لمى خاطر.. ماذا يعني اعتقال إسرائيل امرأة فلسطينية؟

blogs لمى 1
صورة وداع لمى خاطر لطفلها يحيى أثارت مئات التعليقات الغاضبة (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد النجار-الجزيرة نت

بكثير من التعاطف والشعور بالصدمة، تداول المئات من ناشطي مواقع التواصل صور الكاتبة والصحفية الفلسطينية لمى خاطر وهي تودع طفلها الصغير "يحيى" فجر أمس الثلاثاء، قبل أن يقتادها العشرات من جنود الاحتلال للاعتقال من منزلها في الخليل جنوب الضفة الغربية.

لم تظهر الصور وجه خاطر، لكنها أظهرت وجه الطفل –أصغر إخوته الخمسة- الذي بدا غير مقتنع بوداع أمه التي اقتادها الاحتلال دون ذنب يعرفه عن حضن أمه.

وآخر ما كتبته خاطر على حسابها على تويتر تغريدتين، واحدة عن اقتحام عشرات المستوطنين ساحات المسجد الأقصى وخطوات التهويد الإسرائيلية المتسارعة للقدس، والأخرى عن رعب الطائرات الورقية التي يطلقها فتيان من غزة وباتت تؤرق الاحتلال الذي أعلن عجزه عن وقف نيرانها التي تحرق الأراضي الزراعية في مستوطنات غلاف غزة.

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فإن خاطر (42 عاما) ستعرض على محكمة الاحتلال غدا الخميس، بعد أن تعرضت لـ "تحقيق قاس ومكثف في مركز تحقيق عسقلان".

تحقيق قاس ومكثف
ونقل النادي عن محاميه فراس الصباح أن الاحتلال اقتادها من منزلها لمستوطنة "كريات أربع"، وأنها بقيت هناك حتى الساعة السابعة صباحا، ثم جرى نقلها إلى عسقلان، وأن خاطر أبلغت المحامي أنها ومنذ لحظة اعتقالها تتعرض لتحقيق قاس ومكثف وهي مقيدة بكرسي طوال الوقت، ويحرمها المحققون من النوم، ويوجهون لها الشتائم.

وقصة لمى خاطر وزوجها حازم الفاخوري ليست جديدة مع الاعتقال، حيث عانى الاثنان مما يعرف بـ "سياسة الباب الدوار" وتتلخص في تبادل اعتقال الناشطين والمقاومين بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل للتحقيق على التهم ذاتها، وهي سياسة يصفها الكاتب ياسر الزعاترة بـ "الاحتلال الفاخر".

فقد اعتقلت السلطة الفلسطينية الفاخوري مرات عدة، واللافت أن السبب كان في معظم الأحيان الضغط على زوجته للتوقف عن انتقاد السلطة الفلسطينية وسياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال.

لمى خاطر:
"الكاتب المأجور هو فقط من يستجيب للابتزاز"

ضريبة القلم الحر
وعلقت خاطر على محاولات الضغط المستمرة عليها عبر اعتقال زوجها بتصريحات لمجلة ميم في أبريل/نيسان الماضي بالقول "إن كان صاحب القلم يقبل مسايرة أعداء الكلمة الحرة فهذا يعني أنه يبحث عن الدروب السهلة ليسلكها، وعن كتابة تصنع له نجومية زائفة، وعن مكانة لم تختبر جدارته بها، أما صاحب الرسالة فموقفه سيكون مختلفا بكل تأكيد، لأن قيمة رسالته وكلماته المقدمة من خلالها إنما تظهر عند صقلها على المحك، وحين تصمد في المنعطفات الصعبة، يكون عليه أن يدفع ضريبة من راحته واستقراره لقاءها، الكاتب المأجور هو فقط من يستجيب للابتزاز".

وانضمت خاطر لنحو 64 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجون الاحتلال حاليا، لكن مشهد وداعها لطفلها الذي أحدث تفاعلا كبيرا معها أعاد فتح ملف ماذا يعني اعتقال امرأة فلسطينية في سجون الاحتلال.
وقدمت الأسيرة الفلسطينية المحررة من سجون الاحتلال أحلام التميمي –التي خرجت ضمن صفقة شاليط عام 2011 بعد أن كانت محكومة بالسجن بأكثر من مؤبد- وصفا لم تعيشه لمى خاطر خلال اعتقالها من قبل جنود الاحتلال.

وقالت للجزيرة نت عبر الهاتف من عمان إن اعتقال المرأة الفلسطينية لا يختلف لدى الاحتلال عن اعتقال الرجل "كلاهما يتعرض للتعذيب ونفس ظروف الاعتقال، لكن خصوصية وضع المرأة يجعل من الاعتقال أكثر صعوبة لها".

