رسم أول خريطة ثلاثية الأبعاد لقاع الثقب الأزرق العظيم

Said سعيد - لطالما كان الثقب الأزرق العظيم مصدرا لحكايات وحوش أعماق البحار وأسرار المايا - رسم أول خريطة ثلاثية الأبعاد لقاع الثقب الأزرق العظيم
الثقب الأزرق يقع على طول ثاني أكبر نظام للحاجز المرجاني في العالم في البحر الكاريبي (فليكر)

فكرت المهدي

كان الثقب الأزرق العظيم مصدرا لحكايات وحوش أعماق البحار وأسرار المايا, ويقع هذا الثقب على طول ثاني أكبر نظام للحاجز المرجاني في العالم على بعد سبعين كيلومترا من ساحل مدينة بليز المطلة على البحر الكاريبي.

ويتكون الثقب من نظام معقد بعرض يزيد على ثلاثمئة متر من الكهوف الكلسية التي غرقت بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار مئة قدم في كل مئة عام على مدار الـ14 ألف عام الأخيرة، وذلك نتيجة لذوبان قمم الجليد التي تشكلت خلال الحد الأقصى الجليدي الأخير.

وانطلقت رحلة استكشافية في ديسمبر/كانون الأول 2018 برئاسة إيريكا بيرجمان التي درست علوم البحار الكيميائية في جامعة واشنطن.

وغاصت بيرجمان إلى عمق 125 مترا (410 أقدام) باتجاه القاع في غواصة خاصة لهذا الغرض، حيث لاحظ  الفريق مجموعة من "المسارات" الغريبة على الرمال.

وتشرح بيرجمان في إحدى تدويناتها أن من غير الشائع أن يسقط الصدف عن حافة الثقب الأزرق تلقائيا دون وجود أسباب مسوغة لهذا.

ويمكن أن نفسر ذلك بأن تلك القواقع لم تكن قادرة على الزحف على جدران الثقب الشديدة الانحدار، ولقيت نهايتها الحتمية بالموت خنقا في وسط ينعدم فيه الأكسجين، وهو ما أوحى لنا بتسمية المكان بـ"مقابر المحار".

تترك كل محارة أثرا في محاولة صعودها وآخر أثناء انزلاقها للأسفل، إلا أن الكثير من الرمال تتدفق على حافة الثقب لتغطي بسرعة المحار المختنق، وهكذا تتكرر العملية من جديد.

الوحوش الحقيقية التي تواجه المحيط

وضم فريق بيرجمان كلا من فابيان كوستو حفيد المستكشف جاك كوستو، والملياردير رجل الأعمال البريطاني الناشط البيئي ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة فيرجن العالمية.

وتابع الفريق سبر قاع الثقب القابع تحت ضباب كبريتيد الهيدروجين الذي تجمع على مدى قرون مع انعدام، أي دليل لوجود الأكسجين هناك.

ويوثق برانسون الرؤية في تدوينة له على موقع مجموعة فيرجن، قائلا "لم نكن نتوقع مشاهدة أي مخلوقات في الأسفل. لكن عندما وصلنا إلى القاع فوجئنا بوجود السرطانات والقواقع وغيرها من المخلوقات التي سقطت في الحفرة وماتت مع غياب الأكسجين".

وباستخدام السونار، اكتشف الفريق وجود عدد كبير من الصواعد والهوابط المعلقة وكأنها أعمدة جليدية ضخمة.

وتوالت حملات الفريق الاستكشافية، حيث قام بأكثر من عشرين عملية غوص للتجوال في أركان الثقب الأزرق، والآن قدم لنا الفريق أول خريطة متكاملة ثلاثية الأبعاد لهذه الأعجوبة الطبيعية.

وقد علق برانسون في تدوينته قائلا "إن الوحوش الحقيقية التي تواجه المحيط ما هي إلا تغير المناخ والبلاستيك"، وأضاف "للأسف رأينا زجاجات بلاستيكية في قاع الثقب وهو ما ينذر بآفة حقيقية تهدد المحيطات"، وأضاف "نأمل في أن تفيد نتائج رحلتنا في خلق الوعي حول ضرورة حماية المحيط والتصدي لتغير المناخ الآن وقبل فوات الأوان".

المصدر : الجزيرة