لبنان بلا حكومة منذ أشهر.. من يعيق الحريري؟

رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري
رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري (الجزيرة نت)

ديما شريف-بيروت

يحاول رئيس الحكومة اللبناني المكلف سعد الحريري منذ 24 مايو/أيار الماضي تشكيل حكومته الجديدة التي يقال إنها ستكون الحكومة التي ستبقى حتى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.

في السنوات العشر الأخيرة تتطلب الحكومات في لبنان أشهرا للتشكيل، فحكومة تمام السلام التي كانت الرابعة في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان تطلبت 11 شهرا لتبصر النور في فبراير/شباط 2014، بينما التي سبقتها وترأسها نجيب ميقاتي تشكلت بعد خمسة أشهر من تكليفه برئاسة الحكومة.

وحكومة الحريري الأولى في عهد عون تشكلت بعد شهرين وأسبوعين على تكليفه، في جو من التوافق والتواؤم بين الأطراف السياسية كافة لم يعد موجودا اليوم.

تتعدد أسباب التأخر في تشكيل الحكومة وتتنوع بين مراقبين يعزون ذلك إلى عوامل خارجية، وآخرين يرون في الداخل معرقلاً أكبر للتشكيل.

وقد أثارت تصريحات الحريري أول أمس الثلاثاء زوبعة لا تزال تتردد أصداؤها، إذ قال قبل الاجتماع الأسبوعي لكتلته النيابية إنه يعرف تماما ما هي صلاحياته كرئيس مكلف، كذلك ما ينص عليه الدستور في هذا المجال، مضيفا أنّه يتصرف بناء على ذلك.

المحلل السياسي يوسف دياب لا يستبعد تسمية الحريري للمعرقلين إذا وصل إلى حائط مسدود (الجزيرة نت)
المحلل السياسي يوسف دياب لا يستبعد تسمية الحريري للمعرقلين إذا وصل إلى حائط مسدود (الجزيرة نت)

الدستور اللبناني
وأضاف الحريري "لا أحد يحدد لي مُهلا إلا الدستور اللبناني، وأنا لست معنيا بما يكتبه أي وزير يريد أن يقدم شرحا قانونيا بمفهومه، وإلا فإننا سندخل في متاهة لن ننتهي منها.. أنا الرئيس المكلف وسأبقى مكلفا، وأنا من يشكل الحكومة بالتعاون مع الرئيس".

وأعلن أن مسؤولية الإسراع في تشكيل الحكومة مسؤولية كل الأطراف لتفادي التدهور الاقتصادي في البلاد، وإن لم تتشكل الحكومة قريبا فسيسمي كل من يعرقل بالأسماء.

كلام الحريري أتى ردا على وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي المحسوب على رئيس الجمهورية، والذي قال في مقال نشره بإحدى الصحف إن مهلة تشكيل الحكومة ليست مفتوحة، ويمكن لرئيس الجمهورية أن يتدخل لتحديدها.

ومن جانبه قال المحلل السياسي يوسف دياب للجزيرة نت إنه لا يستبعد تسمية الحريري للمعرقلين إذا وصل إلى حائط مسدود. والمعرقل الأبرز برأي دياب هو وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يرغب في كتلة كبيرة منتفخة.

وأضاف دياب أن الرئيس عون يريد كذلك حصة له، ونتيجة لذلك يحصل باسيل وحزبه على الثلت المعطل في الحكومة، وهذا الأمر يحجم الأطراف السياسية الأخرى متل حزب القوات ويزعج وليد جنبلاط.

يوافق الكاتب توفيق شومان على موضوع العرقلة، ويقول إن هناك عدة عقد تساهم في تأخير تشكيل الحكومة، أهمها: من هو فعليا الرئيس المكلف؟ "دستورياً هو الحريري، لكن عملياً هو جبران باسيل".

توفيق شومان:
 هناك عدة عقد تساهم في تأخير تشكيل الحكومة، أهمها: من هو فعليا الرئيس المكلف؟ دستورياً هو الحريري، لكن عملياً هو جبران باسيل

احتكار التمثيل
وذكر شومان في حديث مع الجزيرة نت أن باسيل يحاول احتكار التمثيل المسيحي، ويصر على توزير درزي لا يوافق عليه وليد جنبلاط، بما يجعل للتيار الوطني الحر دورا كبيرا في تشكيل الحكومة، وبالتالي معرقلا في بعض الأحيان.

ويشدد على أن سعي باسيل هذا يجعل أطرافا أخرى تساهم في عرقلة التشكيل أيضا لمنع التيار الحر من أن يكون الحزب الحاكم بشكل مطلق، لكن شومان يستبعد إفصاح الحريري عن أسماء المعرقلين كي لا يضر بالعلاقات السياسية القائمة في البلاد.

الكاتب ميشال أبي نجم لا يوافق شومان ودياب على سبب العرقلة الأساسي، فهو يرى أن السبب خارجي ومصدره السعودية ومحاولات الحريري إرضاءها بعد تحسن علاقته بها، وإرضاء حلفائها في لبنان، أي القوات اللبنانية ووليد جنبلاط.

ولا ينفي أبي نجم في حديث للجزيرة نت عامل العُقد الداخلية وما يسمى العقدة المسيحية والعقدة الدرزية لأحجام الأطراف المختلفة في الحكومة.

ويختم بالقول إن التشكيل وصل إلى عنق الزجاجة، ولكن ذلك لا يعني أن الانفراج قريب، مشددا على أن الحريري واقع بين مسألتين: من جهة يريد أن يحافظ على علاقة جيدة مع السعودية، ومن جهة أخرى يريد الحفاظ على التسوية مع الرئيس عون التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة.

من هنا، فإن الحكومة لن تبصر النور قبل حل العقد التي تتعلق بأغلبيتها بالأحجام، في حين أن شد الحبال بين الأطراف المختلفة قد يطيل أمد التشكيل إلى أجل غير محدد.

المصدر : الجزيرة