ناسا تحاكي ظروف نشأة الحياة في المختبر

Said سعيد - لوري بارج، يسار، وإريكا فلوريس، يمين، في مختبرJPL لأصول وقابلية العيش في باسادينا ، كاليفورنيا. - علماء ناسا يحاكون أصل الحياة المفترض في المختبر
لوري بارج (يسار) وإريكا فلوريس في مختبر الدفع النفاث لأصول وقابلية العيش في باسادينا بولاية كاليفورنيا (ناسا)

طارق قابيل

أعاد علماء الأحياء الفلكية في إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) تهيئة الظروف التي كان من الممكن أن تولّد الحياة في قاع المحيط قبل 4 مليارات سنة في المختبر.

ويهدف العلماء إلى التعرف على الحياة على الكواكب الأخرى عن طريق دراسة أصول بدء الحياة على الأرض، وهي التجربة التي يمكن أن تساعد في الإجابة عن كيفية تشكل الحياة على الأرض، كما يمكن أن توفر التجربة أدلة للبحث عن الحياة في الكواكب الأخرى الموجودة في الكون الفسيح.

بدء الحياة على الأرض
تعمل عالمة الفضاء الأسترالية لوري بارج وفريقها في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا بولاية كاليفورنيا على التعرف بشكل أفضل على الحياة في الكواكب الأخرى من خلال دراسة أصول الحياة على الأرض، وتركز أبحاثهم على كيفية تشكل اللبنات الأساسية للحياة في الفتحات المائية بقاع المحيط.

ويقول العلماء إنه قبل أكثر من 4 مليارات سنة عندما كانت الأرض مضطربة وجديدة نمت إلى الوجود شرارة غريبة من الحياة، وهم ليسوا متأكدين تماما كيف حدث ذلك، لكن الأدلة تشير إلى أنه كان عميقا تحت سطح البحر، بعيدا عن متناول أشعة الشمس.

وتتضمن إحدى الفرضيات المتعلقة بأصول الحياة الفتحات الحرارية المائية، وهي تشققات في قاع المحيط، غالبا ما تكون مرتبطة بالنشاط البركاني، حيث تهرب الحرارة من باطن الأرض، وتتطور فيها المداخن الطبيعية التي تطلق السوائل التي تسخن تحت سطح الأرض، وعندما يتفاعل هذا المحلول مع مياه البحر فإنه يخلق نوعا من الاضطراب، ويصنع بيئة في حالة تدفق مستمر.

فتحات حرارية مائية في قاع المحيط (ويكيميديا كومونز)
فتحات حرارية مائية في قاع المحيط (ويكيميديا كومونز)

كيف تمت المحاكاة
لإعادة إنشاء هذه الفتحات المائية صنع الفريق طوابق بحرية مصغرة عن طريق ملء كؤوس زجاجية بخلائط تحاكي التركيبة الكيميائية للمحيط القديم، وتعمل هذه القيعان البحرية المختبرية حاضنات للأحماض الأمينية، وهي المركبات العضوية الضرورية للحياة كما نعرفها حاليا.

إنها البيئة المظلمة الدافئة التي قد تكون مفتاحا لفهم كيف تولد أشكال الحياة على الكواكب الخارجية بعيدا عن حرارة الشمس.

وتقول بارج -المؤلفة الأولى للدراسة الجديدة التي نشرت في دورية مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم- في بيان صحفي إن هذه البحوث تهدف بالتأكيد إلى "البحث عن الحياة في مكان آخر".

وأضافت أن "فهم المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مع المواد العضوية والمعادن قبل أن تكون لديك خلية فعلية هو أمر مهم للغاية، لفهم أنواع البيئات التي يمكن أن تنبعث منها الحياة".

واستخدمت بارج وزميلتها إريكا فلوريس مكونات شائعة كانت موجودة في محيط الأرض في تجاربهما، وقد دمجتا المياه والمعادن وجزيئات من "سلائف" البيروفات والأمونيا الضرورية لبدء تكوين الأحماض الأمينية.

واختبرت الباحثتان فرضيتهما بتسخين المحلول إلى 70 درجة مئوية، وهي نفس درجة الحرارة التي وجدت بالقرب من فوهة حرارية مائية، وضبطتا الأس الهيدروجيني لتقليد البيئة القلوية.

وأزالتا أيضا الأكسجين من الخليط لأنه -على عكس اليوم- كانت الأرض لديها القليل جدا من الأكسجين في محيطها في بداية نشأة الحياة.

وبالإضافة إلى ذلك، استخدم الفريق هيدروكسيد الحديد المعدني أو "الصدأ الأخضر" الذي كان وفيرا على الأرض في ذلك الوقت.

تفاعل الصدأ الأخضر مع كميات صغيرة من الأكسجين حقنها الفريق في المحلول، منتجا الحمض الأميني ألانين وأحماض ألفا هيدروكسي، وهي منتجات ثانوية من تفاعلات الأحماض الأمينية، لكن بعض العلماء يرون أنها يمكن أن تتحد لتشكل جزيئات عضوية أكثر تعقيدا يمكن أن تؤدي إلى الحياة كما نعرفها في النهاية.

ويواصل الفريق دراسة هذه التفاعلات على أمل العثور على المزيد من مكونات الحياة وخلق جزيئات أكثر تعقيدا.

وقالت بارج "ليس لدينا دليل ملموس على وجود حياة في مكان آخر بعد، لكن فهم الظروف المطلوبة لأصل الحياة يمكن أن يساعد على تضييق الأماكن التي نعتقد أن الحياة يمكن أن تكون موجودة فيها".

المصدر : الجزيرة