هكذا فشلت الإمارات والسعودية في إخفاء انتهاكاتهما باليمن

محمد عبد الملك-الجزيرة نت

مرة أخرى يخفق التحالف السعودي الإماراتي في محاولاته إخفاء انتهاكاته ضد المدنيين في اليمن، حيث صوت مجلس حقوق الإنسان في جلسته الجمعة لصالح قرار تمديد مهمة فريق الخبراء الدوليين البارزين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب باليمن.

وجاء قرار التمديد بموافقة 21 عضوا في المجلس ومعارضة ثمانية أعضاء -بينهم السعودية والإمارات– ورفض الحكومة اليمنية له أيضا، في حين تحفظ 18 عضوا عن التصويت.

وكشفت مصادر دبلوماسية غربية خاصة للجزيرة نت عن حملات منظمة قادتها السعودية والإمارات خلال الأسابيع الماضية في عدد من العواصم الغربية بهدف إيقاف مهمة فريق الخبراء البارزين والتصويت ضد استمرار الفريق إلا أن تلك الجهود فشلت.

وقالت المصادر -التي تتحفظ الجزيرة نت على الكشف عن هويتها- إن السعودية بعثت مجددا خطابات رسمية إلى فرنسا وإنجلترا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي لإقناعها بأن مشروع القرار الذي تقدمت به كندا وهولندا نهاية العام الماضي عبر الأمم المتحدة وأقر مجلس حقوق الإنسان بناء عليه تشكيل لجنة الخبراء لا يفضل تجديده بحجة انحياز تقرير الفريق الأخير لصالح جماعة الحوثي والتحريض على التحالف.

الأحمدي: التلويح الأممي بقوائم سرية للمسؤولين عن الانتهاكات في اليمن سواء من تحالف السعودية والإمارات أو الحوثيين يعتبر أمرا مهما (الجزيرة)
الأحمدي: التلويح الأممي بقوائم سرية للمسؤولين عن الانتهاكات في اليمن سواء من تحالف السعودية والإمارات أو الحوثيين يعتبر أمرا مهما (الجزيرة)

وبحسب المصادر، فإن السعودية زعمت في خطاباتها إلى تلك الدول وكذلك خلال التقائها بممثلي المنظمات الدولية في جنيف أن جماعة الحوثي ضد الحل السياسي في اليمن، وأن الحكومة اليمنية الشرعية ضعيفة ولا تقدر على إدارة المناطق والمحافظات التي تم تحريرها حتى الآن وتشرف عليها قوات التحالف.

خطوة جيدة
مع الأخذ بعين الاعتبار العيوب التي انطوى عليها تقرير الخبراء الأخير بخصوص حالة حقوق الإنسان في اليمن وغض الطرف عن انتهاكات جماعة الحوثيين كما يتحدث التحالف إلا أن قرار تمديد مهمة الفريق في توثيق الانتهاكات أمر جيد للرقابة على دور التحالف والحكومة اللذين أخفقا في بناء نموذج مقبول لسلطة تحترم حقوق الإنسان وقوانين المجتمع الدولي، بحسب حديث الناشط الحقوقي اليمني محمد الأحمدي للجزيرة نت.

كما أن تلويح فريق الخبراء الأممي بقوائم سرية للمسؤولين عن جرائم الانتهاكات في حرب اليمن سواء من التحالف العربي أو الحوثيين يعتبر أمرا مهما، وفقا لما يراه الأحمدي، وقد يساعد ذلك في إيقاف حالة الاستهتار بدماء الأبرياء المدنيين ويضع حدا لكل من يفكر بالإفلات من العقاب مستقبلا.

وفي خضم كل هذا الحراك لا يغفل الأحمدي الإشارة إلى أن هناك تسييسا لملف حقوق الإنسان من قبل أطراف دولية عديدة، كما يرى أن تحركات السعودية والإمارات الأخيرة تثبت جليا السجل القاتم لهما في مجال حقوق الإنسان.

عزلة
يعتبر تصويت مجلس حقوق الإنسان لصالح تمديد مهمة لجنة فريق الخبراء خطوة أخرى في طريق العدالة لصالح حفظ حق الضحايا المدنيين باليمن كما يفيد رئيس منظمة "مواطنة" عبد الرشيد الفقيه في حديثه للجزيرة نت.

عبد الرشيد الفقيه: قرار تمديد مهمة خبراء انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن شكل عزلة لتحالف السعودية والإمارات في قاعة مجلس حقوق الإنسان (الجزيرة)
عبد الرشيد الفقيه: قرار تمديد مهمة خبراء انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن شكل عزلة لتحالف السعودية والإمارات في قاعة مجلس حقوق الإنسان (الجزيرة)

ويضيف الفقيه أن القرار شكل عزلة لتحالف السعودية والإمارات في قاعة مجلس حقوق الإنسان والتي قد تزداد بشكل أكبر إذا لم يستوعب التحالف أهمية تلك الخطوة بجدية.

ويرى مراقبون أن خريطة المصوتين بالإيجاب لتوسيع مهمة فريق الخبراء وتجديد مهمته كشفت عن الخسارة التي أصبحت تحاصر السعودية والإمارات أمام الرأي العام الدولي واختراقهما لقوانين الحرب.

ويرجح خبراء أن يسهم هذا القرار بإزالة كافة الشكوك التي وضعتها قوات التحالف بشأن مضمون التقرير الصادر مؤخرا، ومنها موضوع الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون المتعلقة بزراعة الألغام الأرضية، وتفجير المنازل التي أقر بها رئيس فريق الخبراء وقال إنهم لا يستطيعون التحقق من كافة الانتهاكات على الأراضي اليمنية نتيجة لضيق الوقت.

مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في جنيف جون فيشر أوضح في حديث خاص للجزيرة نت أن قرار تجديد مهمة الخبراء لسنة مقبلة في اليمن يهدف إلى استمرار عملية الرصد والتوثيق لكل جرائم الانتهاكات من قبل جميع الأطراف في اليمن ومحاسبتهم قضائيا.

وبحسب حديث رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي للجزيرة نت، فإن أهمية قرار تمديد مهمة الخبراء تكمن في تعزيز المساءلة القضائية والجنائية لمنتهكي حقوق الإنسان في اليمن، خصوصا أن الفريق قد حدد بشكل أولي أسماء مرتكبي الجرائم وسيسعى لاحقا لإضافة أسماء جديدة إلى القائمة.

ويرى الحميدي أن هذا التطور بشأن حرص أعضاء مجلس حقوق الإنسان على استكمال الخبراء مهامهم قد يمنع التحالف من التمادي في ارتكاب الأخطاء من خلال الغارات الجوية على مواقع مدنية أو توسيع سجونه السرية التي أصبحت تدينه جنائيا في جميع أروقة المنظمات الدولية.

المصدر : الجزيرة