إهمال العالم العربي لمسطحاته المائية يهدد التنوع البيولوجي

Said سعيد - خريطة العالم موضحا عليها مستويات تحقيق نسبة الـ17% المحددة في اتفاقية أيشي - العالم العربي متراجع في حماية مسطحاته المائية
المسطحات المائية بالدول العربية والآسيوية بحاجة لمزيد من الحماية (الجزيرة)

هشام بومجوط-الجزائر

كشفت دراسة علمية دولية -حول حالة المسطحات المائية المحمية في العالم- أن الكثير من دول أفريقيا وغرب آسيا والعديد من الدول العربية لم تتجاوز نسبة 17% من رعاية مسطحاتها المائية داخل المحميات الطبيعية التي تنص عليها اتفاقية أيشي الدولية.

ودعا أصحاب الدراسة المنشورة بمجلة "بلوس وان" هذه الدول إلى مضاعفة جهودها في حماية مياهها الداخلية لما لها من أهمية قصوى في الحفاظ على التنوع البيولوجي، والتخفيف من آثار التغيرات المناخية وغيرها من المنافع والخدمات البيئية التي تقدمها هذه المسطحات.

وباستثناء المغرب التي حققت نسبة 39.1% والكويت 16.51% ومصر 13.1% والعراق 11.9%، فإن باقي الدول العربية لم تبلغ متوسط 5% بينما سجلت أضعف النسب في كل من الأردن والسعودية ولبنان وسلطنة عمان وقطر، حيث لم تتجاوز عتبة 3%.

وفي المقابل، أشارت الدراسة إلى أن دولا حققت نسبا ناهزت 50% أو أكثر على غرار بيرو ونيوزيلندا وإيران وجنوب أفريقيا وأستراليا ومنغوليا والكثير من الدول الأوروبية.

وينص البند 11 من اتفاقية "أيشي" -التي بدأ العمل بها عام 2011 وتنتهي عام 2020- على ضرورة وضع 17% من المساحة الإجمالية من المياه الداخلية لكل دولة كمحميات طبيعية، و10% من المياه الساحلية كمحميات بحرية حفاظا على التنوع البيولوجي وضمان إدارة مستديمة لمصادرها.

وحذر معدو الدراسة من الاستغلال المفرط وغير المستدام لهذه المياه التي تعتبر في الكثير من المناطق المصدر الوحيد لمياه الحيوانات البرية والغطاء النباتي، وقالوا إن فقدانها سيؤثر على الأنظمة البيئية.

وسجلت الدراسة فقدان ما قيمته 5% من المسطحات المائية الدائمة في العديد من دول العالم خلال الثلاثين سنة الماضية.

‪العراق لم يرع مسطحاته المائية سوى بما يقارب 12%‬ العراق لم يرع مسطحاته المائية سوى بما يقارب 12% (الجزيرة)
‪العراق لم يرع مسطحاته المائية سوى بما يقارب 12%‬ العراق لم يرع مسطحاته المائية سوى بما يقارب 12% (الجزيرة)

ندرة المياه
قال د. إيهاب عيد المدير التنفيذي للجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية بالأردن إن المنطقة العربية إما جافة أو شبه جافة، وإنه من الطبيعي أن يكون مستوى الحماية متدنيا بسبب ندرة المياه في المحميات وتوفرها بشكل غير دائم.

ويعتقد أن حماية المصادر المائية بالمحميات يجب أن يكون ضمن مفهوم الإدارة المتكاملة الذي يتضمن العمل التشاركي مع المجتمعات المحلية لإيجاد طرق بيئية توفر استهلاك المياه مثل الحصاد المائي والمياه الرمادية وغيرها من التقنيات بهدف التقليل من الاعتماد على المياه الجارية أو الجوفية.

ويرى أن أهم مهددات حماية المياه ضمن مساحة المحميات هو موقع المحمية من المسقط المائة، وقال إنه إذا افترضنا أن المحمية تقع في الجزء السفلي من المسقط المائي ولا تضم في مساحتها كامل مساحة المسقط فإنها ستكون عرضة للتلوث الذي قد يأتي من المنطقة العلوية.

ولإنشاء السدود في مصبات الأودية تأثيرات سلبية -كما يقول عيد- إن لم تتم إدارتها بطريقة بيئية تسمح بجريان المياه وتساهم في حيوية الوادي.

عراقيل بيروقراطية
أوضح سمير غريماس الأستاذ بمعهد علوم البحار في الجزائر ومستشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه بعد دخول اتفاقية أيشي حيز التنفيذ عام 2011، أصدر المشرع الجزائري العام نفسه مرسوما تنفيذيا حول المحميات الطبيعية ينص على إنشاء لجنة وطنية للمحميات الطبيعية ولجان ولائية لمتابعة المسار، غير أنه لم يتم تنصيب هذه اللجان سوى بعد مرور ست سنوات.

وقال "نحن بعيدون جدا عن بلوغ أهداف أيشي، خاصة فيما يتعلق بالمحميات البحرية، ولم نتجاوز نسبة 1% مقابل أكثر من 5% بالنسبة للمسطحات المائية داخل المحميات الطبيعية كما أشارت إليه الدراسة".

فالمطلوب اليوم -وفق وجهة نظر غريماس- ليس فقط إنشاء المحميات، بل أيضا تأهيل الطواقم الإدارية لضمان التسيير الأمثل لها وإشراك المجتمع المدني الذي يلعب دورا مهما في الحفاظ عليها.

المصدر : الجزيرة