يتجلى الانقسام العظيم في وجود مساحة فارغة نسبيا تقع بالقرب من كوكب المشتري، وراء ما يسميه علماء الفلك بحزام الكوكب الرئيسي.

ووفقا للبيان الصادر عن جامعة كولورادو بولدر، فقد تركت ظاهرة الانقسام العظيم أجزاء من النظام الشمسي متباعدة عندما تكونت الشمس، فعملت على تقسيم الكواكب إلى مجموعتين متميزتين، من حيث حجمهما وطبيعة تكويناتهما.

وهما مجموعة الكواكب الغازية العملاقة الأبعد عن الشمس مثل زحل والمشتري والتي تعرف باسم جوفيان، والكواكب الأرضية الأصغر والأقرب من الشمس مثل الأرض والمريخ والتي تعرف بالكواكب الصخرية.

وهاتان المجموعتان من الكواكب لا تختلفان في الحجم فحسب، بل تختلفان في تكوينهما أيضا، إذ إن الكواكب القريبة من الشمس مكونة إلى حد كبير من الصخور وتفتقر إلى مركبات الكربون العضوية، في حين تتكون الكواكب الأبعد والعملاقة من الغاز إلى حد كبير.

المشتري ليس سبب الانقسام العظيم
افترض العديد من العلماء سابقا أن كوكب المشتري هو سبب ذلك الانقسام العظيم، نظرا لأنه كبير الحجم ولديه جاذبية قوية للغاية، لدرجة أنه استحوذ على الحصى الصغير والغبار من النظام الشمسي الخارجي ومنعهما من التصاعد باتجاه الشمس.

‪الانقسام العظيم أبقى مجموعتين متباعدتين من الكواكب في النظام الشمسي (جامعة كولورادو بولدر)‬ الانقسام العظيم أبقى مجموعتين متباعدتين من الكواكب في النظام الشمسي (جامعة كولورادو بولدر)
‪الانقسام العظيم أبقى مجموعتين متباعدتين من الكواكب في النظام الشمسي (جامعة كولورادو بولدر)‬ الانقسام العظيم أبقى مجموعتين متباعدتين من الكواكب في النظام الشمسي (جامعة كولورادو بولدر)

لكن مؤلفي الدراسة لم يكونوا مقتنعين بهذا التفسير، فعند استخدامهم لسلسلة من المحاكاة الحاسوبية لاستكشاف دور كوكب المشتري في النظام الشمسي، أظهرت المحاكاة أن الكوكب لم يكن كبيرا بما يكفي في النظام الشمسي المبكر لمنع تدفق المواد الصخرية نحو الشمس، لذا فإنه لم يتسبب في الانقسام، وبالتالي كان على الفريق البحث عن تفسير بديل.

قرص الشمس يحمل أدلة حيوية
على مدى سنوات، لاحظ العلماء الذين يديرون مرصد أتاكاما الملليمتري الكبير Atacama Large Millimeter (ALMA) في تشيلي شيئا غير مألوف حول النجوم البعيدة، فغالبا ما كانت الأنظمة النجمية محاطة بأقراص من الغاز والغبار تسمى بالأقراص الكوكبية الدوارة.

وبناءً على عمليات الرصد التي أجراها مرصد ألما لأنظمة النجوم الناشئة، توصل العلماء إلى مقاربة جديدة لشرح الاختلافات والانقسامات في مجموعتي كواكب النظام الشمسي.

حيث أظهرت بيانات المرصد أقراصا من الغاز والغبار حول نجمنا، قد تكون فصلت الغاز والغبار إلى جيوب منفصلة من الضغط العالي والمنخفض.

يقول ستيفن موخسيس إن التفسير الأكثر ترجيحا هو أن الانقسام العظيم نشأ من بنية جوهرية لهذا القرص من الغاز والغبار، أي يأتي مباشرة من القرص الكوكبي الأولي حول الشمس الذي انطلقت منه الكواكب.

وبالتالي تم تقسيم النظام الشمسي إلى قسمين أو أكثر بواسطة القرص، وتم منع المواد الموجودة في هاتين المنطقتين من الاختلاط، ومن هنا وجد نوعان مختلفان من الكواكب.

المصدر : الجزيرة