هل تقلل اللحوم المزروعة في المختبر من الاحتباس الحراري؟

Professor Mark Post holds the world's first lab-grown beef burger during a launch event in west London August 5, 2013. The in-vitro burger, cultured from cattle stem cells, the first example of what its creator says could provide an answer to global food shortages and help combat climate change, was fried in a pan and tasted by two volunteers. The burger is the result of years of research by Post, a vascular biologist at the University of Maastricht, who is working to
نجح فريق من العلماء الهولنديين عام 2013 في إنتاج قطعة برغر في المختبر (رويترز)

طارق قابيل

ظهر اتجاه عالمي مؤخرا لإنتاج لحوم مصنّعة بالكامل في المختبرات، بحجة أن توفير تلك اللحوم المزروعة في المختبرات هو الحل المناسب للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويقول المروجون لهذا الأسلوب إن ذلك يخدم أهداف عدة مثل إيجاد حلول لأزمة الغذاء في المستقبل، والتخفيف من الضغط على مزارع الماشية، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

خطوات إنتاج لحوم في المختبر
وبالفعل خطت تقنية إنتاج اللحوم في المختبرات خطوات واسعة، حيث نجح فريق من العلماء الهولنديين عام 2013 في إنتاج قطعة برغر في المختبر، بتكلفة إجمالية بلغت نحو 330 ألف دولار.

بينما نجحت شركة ممفيس ميتس الأميركية في إنتاج لحوم مزروعة في المختبر، بتكلفة بلغت نحو 18 ألف دولار لنحو نصف كيلوغرام.

واعتمد الفريقان في تصنيع اللحوم على زرع خلايا جذعية ذاتية التجدد مأخوذة من الحيوانات، كبديل عن تربية الماشية للحصول على لحومها.

ورغم ارتفاع التكلفة، فإن هذا الاتجاه نال تشجيعا كبيرا، ويرى كلا الفريقين أن هذه التقنية ستستمر في التقدم سريعا، لتصل إلى مرحلة البيع في المتاجر في غضون أعوام قليلة.

لكن دراسة جديدة نشرت مؤخرا في مجلة "النظم الغذائية المستدامة" أشارت إلى أن نظم اللحوم المزروعة هذه قد لا تكون الحل المناسب للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ووجد باحثون من جامعة أكسفورد أنه في ظل الاستهلاك العالمي المرتفع للحوم تؤدي اللحوم المزروعة في المختبر إلى انخفاض درجة الحرارة مقارنة بنظم تربية الماشية في البداية، ولكن هذه الفجوة تضيق على المدى الطويل، وفي بعض الحالات تسبب الماشية درجة أقل من الاحترار، حيث لا تتراكم انبعاثات الميثان.

اعتمد في تصنيع اللحوم في المختبر على زرع خلايا جذعية ذاتية التجدد مأخوذة من الحيوانات، كبديل عن تربية الماشية للحصول على لحومها (غيتي)
اعتمد في تصنيع اللحوم في المختبر على زرع خلايا جذعية ذاتية التجدد مأخوذة من الحيوانات، كبديل عن تربية الماشية للحصول على لحومها (غيتي)

وترتبط تربية الماشية بإطلاق غاز الميثان وأكسيد النيتروز، بينما ترتبط الطاقة المستخدمة في المختبرات بإطلاق ثاني أكسيد الكربون. والأهم من ذلك، أن هذه الغازات لا تؤثر جميعها على ظاهرة الاحتباس الحراري بالطريقة نفسها.

وقال ريموند بيريهامبرت المؤلف المشارك وأستاذ الفيزياء بجامعة أكسفورد لشبكة بي بي سي "يكون لطن واحد من الميثان المنبعث تأثير حراري أكبر بكثير من غاز ثاني أكسيد الكربون. مع ذلك، فإنها تبقى في الغلاف الجوي لمدة 12 عاما فقط، في حين أن ثاني أكسيد الكربون مستمر ويتراكم لآلاف السنين".

بعبارة أخرى، ليس هناك شك في أن تربية الماشية تشكل تهديدا على المناخ ​​بسبب الميثان الذي تطلقه في الهواء. لكن تراكم ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يكون له تأثير سلبي أكبر على المدي الطويل.

وفي أحد السيناريوهات التي صاغها الفريق، وجد الباحثون أنه مع انخفاض الطلب على لحوم البقر إلى مستويات مستدامة، يتناقص تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري في تربية الماشية، بل إنه يفوق التأثيرات المناخية الإيجابية للحوم المزروعة في المختبر.

وتوصل الباحثون إلى هذه الاستنتاجات من خلال مقارنة نتائج أربع دراسات حول آثار الغازات الدفيئة من اللحوم المزروعة، وثلاث دراسات عن التأثيرات نفسها من نظم إنتاج لحوم البقر المختلفة. وباستخدام هذه البيانات لخلق نموذج مناخي، رأوا ما يمكن أن يحدث في ظل سيناريوهات أكل اللحوم المختلفة خلال الألف عام القادمة.

وخلص الباحثون إلى أن اللحم المزروع في المختبر ليس بالضرورة أفضل للمناخ من نظم تربية الأبقار، إلا أن هذا يتوقف على أنواع نظم إنتاج اللحوم المزروعة، وربما الأهم من ذلك، مصدر الطاقة المستخدم لتشغيل هذه الأنظمة.

لكن ما أصبح واضحا هو أننا سنضطر إلى تغيير عاداتنا في تناول اللحوم، حيث يدعو بعض العلماء إلى التحول إلى نظام غذائي نباتي، ليقلل من تغير المناخ ويعالج أيضا قضايا السمنة وسوء التغذية العالمية.

المصدر : الجزيرة