في مدارس مصر.. "التختة" الأولى تؤدي للوفاة

الكثافة الطلابية في الفصول أدت للصراع على التختة الأولى وفق مراقبين- تصوير زميل مصور صحفي- مسموح باستخدام الصورة.
المدارس المصرية تضيق بتلاميذها (الجزيرة)

الجزيرة نت-القاهرة

يرفع الطفل إبراهيم حسن رأسه ليقسم أمام علم مصر أن حياته فداء لبلاده، ثم يحمل حقيبته الممتلئة بالكراريس ليصعد بها إلى فصله الدراسي، وهو لا يدري أنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يصل إلى صفه.
 
تُوفي إبراهيم (9 سنوات) على السلالم المؤدية للفصول، في أول يوم له بالصف الثالث الابتدائي بسبب التدافع بين أقرانه من التلاميذ لحجز المقاعد "التختة" الأولى داخل فصول مدرسة الزهراء بمحافظة الدقهلية.
 
وذكر التقرير الطبي أن جثة الطفل بها كدمات نتيجة التدافع، وأن الوفاة وقعت نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية، بينما أخلت النيابة سبيل ثلاثة من المدرسين احتجزوا على ذمة التحقيقات في الحادث.
 
غير أن وزير التربية والتعليم طارق شوقي اعتبر وفاة طفل نتيجة التدافع حادثا طبيعيا ومتوقعا في ظل الكثافة الطلابية بالمدارس. وطالب بالتركيز على الإيجابيات التي تقوم بها الوزارة، على حد تعبيره.
 
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في أول أيام العام الدراسي، صورا لتلاميذ يتدافعون للحصول على المقاعد الأولى بالصفوف الدراسية، وظهرت مقاطع فيديو لأولياء أمور يحثون أبناءهم على تسلق أسوار المدرسة للسبب نفسه.
 
كثافة طلابية
من جهتها قالت مديرة إحدى المدارس الابتدائية إن ظاهر الصراع على المقاعد الأمامية بين التلاميذ ومن قبلهم أولياء الأمور انتشرت مع زيادة الكثافة الطلابية في الفصول، وأضافت أنه قبل عشرين سنة كان عدد التلاميذ داخل الفصل الواحد لا يتعدى الثلاثين طالبا أما الآن فالفصل يتجاوز الثمانين".
 
وبررت مديرة المدرسة سعي التلاميذ للجلوس في الصفوف الأولى قائلة "سبعة تلاميذ يجلسون بالتخت الواحدة رغم أنها مخصصة لثلاثة. لذا فأولياء الأمور يرغبون في جلوس أبنائهم بالصفوف الأولى على أمل التغلب على الازدحام الطلابي واستيعاب الدروس".
‪جودة التعليم في مصر في مرتبة متأخرة دوليا‬ جودة التعليم في مصر في مرتبة متأخرة دوليا (الجزيرة)
‪جودة التعليم في مصر في مرتبة متأخرة دوليا‬ جودة التعليم في مصر في مرتبة متأخرة دوليا (الجزيرة)

البحث عن حل
أما الخبير بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي محمد فتح الله فأكد ضرورة إجراء دراسات علمية لإيجاد حلول علمية لمسألة الكثافة الطلابية.

وأشار إلى تجارب دول كثيرة كالصين في مواجهة زيادة عدد الطلبة مقارنة بقلة عدد الفصول الدراسية "وهو ما يجب الالتفات إليه والاستفادة منه خلال الفترة القادمة في مصر".

وقال فتح الله "طبيعي أن يكون تأسيس مزيد من المؤسسات التعليمية أولى خطوات حل الأزمة، لكن هناك زوايا أخرى يجب التعاطي معها أيضا كالمحافظة على جودة التعليم عند إنشاء مدارس جديدة".

ويؤكد فتح الله ضرورة تغيير نظرة المجتمع نحو العملية التعليمية، وقال "الجلوس بالتخت الأولى للحصول على فرصة تعليم أفضل هو مفهوم خاطئ لدى أولياء الأمور ويجب تغييره بخطة إعلامية".

وفي محافظة أسوان جنوب مصر حاول مدير مدرسة الصداقة محمد فهمي التفكير خارج الصندوق لحل الصراع على التختة الأولى بأن أحضر مقياسا لقياس طول التلاميذ وتحديد مكان جلوسهم بحيث يجلس الأقصر في المقاعد الأمامية والأطول في الخلف.

وشرح فكرته قائلا "اتفقت مع نجار وحداد بشكل مبدئي ليصنعا لي مقياسا للقامة يشبه مقياس الجيش، وخصصت واحدا للذكور وآخر للإناث، وبدأت في تدوين أطوال التلاميذ، وتسجيلها في الكشوف، ثم رتبوا حسب الطول المسجل داخل الفصل".

أما الطلبة ضعاف النظر فلا يخضعون للقياس حيث يجلسون في المقعد الأمامي طالما أحضروا تقريرا طبيا يثبت ضعف نظرهم.

المصدر : الجزيرة