رب ضارة نافعة.. التغير المناخي يحفز تكاثر الأيل الأحمر

الأيل الأحمر يتأقلم ايجابيا مع التغيرات المناخية (بيكساباي)
الأيل الأحمر يتأقلم إيجابيا مع التغيرات المناخية (بيكسابي)

هشام بومجوط

وجد باحثون علميون أن الحيوانات البرية أصبحت تضع مواليدها الجدد في وقت مبكر خلافا للعادة، وذلك تأقلما مع ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يعتبر أول دليل علمي يؤكد أن التغيرات المناخية لا تشكل دائما تهديدا للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض، بل إنها قد تساهم في تسريع وتيرة التكاثر لدى بعض من الحيوانات.

رب ضارة نافعة
لاحظ هؤلاء الباحثون أن الأيل الأحمر الذي يعيش في جزيرة "روم" بشرق أسكتلندا قد طرأت عليه تحولات جينية بسبب التغييرات التي حدثت له في مواقيت الولادة العادية، وهو ما شكل لديهم أولى الدلائل العلمية التي تؤكد أن دورة تكاثر الحيوانات البرية قد تأثرت فعلا بالتغيرات المناخية.

وحسب الدراسة العلمية المثيرة التي قد تغير النظرة النمطية السلبية لظاهرة التغيرات المناخية، فإن الأيل الأحمر الذي يعتبر من الحيوانات القوية قد شهد منذ ثمانينيات القرن الماضي تقدما في تواريخ الولادة بمقدار ثلاثة أيام كل عشرية، أي قرابة أسبوعين "12.3 يوما" في فترة 40 سنة، وهو ما اعتبره الباحثون تأقلما إيجابيا.

وكان الباحثون من جامعة إديمبرغ قد اشتغلوا على هذا الموضوع من خلال عمل ميداني ومعطيات جينية تم جمعها طوال 45 عاما، وهم يعتبرون ذلك عاملا إيجابيا لأنه يساهم في تكاثر الأيل الأحمر والحيوانات البرية بصفة عامة بطريقة أسرع، وهي صورة واضحة تؤكد أن التغيرات المناخية التي طالما شكلت تهديدا للتنوع البيولوجي أصبحت عاملا مساعدا له.

الكائنات يمكنها التأقلم
وتم نشر هذه الدراسة في دورية "بلوس بيولوجي" يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وشارك فيها أيضا باحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية ومن جامعتي كامبريدج وسانت أندرو ببريطانيا.

أشرف على الدراسة الدكتور تيموثي بونيت من أستراليا الذي قال في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني إن "ما توصلنا إليه خلال فترة 40 سنة من العمل المشترك يعتبر مذهلا، حيث وقفنا على ما يمكن وصفه بأنه من الحالات النادرة في البحوث العلمية، فقد تمكنا من توثيق وتيرة تكاثر الأيل الأحمر".

‪الأيل الأحمر يدفع العلماء إلى تغيير نظرتهم للتغيرات المناخية‬ (بيكسابي)
‪الأيل الأحمر يدفع العلماء إلى تغيير نظرتهم للتغيرات المناخية‬ (بيكسابي)

وأضاف بونيت "هذا ما يجعلنا نعتقد أن الحيوانات البرية ومجمل الكائنات الحية على كوكب الأرض يمكنها التأقلم مع التغيرات المناخية، وفي الحقيقة لا يمكننا توقع ما سيحدث في المستقبل البعيد، لكن إذا لم تحدث تغييرات على درجة الاحترار التي يشهدها كوكبنا حاليا فإنه يمكن القول إن دورة تكاثر الأيل الأحمر ستتقدم بحوالي شهر خلال قرن".

مزيد من البحوث
من جهتها، قالت سالي توماس مديرة المحمية الطبيعية لأسكتلندا التي احتضنت الدراسات الميدانية في نص البيان الصحفي الصادر عن الدراسة إن "هذه المعلومات ثمينة جدا، لأنها تشكل مثالا رائعا لكيفية تأثر الحيوانات البرية بالتغيرات المناخية في الوقت الذي يتحدث الجميع عن التأثير السلبي لهذه الظاهرة على التنوع البيولوجي".

لكن الباحث في الوكالة الوطنية الجزائرية للتغيرات المناخية خالد بلعبدي يرى في تصريح هاتفي للجزيرة نت أن هذه الدراسة تشكل حالة خاصة بالأيل الأحمر، ولا يمكن تعميمها على باقي الحيوانات البرية، حيث عبر عن اعتقاده بأن "تأثر دورة التكاثر لدى الأيل الأحمر تخصه وحده، وقد لا يكون السبب الحقيقي وراء ذلك هي التغيرات المناخية الذي أصبح الجميع يتهمها".

ويضيف بلعبدي "نحن بحاجة إلى مزيد من البحوث العلمية على المزيد من الحيوانات البرية حتى نتأكد من هذا الطرح".

المصدر : الجزيرة + وكالات