مصانع بكتيرية لإنتاج حرير العنكبوت للمهمات الفضائية

Drops of water are seen on a spider's web during harvest at Chateau du Pavillon in Sainte-Croix-Du-Mont vineyard, France, October 22, 2018. REUTERS/Regis Duvignau
وفقا للباحثين فإن الحرير الصناعي الذي تنتجه البكتيريا كان بكفاءة حرير العنكبوت الطبيعي ذاتها (رويترز)

في اختراق بحثي جديد، تمكن العلماء من هندسة البكتيريا وراثيا لإنتاج حرير العنكبوت فائق القوة الذي يمكن استخدامه في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بدءًا من الأقمشة المضادة للرصاص والخيوط الجراحية وبزات الفضاء، وتشييد الجسور وغيرها من التطبيقات الصناعية.

ويعد حرير عنكبوت الأرملة السوداء من أعجب المواد التي نعرفها حتى الآن، فهو أقوى من الفولاذ، وفائق الخفة، وشديد المتانة، وقابل للتحلل الحيوي، أي فيه جميع الخصائص التي تجعله كنزًا في عيون الباحثين والمصنعين، وهو حرير أقوى وأقسى من الصلب، ولكن على عكس الصلب، لا يمكن إنتاج أليافه الطبيعية بكميات كبيرة.

ولطالما أمل الباحثون أن ينتجوا هذا الحرير معمليا، توطئة لإنتاجه بشكل صناعي، ولكن واجهتهم العديد من المشكلات التقنية. ومنها أن زراعة حرير العنكبوت ليست سهلة، فإذا وضعت عددا كافيا من العناكب معا في مزرعة لإنتاج الحرير فسيكون مشروعا خاسرا، لأن العناكب تميل إلى أكل بعضها بعضا، ومن ثم يتم إنتاج كميات ضئيلة للغاية من خيوط العنكبوت.

لذلك، جرب العلماء هندسة البكتيريا والخميرة والنباتات وحتى الماعز لإنتاج حرير العنكبوت، لكنهم لم يتمكنوا من تكرار الخصائص الميكانيكية للألياف الطبيعية بشكل كامل. ولهذا فإن إيجاد طريقة لإنتاج كميات كبيرة من حرير العنكبوت شكل تحديا كبيرا للعلماء.

ووفقًا لبيان صحفي للجمعية الكيميائية الأميركية (ACS)، أعلن العلماء مؤخرا عن توصلهم لطريقة جديدة لإنتاج حرير العنكبوت من البكتيريا المعدلة وراثيا. وقدم الباحثون نتائجهم يوم الثلاثاء الماضي في الاجتماع والمعرض الوطني للجمعية لربيع 2019.

خدعة وراثية
قال كبير الباحثين فيوزونج تشانغ من جامعة واشنطن في سانت لويس في بيان صحفي "في الطبيعة، هناك كثير من المواد التي تحتوي على البروتين والتي لها خواص ميكانيكية مدهشة، ولكن المعروض من هذه المواد محدود للغاية.. مختبري مهتم بهندسة الميكروبات بحيث لا يمكننا فقط إنتاج هذه المواد فحسب، بل نجعلها أفضل أيضا".

لكن جزءا من مشكلة الإنتاج هو أن بروتينات حرير العنكبوت يتم تشفيرها بواسطة سلاسل طويلة للغاية ومتكررة من الحمض النووي. وعندما يضع العلماء الجينات في الكائنات الحية الأخرى تكون غير مستقرة، وغالبا ما يتم قصها بواسطة الآلية الخلوية للمضيف.

حرير عنكبوت الأرملة السوداء أقوى من الفولاذ وفائق الخفة وشديد المتانة كما أنه قابل للتحلل الحيوي (رويترز)
حرير عنكبوت الأرملة السوداء أقوى من الفولاذ وفائق الخفة وشديد المتانة كما أنه قابل للتحلل الحيوي (رويترز)

وللتغلب على هذه المشكلة، قام الفريق بإدخال جينات تشفير لقطعتين من بروتين حرير العنكبوت إلى البكتيريا، كل منهما محاط بسلسلة تسمى "الإنتئين المنقسم" (إنترونات البروتين)، وهي عبارة عن تسلسلات بروتينية تشكل جزءا من بروتين لديه القدرة على إزالة نفسه والانضمام مرة أخرى للأجزاء الباقية "إكستينات" برابطة ببتيدية.

وقام الباحثون بتنقية الأجزاء القصيرة من بروتين حرير العنكبوت، وبخلطها معا يتم اتحاد هذه الشظايا من خلال "غراء" ناتج عن تسلسل الإنتئينات، والتي تنتج بروتينا كامل الطول في النهاية.

وتمكن الباحثون من صنع بروتينات متكررة مختلفة عن طريق تبديل الحمض النووي لحرير العنكبوت ووضع تسلسلات أخرى في البكتيريا. ومن خلال منهجيتهم الجديدة، تمكن العلماء من تصنيع غرامين من حرير العنكبوت لكل لتر من المزارع البكتيرية، وقد تبدو هذه الكمية ضئيلة، لكن البيان الصحفي يشير إلى أنه تحسن كبير مقارنة بمحاولات أخرى سابقة لإنتاج الحرير.

حرير عنكبوت فضائي
عند نسجه إلى ألياف، فإن حرير العنكبوت المنتج بكتيريا له كل خصائص حرير العنكبوت الطبيعي، بما في ذلك القوة الاستثنائية والمتانة والمطاطية. والآن، يعمل الباحثون على تبسيط العملية بحيث يمكن أن يحدث تفاعل ربط البروتين داخل الخلايا البكتيرية نفسها. هذا من شأنه أن يحسن الكفاءة والأتمتة المحتملة للنظام الجديد.

وإذا ارتفع معدل إنتاج حرير العنكبوت طبقا لهذا البحث، فقد ترغب ناسا في نقل البكتيريا في مهامها الفضائية المستقبلية، ويمكن لنظام إنتاج البروتين البكتيري أن يكون مفيدا خلال البعثات الفضائية المقبلة.

وكما يقول تشانغ "ناسا هي أحد ممولينا، وهم مهتمون بالإنتاج الحيوي".. "إنهم حاليا يطورون تقنيات تمكنهم من تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربوهيدرات يمكن استخدامها غذاء للميكروبات التي نقوم بهندستها (تعديلها وراثيا). وبهذه الطريقة، يمكن لرواد الفضاء إنتاج هذه المواد المعتمدة على البروتين في الفضاء دون جلب كمية كبيرة من المواد الأولية".

المصدر : مواقع إلكترونية