قرية العلوم.. فضاء علمي تحت سماء الجنوب التونسي

التوقيع على اتفاقية شراكة بين مدينة العلوم بتونس - ممثلة في مديرتها العامة السيدة درة غربال - والمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بقبلي - ممثل في مديره السيد الحسين الطمباري
التوقيع على اتفاقية شراكة بين مدينة العلوم بتونس والمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بقبلي لإنشاء قرية العلوم (الجزيرة)

روضة السالمي-تونس

وقّعت مدينة العلوم بتونس مؤخرا على اتفاقية شراكة مع المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بولاية قبلي بالجنوب الغربي لإنشاء قرية للعلوم في الولاية.

ويأتي ذلك تنفيذا لسياسة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الهادفة إلى تطوير الأقطاب الجامعية في هذه المناطق من جهة، وسعيا إلى تفعيل خطة عمل متكاملة أعدّتها مدينة العلوم، تتمثل في إنشاء قرى علمية بمناطق الجنوب والوسط والشمال التونسي، وذلك بعد نجاح تجربة أولى القرى العلمية التي كان افتتاحها سنة 2014 في ولاية تطاوين.

ويهدف افتتاح قرية علوم ثانية في الجنوب التونسي إلى خلق التوازن المناطقي المنشود ما بين الشمال والجنوب ومدن الساحل، وإتاحة المرافق التثقيفية أمام شباب المنطقة، وخلق حركية اجتماعية واقتصادية، وتكريس إستراتيجية لامركزية العلوم وثقافة القرب، والنهوض بالمناطق الداخلية في الجنوب.

الافتتاح في 2019
ومن المنتظر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2019 أن تفتح هذه القرية الجديدة أبوابها لاستقبال جمهورها من أقاليم الجنوب، وذلك بعد تأثيثها وإعداد حزمة العروض العلمية والورشات الموجهة إلى الدارسين في مختلف المستويات التعليمية والباحثين وعامة الجماهير.

وأسوة بما هو موجود في جل المدن العلمية في البلدان المتقدمة، وفرت مدينة العلوم بتونس لزوارها جملة من الفضاءات العلمية المتخصصة، وتميزت قبتها الفلكية التي تتسع لـ120 متفرجا بنظام عرض ثلاثي الأبعاد يعتمد تقنية full dôme HD.

كما أثرت عروضها الفلكية بجملة من الأفلام الحديثة الناطقة بالعربية والفرنسية والإنجليزية استجابة لجمهورها من محبي علم الفلك والمتطلعين للتعرف على الثقوب السوداء والمادة الغامضة، والتعرّف على النيازك والشهب والنظام الشمسي والدخول إلى المحطات الفضائية لعيش تجربة تخيلية.

‪موقع قرية العلوم بقبلي‬ (الجزيرة)
‪موقع قرية العلوم بقبلي‬ (الجزيرة)

كما أنها احتضنت مئات المعارض منذ افتتاحها تراوحت بين النانوتكنولوجيا واستكشاف الفضاء إلى الحشرات العملاقة والرياضيات والعصر الذهبي للعلوم عند العرب والديناصورات الذي صنع بأياد وخبرات تونسية.

ومركز للواقع المعزّز وآخر للنفاذ إلى المعلومة ومكتبة معلوماتية، ويمكن للزائر أن يقتني تذكارات على شكل ألعاب للذكاء أو مجسمات للديناصورات أو منشورات المدينة وإصداراتها.

كما يوجد مساحات علمية غير مغطاة تحيط بهيكل البناء وقد أطلق عليها تسمية معارض الهواء الطلق، حيث تروي مع كلّ خطوة يخطوها الزائر تاريخ العلوم والاكتشافات من خلال تمثال آينشتاين ومجسمات عملاقة مثل مسمار أرخميدس، ورقاص فوكو والناعورة التي يبلغ قطر عجلتها الخشبية 23 مترا، كما تزدهي الفضاءات الخارجية بحديقة الديناصورات التي تعرض في الهواء الطلق خمسة نماذج من معرض "ديناصورات الصحراء" في حجمها الحقيقي.

مسرح الهواء الطلق
أما مسرح الهواء الطلق فهو يقع في مساحة خضراء تجاور حوض أبي فهر الأثري الذي يعود بناؤه إلى العهد الحفصي، ويمكنه أن يحتضن عروضا مسرحية وحفلات موسيقية. وغير بعيد عنه توجد إقامة أبي فهر التي أعدّت لاستقبال الباحثين والمحاضرين التونسيين والأجانب والطلبة وتحتوي على 17 غرفة مزدوجة وشقتين وجناحين، وهي مكيفة ومجهزة بجميع المرافق.

أما المطعم والمقهى فيطلان على حوض أبي فهر ويتسعان لأكثر من 300 شخص، يمثّلان مكانا للاستراحة والغداء للأفراد والمجموعات التي تتنقل كثيرا من المناطق الداخلية لتنهل من العلوم بتنوع محاورها.

وتنظّم مدينة العلوم بتونس عددا من الأنشطة الداخلية والخارجية. فعلى الصعيد الداخلي تقوم بتنظيم الزيارات المنظمة لطلاب المدارس، وإعداد برامج خاصة والاحتفاليات العلمية الدولية والمحلية بمناسبة الأحداث الفلكية وبرصد السماء عبر أدوات الرصد التي تضعها مدينة العلوم في خدمتهم.

أما على الصعيد الخارجي فتعتمد المدينة في تقريب العلوم إلى كل مناطق الجمهورية من خلال الفلك السيار الذي هو عبارة عن قبة فلكية متنقلة تنفخ بالهواء لتستوعب عشرات الأشخاص الذين يرغبون في اكتشاف ما يعرضه جهاز التخييل من كواكب ونجوم.

كما لديهم القاطرة التي تشتمل على مخبر متنقل يقدم تجارب عدة ترتبط بعلوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والعلوم الطبيعية ومجالات أخرى.

مركز للمؤتمرات
وتشتمل مدينة العلوم أيضا على مركز للمؤتمرات يحتوي على مدرجين تبلغ طاقة استيعاب الأول 264 شخصا والثاني 132، وخمس قاعات محاضرات تتراوح طاقة استيعابها بين 80 و120 شخصا، وتحتوي كل القاعات على أجهزة سمعية بصرية متطورة تمكّنها من عرض الأفلام وأجهزة للتخاطب عن بعد.

وتحتضن المدينة سنويا مئات المؤتمرات سواء الدولية أو المحلية، وتنظّم عددا هاما من المحاضرات العلمية الموجهة إلى الناشئة أو إلى العموم والمقاهي العلمية التي تقوم بالتعريف بأحدث ما توصلت إليه العلوم والتكنولوجيا.

العلم للجميع، ذلك هو شعار مدينة العلوم بتونس منذ افتتاحها في أواخر تسعينيات القرن الماضي. اهتمامها بنشر الثقافة العلمية بين مختلف فئات المجتمع وخاصّة في صفوف الناشئة. وهي بإنشائها لقرى علمية في مختلف مناطق الجمهورية التونسية تسلّم المشعل لأبناء الجهات الداخلية لينهضوا بأنفسهم وأقاليمهم ويركزوا اهتمامهم على العلم والمعرفة من أجل خلق فرص جديدة لحياة كريمة.

المصدر : الجزيرة