عاصفة أخلاقية بين العلماء.. الصين تستخدم جينا بشريا في القرود
ففي محاولة لمعرفة المزيد عن الطريقة التي يتطور بها دماغ الإنسان ولتضييق الفجوة التطورية بين ذكاء الإنسان وحيوانات الرئيسيات القريبة منه زرع علماء صينيون جينا من جينات من العقل البشري يسمى مايكروسيفالين أو (MCPH1) -وهو أحد الجينات التي يتم التعبير عنها في الدماغ ويشارك في تنظيم نمو الجنين لدى البشر- في جينوم قرود مكاك ريسوسي.
ويقول عالم الوراثة بينج سو في معهد كونمينغ لعلوم الحيوان والذي أشرف على هذا البحث "كانت هذه أول محاولة لفهم تطور الإدراك البشري باستخدام قرود معدلة جينيا".
جدل معتبر
وتعرض الباحثون لاستهجان العديد من العلماء الذين وصفوا الدراسة بأنها متهورة، وشككوا في التزام الباحثين الصينيين بأخلاقيات البحث العلمي.
ونقلت مجلة "تكنولوجي ريفيو" عن جيمس سيكيلا الباحث في علوم الجينات بجامعة كولارادو قوله "إن استخدام القرود المعدلة جينيا لدراسة الجينات البشرية المرتبطة بتطور الدماغ هو طريق محفوف بالكثير من المخاطر".
وتقول جاكلين جلوفر العالمة في مجال أخلاقيات البيولوجيا بجامعة كولورادو "يأخذك هذا التفكير الرائج إلى الكوكب الخيالي القرود، فمحاولة جعل القرود مثل البشر ستؤدي إلى الضرر، أين ستعيش وماذا ستفعل؟ لا تقم بإنتاج كائن ليس لحياته أي معنى في أي سياق".
باحث مثير للجدل
يتخصص سو في البحث عن علامات "الانتقاء الطبيعي الدارويني"، وشملت أبحاثه تطور لون بشرة الإنسان استجابة لفصول الشتاء الباردة، إلا أن الذكاء البشري هو أكبر لغز على الإطلاق.
وبحث العديد من العلماء من قبل عن الاختلافات بين البشر وقرود الشمبانزي التي تتشابه جيناتها مع جيناتنا بنسبة 98% تقريبا، ولكن سو كان مأخوذا بجين مايكروسيفالين، وبحلول عام 2010 أضاف هذا الجين البشري إلى القرود.
ولإنتاج هذه الحيوانات عرّض سو وزملاؤه أجنة القرود لفيروس يحمل النمط البشري من جين المايكروسيفالين، وأنتجوا 11 قردا، نجا خمسة منها، ويحتوي كل قرد من هذه القرود على ما يتراوح بين نمطين وتسعة أنماط من الجين البشري في جسمه.
ويقول سو إنه يتفق مع فكرة أن القرود قريبة جدا من البشر لدرجة أنه لا يجب تغيير أدمغتها، لكن القرود والبشر تشاركوا في الأسلاف لآخر مرة منذ 25 مليون سنة.
ويضيف "على الرغم من أن جينومها قريب من جينوم الإنسان فإن هناك عشرات الملايين من الاختلافات"، ولا يعتقد أن القرود ستصبح أكثر من مجرد قرود.
وقال أحد هؤلاء العلماء ويدعى مارتن ستاينر -وهو متخصص في التصوير بالرنين المغناطيسي في جامعة كارولينا الشمالية- إنه يفكر في إزالة اسمه من المقالة البحثية التي يقول إنها لم تتمكن من العثور على دورية غربية لتنشرها.
ويوضح ستاينر "هناك العديد من الجوانب في هذه الدراسة لا يمكنك القيام بها في الولايات المتحدة، وأنهم يحاولون فهم تطور الدماغ، ولا أعتقد أنهم سيتمكنون من ذلك".
وبالفعل، في الوقت الذي تتزايد فيه صعوبة إجراء مثل هذه البحوث في الغرب فقد سارعت الصين إلى تطبيق أحدث أدوات التحرير الجيني على الحيوانات وعلى الإنسان، وفازت بقصب السباق في إنتاج قرود معدلة باستخدام أداة كريسبر، كما نجح معهد صيني في مطلع هذا العام في استنساخ 6 قرود لأول مرة، وأثار عالم صيني الجدل باستخدام نفس الأداة على البشر.