التميمي أشارت إلى أن الاحتلال قد يصادر حجاب الأسيرة وجلبابها إمعانا في إهانتها، وتابعت "ما تتعرض له لمى بمخيلتي أنها موجودة الآن في مركز التحقيق وتتعرض لنوعين من التعذيب الجسدي والنفسي الذي تتعرض له أغلب الأسيرات".

صور التعذيب
وتشرح "التعذيب الجسدي يتمثل في عرضها على محقق واحد أو اثنين أو أكثر بمناوبات متتالية تحرمها من النوم أو الراحة بشكل مطلق، إلا لوقت قصير لتناول وجبة الطعام أحيانا".

وتصور التميمي التعذيب الجسدي بأنه يتمثل "في الجلوس لفترات طويلة على كرسي حديدي صغير، يشبه كرسي الطفل الصغير لكنه من الحديد، وتكون الأسيرة مقيدة اليدين والقدمين، وهو ما يسبب للأسير أمراضا عدة في المفاصل والعمود الفقري، وأنا أعاني منها لليوم رغم مضي سبع سنوات على مغادرتي للأسر".

وتتحدث الأسيرة المحررة عن أشكال أخرى من التعذيب الجسدي منها ضربها من قبل المحقق، وتقول "خلال التحقيق معي كان المحقق يضرب رأسي في الجدار مرات عدة، إضافة للطرق المتكرر على الرأس والشتم والبصق المتكرر، إضافة لتشديد القيود الحديدية والبلاستيكية على اليدين والقدمين بشكل يبقي أذاها لفترات طويلة، والضغط على أماكن عمليات جراحية أجرتها الأسيرة سابقا إمعانا في تعذيبها".

وتقول التميمي "مزاج المحقق يلعب دورا أساسيا في كل ما يجري داخل غرفة التحقيق، فبعضهم يأخذ نهج الحوار، وآخرون وظيفتهم إهانة الكرامة".

ماذا يعني اعتقال الأم؟
لكن التميمي تتحدث عن قسوة الاعتقال على الأم الأسيرة، وتقول إن العازبات أكثر تحملا لظروف الاعتقال، وتضيف "مثلها مثل فاطمة الزق الأم لسبعة أطفال، وقاهرة السعدي الأم لأربعة أطفال، فإن صورة أبناء لمى الخمسة لن تغيب عن مخيلتها، لاسيما أن وضع العائلة كلها يصبح رهينة للاعتقال".

وتشير إلى أن المحققين يحرصون على استغلال تأليف شائعات عن الأولاد والعائلة والمنزل لتدمير صمود الأسيرة، واختلاق أخبار المرض والموت".

ومن واقع تجربتها تقول التميمي إن الأسيرات يرفضن تحويل عائلاتهن للضغط عليهن، ويتحول في غالب الأحيان لمصدر قوة وثبات".

لكنها تشير إلى أوقات تكون أكثر قسوة على الأمهات، منها الأعياد وشهر رمضان التي تتحول لوجع مستمر على الأم الأسيرة التي لا يفارق أطفالها وعائلتها مخيلتها".

حقد على الاحتلال
وتضيف التميمي "اعتقال الأم والأب يعرض العائلة للتشتت التربوي، حيث تفتقد العائلة لأي نهج تربوي، لكنه ينعكس في أغلب الأحيان لإرادة تحدي عن الأولاد الذين يحولون حقدهم على الاحتلال الذي يربى عبر سياسة الاعتقال هذه أجيالا لا تؤمن إلا بمقاومته ورفضه".

وملف الأسرى في سجون الاحتلال هو الأكبر من حيث المعاناة، حيث تشير أرقام هيئة الأسرى التابعة للسلطة الفلسطينية إلى أن نحو مليون فلسطيني مروا على سجون الاحتلال منذ عام 1948، منهم 6500 محكومون حاليا في سجون الاحتلال، إضافة لـ 1800 معتقل إداري، في حين استشهد 215 أسيرا في المعتقلات الإسرائيلية جراء التعذيب والإهمال الطبي.

ولا يبدو أن صور احتضان لمى خاطر لطفلها هي الأكثر تعبيرا عن بشاعة الاحتلال، فقصص الأسرى مليئة بسير أمهات تركن أطفالهن سنوات طويلة بسبب الاعتقال، في حين عاش عشرات الأطفال الفلسطينيين تجربة الاعتقال منذ ولادتهم خلف القضبان بعد أن اعتقلت أمهاتهم في فترة الحمل بهم.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الفلسطينية + مواقع التواصل الاجتماعي