هل يقينا الثلج الاصطناعي من ارتفاع مستويات البحار؟

Said سعيد - يتسارع ذوبان الجليد في غرب القطب الجنوبي – ناسا – متاح مع ذكر المصدر - هل يقينا الثلج الصناعي من ارتفاع مستويات البحار؟
جليد غرب القطب الجنوبي يتسارع في الذوبان (ناسا)

الصغير محمد الغربي

اقترح علماء ألمان طريقة مبتكرة لإبطاء ارتفاع مستوى سطح البحر وإنقاذ ملايين من البشر يعيشون على سواحل مهددة بالغرق باستخدام الثلج الاصطناعي.

وقال العلماء في دراسة علمية جديدة إن تحويل غرب القارة القطبية الجنوبية لمجمع صناعي لإنتاج الثلوج قد يمثل حلا ممكنا لمنع غرق العديد من المناطق في العالم، بينها مدن كبيرة مثل نيويورك وشانغهاي وأمستردام وميامي. غير أن هذا الحل لا يمثل بديلا لجهود خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحترار.

مشروع هائل
يتمثل الحل عمليا في استخدام ما يقدر بنحو 12000 مولد رياح عالي الأداء لإنتاج طاقة تبلغ 145 غيغاوات اللازمة لرفع مياه المحيط في القارة القطبية الجنوبية إلى ارتفاعات تصل في المتوسط إلى 640 مترا، بهدف تسخينها وتحليتها ثم رشها فوق مساحة تزيد عن 52000 كيلومتر مربع من الغطاء الجليدي في غرب القارة المتجمدة على شكل ثلج اصطناعي، بمعدل مئات الملايين من الأطنان كل سنة وعلى مدى عقود.

وبحسب العلماء، فإن مثل هذا الإجراء يمكن أن يبطئ أو يوقف الانهيار الحتمي للطبقة الجليدية، التي ستؤدي في حال ذوبانها الكامل إلى ارتفاع في مستوى البحار ومحيطات العالم بمقدار 3.3 أمتار.

يقول أندرس ليفرمان من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ والباحث المشارك في الدراسة "إن الأمر يتعلق بالعواصم العالمية، من نيويورك إلى شنغهاي، التي ستكون على المدى الطويل دون مستوى سطح البحر إذا لم يبذل أي جهد. تعتبر الطبقة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية أحد العناصر المؤثرة في نظامنا المناخي، إذ يتسارع ذوبان الجليد فيها وقد لا يتوقف حتى تختفي الطبقة الجليدية في غرب القطب الجنوبي".

هل نضحي بالقارة القطبية الجنوبية من أجل إنقاذ المناطق الساحلية المأهولة حاليا؟ (ناسا)
هل نضحي بالقارة القطبية الجنوبية من أجل إنقاذ المناطق الساحلية المأهولة حاليا؟ (ناسا)

 قد لا يكون كافيا
غير أن مؤلفي الدراسة المنشورة في "ساينس أدفانسز" في يوليو/تموز الماضي لا يرون أن محاكاتهم لفقدان الجليد من غرب أنتاركتيكا والتدابير اللازمة لوقف هذه الخسارة ستكون بديلا عن الخطوات الأخرى. فحساباتهم ستكون صالحة فقط في ظل تخفيض كبير لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية التي تدفع التدفئة العالمية، وارتفاع مستوى سطح البحر.

بمعنى آخر، سيحتاج العالم إلى التخلي عن الوقود الأحفوري، والموافقة على التحول إلى الطاقة المتجددة، ثم استخدام تلك الطاقة المتجددة لإنقاذ مدن العالم الكبرى من الأمواج المتقدمة في وقت لاحق، رغم أن ذلك سيكون له ثمن وهو تدمير النظام البيئي الفريد في أنتاركتيكا.

مؤشر على المأزق الذي نعيشه
يعترف الباحثون أن الحل المقترح صعب التحقيق بما أنه سينفذ في ظل الظروف الصعبة لمناخ القطب الجنوبي. ولكن مجرد حقيقة أن بإمكانهم كتابة مثل هذا الاقتراح هو في حد ذاته مؤشر على تسارع خطورة المأزق الذي يعيشه كوكبنا اليوم، كما يرى المتابعون للشأن البيئي.

فأهم الخطوات التي يحب القيام بها للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري التي صادقت عليها 195 دولة في مؤتمر باريس عام 2015 لم تنفذ بعد. ووفقا للاتجاهات الحالية، فإنه مع زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتناقص الغطاء الجليدي في القطبين وارتفاع درجة حرارة المحيطات سيشهد العالم ارتفاعا في متوسط درجة الحرارة يقدر بثلاث درجات مئوية عام 2100.

ولئن كانت فكرة الثلج الاصطناعي غير عملية لدى البعض، فإنه وفي سبيل منع خطر غير مسبوق، قد يضطر الجنس البشري إلى بذل جهد أكبر كما يقول فيرمان.

المصدر : الجزيرة