فك طلاسم عالم "قناديل البحر الحمراء"

قناديل البحر الحمراء الصغيرة تعيش في أعالي البحار (ويكيبيديا)
قناديل البحر الحمراء الصغيرة تعيش في أعماق أعالي البحار (ويكيبيديا)

طارق قابيل

قناديل البحر الحمراء المعروفة باسم "رد جيليز" معظمها صغير ولونها أحمر غامق، وهي شائعة بالقرب من قاع البحر في خليج مونتيري النابض بالحياة، وعلى الرغم من أن باحثي معهد بحوث خليج مونتيري للأحياء المائية لاحظوها منذ عقود، لكننا لا نعرف سوى القليل عنها حتى الآن، ولا عن دورها في السلسلة الغذائية.

لكن جورج ماتسوموتو عالم الأحياء بمعهد بحوث خليج مونتيري للأحياء المائية استطاع وفريقه البحثي الكشف عن شجرة عائلة "رد جيليز" المعقدة، وقدم في عدد الشهر الجاري (يناير/كانون الثاني 2020) من دورية علوم البحار "فرونتيرز أن مارين ساينس" مفتاحا لمساعدة العلماء على التفريق بين أنواعها المختلفة.

اختلاف تصنيفي
من المعروف أن قنديل البحر من الرخويات يتبع اللافقاريات، وشكله عبارة عن قرص شفاف، وقوامه هلامي، وله أطراف طويلة رفيعة تسمى "لوامس" ويتحرك في الماء بانقباض جسمه ثم بسطه، وتساعده حركة التيار المائي في الانتقال لمسافات بعيدة.

توجد منه أنواع كثيرة، منها قناديل البحر الحمراء الصغيرة من نوع "رد جيليز" التي تعيش في أعالي البحار، بمظلة مسطحة أو نصف كروية، ويختلف عدد لوامسها من 8 إلى 32 حسب النوع.

تم وصف عدة أنواع صغيرة الحجم من "رد جيليز" ثم أعيد توصيفها على مدار العشرين عاما الماضية، مما أدى إلى بعض الالتباس. وقد لاحظ ماتسوموتو هذا الاختلاف التصنيفي عندما قام بمراجعة ورقة بحثية لزملائه، ووجد مؤلفات تشير إلى أن تصنيف الأنواع المقترحة كان يستند إلى وصف غير مكتمل للحيوان.

تحديد هويات
قال ماتسوموتو "عندما تصف حيوانا فإنك تجمع عينات لحيوان معين من المجموعة التي وصفتها وتضعها في متحف، حتى تتمكن أنت والآخرون من العودة وإلقاء نظرة عليها كمرجع".

تعرف عينة المتحف "النمطية" وهي عينة مميزة من كائن حي تضبط الاسم العلمي لهذا الكائن رسميا، وتكون مثالا يعمل على تحديد الملامح المميزة لهذه الأصنوفة.

‪تحقق الباحثون من تسعة أنواع من
‪تحقق الباحثون من تسعة أنواع من "رد جيليز" تنقسم لثلاثة أجناس‬ (فرونتيرز أن مارين ساينس)

والأصنوفة تسمية علمية تجمع كائنات حية استنادا إلى وصف تفصيلي تم نشره اعتمادا على عينة نمطية عادة ما تكون متوفرة للعلماء للفحص في متحف كبير أو مؤسسة علمية.

سافر ماتسوموتو إلى معهد سميثسونيان للنظر في نوع العينات المعني، واكتشف أنه تم استخدام عينة من نوع واحد فقط لتعريف أكثر من نوع من قناديل البحر. ولهذا بدأ بتمشيط قاعدة بيانات الفيديو بمعهد بحوث خليج مونتيري للأحياء المائية لتحديد الأنواع التي ظهرت بمقاطع الفيديو السابقة.

وعلى مدار السنوات الأربع التالية، التقط فريقه البحثي لقطات فيديو إضافية وجمعوا عددا كبيرا من العينات لتحليل الجينوم لتحديد هويات "رد جيليز" الحقيقية. والتي على الرغم من تشابه مظاهرها فإنه كان من الممكن تمييز أنواع مختلفة بناء على هيئتها وشكلها.

مثال رائع
قام الباحثون بالتحقق من صحة تسعة أنواع من "رد جيليز" في خليج مونتيري، والتي تنقسم إلى ثلاثة أجناس "كروسوتا، بينثوكودون، بكتيس".

تتباهى أنواع "كروسوتا" أحيانا بمخالب ذات مظهر بري يشبه انفجار الألعاب النارية، وتسبح عبر نبضات قوية. وغالبا ما يرى "بينثوكودون" على شكل جسم غامض يتمايل فوق قاع البحر مباشرة. بينما يتم التعرف على "بكتيس" من خلال قمة الجرس المدببة، وتستغرق فترات راحة قصيرة بين نوبات النبض.

‪ثلاثة أجناس من
‪ثلاثة أجناس من "رد جيليز" كل واحد منها عينة فريدة من نوعها‬ (فرونتيرز أن مارين ساينس)

واستنادا إلى تحديد الهوية المورفولوجية والتحليل الجينومي، ابتكر الباحثون شجرة وراثية مؤقتة جديدة، ويعتبر ماتسوموتو هذه التجربة مثالا رائعا على تنفيذ المنهجية العلمية في العمل لمحاولة تصحيح الأمور. ويري أن هذه هي الطريقة التي يجب أن يعمل بها العلم.

ومع إجراء المزيد من البحوث، من الممكن أن تتغير تصنيفات هذه الأنواع مرة أخرى، ولكن في الوقت الحالي نحن على بعد خطوة واحدة على الأقل لفهم الهويات الحقيقية لـ "رد جيليز" الصغيرة.

المصدر : الجزيرة