العلماء يسجلون غناء "الحيتان الحقيقية" للمرة الأولى

Said سعيد - حوت صائب شمال شرق المحيط الهادئ، الحوت الأكبر في العالم المهدد بالانقراض- موقع نوا – متاح الاستخدام - الحيتان أيضا تغني..والعلماء يسجلون أصوات غنائها للمرة الأولى
الحيتان تتسم بكونها خجولة وتميل إلى العزلة ومعروف عنها أنها تفضل المحادثات الفردية في مجموعتها (نوا)

فكرت المهدي

استمع الباحثون في الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) للمرة الأولى، إلى سجلات لأصوات متراتبة تشبه الغناء بين مجموعة صغيرة من "الحيتان الحقيقية" في بحر بيرنغ شمال شرق المحيط الهادئ.

أصوات نمطية تشبه الغناء
وتتسم "الحيتان الحقيقية" (Right Whales) -وهي نوع نادر من الحيتان- بكونها خجولة وتميل إلى العزلة، وكان معروفا عنها أنها تفضل المحادثات الفردية ضمن أعضاء مجموعتها بدلا من الغناء. وقد نشرت نتائج هذا السبق في مجلة الجمعية الأميركية للصوتيات بتاريخ 17 يونيو/حزيران من عام 2019.

بدأت الدراسة في صيف عام 2010 عندما أجرى الباحثون مسحا ميدانيا من خلال سلسلة من المسجلات الصوتية المنتشرة عبر بحر بيرنغ، حيث تمكنوا من سماع نمط غريب من الأصوات، مما حثهم على البحث عن مصدرها وتحليل ماهيتها. وقد شك العلماء في أن تلك الأنماط الغريبة قد تعود إلى الحيتان الحقيقية، لكنهم لم يكونوا متأكدين من ذلك.

كانت هذه الحيتان تطلق أصواتا نمطية متكررة تحمل صفة الأغنية، وقد حافظت هذه الأنماط على اتساق ملحوظ على مر السنين وفي مواقع مختلفة.

بالطبع لا يمكن تشبيه تلك الأصوات بالأوبرا، لكنها لا تزال تحتفظ بطابع الأغنية، وقد وصفت بكونها أقرب إلى صوت طلق ناري.

وللتأكد من مصدر هذه الأغاني قام فريق جيسيكا كرينسي، عالمة الثدييات البحرية من مركز علوم ألاسكا السمكية التابع لوكالة نوا، بالذهاب إلى بحر بيرنغ لإجراء مقابلة شخصية مع الحيتان الحقيقية المهددة بالانقراض هناك.

وبالفعل استمع الفريق إلى تلك الأغاني عينها، في الاستطلاع الصيفي الذي أجري عام 2017، وقد عزا العلماء تلك الأغاني آنذاك إلى ذكور الحيتان الحقيقية.

وهكذا تأكد العلماء وبشكل قطعي من أن تلك الفئة من الحيتان الحقيقية في شمال شرق المحيط الهادئ تقوم بالغناء، ويرجح أن تقوم الإناث أيضا بالغناء ولكن بنسبة أقل من الذكور المغنية.

نزعة جديدة أم طارئة؟
تجدر الإشارة إلى أن هذه النزعة للغناء لم ترصد من قبل عند الحيتان الحقيقية، مما يميز هذه المجموعة عن غيرها.

ويقتصر تعداد تلك المجموعة على ثلاثين حوتا فقط، وعلى الرغم من كونها محمية عالميا ضمن برنامج صيد الحيتان الرسمي الذي أطلق منذ ثلاثينيات القرن العشرين، فإنها لا تزال تواجه تهديدات بالانقراض نتيجة أنشطة بشرية مثل شباك الصيد، إضافة إلى تأثرها بالتغير المناخي.

ومع هذه المخاوف يراقب العلماء هذا النوع النادر عن كثب، مرجحين أن هذه الندرة قد استدعت الذكور إلى إطلاق الأغاني لاجتذاب الإناث، لكنهم لم يتمكنوا من تأكيد ذلك بشكل حاسم بعد.

وفي تحقيق صحفي، نشر على موقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" في 19 يونيو/حزيران من العام الجاري، صرحت كرينسي بأن الفريق يخطط حاليا للرجوع إلى كافة البيانات الصوتية التي رصدت عبر السنوات الماضية في جميع أنحاء تلك الزاوية من المحيط، أملا في معرفة ما إذا كان بإمكانهم اكتشاف أية تغييرات في الأنماط، والتي قد تشير إلى كيفية تطور تلك الأغاني ومواسمها، وللتحقيق فيما إذا كانت تحتوي على أنماط خاصة بكل فرد من تلك الحيتان.

وأخيرا، لا يمكننا إلا أن نأمل في أن يكتشف الباحثون ما في وسعهم قبل إيداع هذه العينات القليلة في أرشيف أغاني الحيتان المأثورة.

المصدر : مواقع إلكترونية