يُقارن بإسحاق نيوتن.. وفاة عالم الرياضيات مايكل عطية

The Order of Merit members pose for a group photograph (left to right back row) , Sir James Dyson, Lord Darzi of Denham, David Hockney, Neil MacGregor, The Rt Hon Jean Chretien, Sir Tim Berners-Lee, Lord Rees of Ludlow, John Howard, Professor Sir Magdi Yacoub, Professor Dame Ann Dowling, Lord Robert Fellowes, (left to right seated) Sir David Attenborough, Lord Rothschild, Professor Lord May of Oxford, Professor Sir Roger Penrose, Sir Michael Atiyah, the Duke of Edinb
على لقب فارس "سير" البريطاني وجائزة فيلدز التي تعتبر بمثابة جائزة نوبل لعلماء الرياضيات (رويترز)

توفي قبل أيام عن عمر 89 عاما عالم الرياضيات البريطاني مايكل عطية الحاصل على لقب فارس (سير) البريطاني وجائزة "فيلدز" التي تعتبر على نطاق واسع بمثابة جائزة نوبل للرياضيين.

ولد عطية في 22 أبريل/نيسان 1929 في لندن لأب لبناني مسيحي يدعى إدوارد عطية ولأم إسكتلندية تدعى جين ليفينز، وله ثلاثة أشقاء هم باتريك وجو وسلمى.

هاجر والد عطية من لبنان إلى بريطانيا وهو في العشرينيات، ومنها غادر مع زوجته وهو في الثلاثينيات إلى مصر والسودان حيث أمضى مايكل عطية طفولته في الخرطوم ودرس الابتدائية فيها، ثم درس الثانوية في كلية فيكتوريا في الإسكندرية بمصر، ثم عادة إلى بريطانيا ليتخرج دكتورا من جامعة ترينيتي في كامبريدج سنة 1954.

قيل عن عطية إنه ربما يعد أهم عالم رياضيات في النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك أنه استطاع إثبات العديد من النظريات العظيمة، ويقارن بإسحاق نيوتن لمساهماته في فهمنا للكون، وفقا لمقال ينعى هذا العالم في صحيفة تايمز البريطانية.

أفكار غزيرة ومعقدة
تقول الصحيفة إن أفكار عطية كانت "غزيرة ومعقدة، كانت متوازنة على حد السكين بين العبقرية والجنون"، رغم أنه بقي إلى حد كبير  إلى جانب العبقرية، وفقا للمقال.

وقد برز إبداع عطية من خلال "نظرية أس عطية-سينغر" (index theorem) التي وضعها مع زميله إيسادور سينغر، ووصفها العديد من علماء الرياضيات بأنها "نظرية القرن"، وكانت من بين أحد الأسباب الأساسية لحصوله على ميدالية فيلدز التي تعتبر على نطاق واسع بمثابة جائزة نوبل لعلماء الرياضيات.

حصل عطية على أعلى مرتبتي شرف في الرياضيات وهما ميدالية فيلدز في عام 1966، وجائزة "أبيل" في عام 2004، كما حصل العديد من زملائه على ميداليات فيلدز لاكتشافات تتعلق بعمله.

في عام 1990 أصبح عطية رئيس الجمعية الملكية، ومدير معهد إسحاق نيوتن للعلوم الرياضية في كامبريدج، وهو معهد وطني لأبحاث الرياضيات.

وفي الواقع، جمع عطية بين الرياضيات والفيزياء بطريقة تذكرنا بإسحاق نيوتن، وفقا للمقال، الذي يصفه بأنه "كان عالم رياضيات نقيا" بينما يشتكي من أن "مشكلة العمل مع الفيزيائيين هي أنه بمجرد حل المشكلة، يتم إخبارك أن هذه المشكلة ليست هي المشكلة الحقيقية".

ومن هذه النقطة تأثرت معظم أبحاث عطية بالفيزياء، وقد نشأ جزء كبير منها من مناقشات مكثفة مع عالم الفيزياء إدوارد ويتن في جامعة برينستون. وعلى وجه الخصوص، حثه ويتن على أخذ مجال نظريات الكم بجدية أكبر، وفي نهاية المطاف أصبح عطية أحد مؤسسي ما يسمى "رياضيات الكم".

صورة جماعية التقطت في 2015 للحاصلين على وسام الاستحقاق تتوسطهم الملكة إليزابيث، وعطية هو الرابع من اليسار في الصف الأول (غيتي)
صورة جماعية التقطت في 2015 للحاصلين على وسام الاستحقاق تتوسطهم الملكة إليزابيث، وعطية هو الرابع من اليسار في الصف الأول (غيتي)

كان لعطية خبرة في مجال الخدمة العامة والجمعيات العلمية، حيث شارك في لجنة إصلاح تدريس الرياضيات في المدارس، وترأس جمعية لندن للرياضيات، ورابطة الرياضيات، وكان نائب رئيس الجمعية الملكية، وناشط في اتحاد الرياضيات الدولي، وساهم في تشكيل مجتمع الرياضيات الأوروبي، وقد ساهمت كل تلك النشاطات في منحه لقب فارس الذي حصل عليه سنة 1983، كما حصل على وسام الاستحقاق سنة 1992.

تقاعد هادئ
اعتزل عطية من عضوية "ترينتي" سنة 1997 وذهب للعيش في إدنبرة، حيث ترعرت زوجته ليلي براون، التي كانت أيضا عالمة رياضيات، وكان الاثنان قد تزوجا في عام 1955 ورزقا بثلاثة أبناء توفي أحدهما في حادث تسلق سنة 2002، في حين توفيت زوجته، التي كانت تعاني من الخرف، في 2017.

تقول صحيفة تايمز، إنه بعد فترة تقاعد هادئة، عاد حماسه للرياضيات وأصبح أستاذا فخريا في جامعة إدنبرة. ورغم استمراره في العمل ونشر الأبحاث فإن ذلك التوازن الحاد بين العبقرية والجنون أخذ يميل نحو الأخير، لكن هذا شبه الجنون -الذي وصفه بنفسه بـ"الهوس"- كان جزءا من تألقه وظل حتى النهاية كرة طاقة لا يمكن إيقافها.

توفي عطية في 11 يناير/كانون الثاني 2019 عم عمر 89 عاما بعدما عانى من صعوبات في التنفس.

المصدر : تايمز