قطر ودول الحصار.. من انتصر في المعارك القضائية؟

جلسة محكمة العدل بشأن شكوى قطر
قضت محكمة العدل بارتكاب أبو ظبي خروقا بحق القطريين وممتلكاتهم (الجزيرة)

أمين محمد حبلا

يمثل القرار -الذي أصدرته محكمة العدل الدولية أمس بإدانة الإمارات بارتكاب خروقات ضد القطريين وممتلكاتهم وإلزامها بجملة إجراءات وتدابير وقتية- جزءا من معركة قضائية وقانونية فتحتها قطر منذ الأسابيع الأولى للأزمة ضد دول الحصار، وبدأت تؤتي أكلها في أحكام قضائية وإدانات دولية واسعة.
 
وبالتوازي مع المواجهة الدبلوماسية والسياسية والإعلامية، انخرطت الدوحة في مسارات قضائية على أكثر من جبهة لتحقيق أهداف منها إدانة دول الحصار من الأطراف والمؤسسات الدولية المعنية، وفي الوقت ذاته السعي لاسترداد حقوق مواطنيها التي تتهم دول الحصار بالسطو عليها ضمن عملية واسعة استهدفت السيادة والمصالح والمواطن القطري.

معارك متعددة
بدأت الأزمة بقرصنة وأخبار مفبركة، وتجسدت لاحقا في حصار وحملات إعلامية وسياسية، وعلى الفور بدأت قطر بمواجهة تداعيات الأزمة بأدوات متنوعة سياسية وإعلامية واقتصادية ودبلوماسية وأيضا قضائية.

وبينما تؤكد الدوحة معززة بتقارير دولية أنها تمكنت من إحباط "مخططات الانقلاب" وإفشال الحصار، وكشف زيف الاتهامات ضدها، بدأت أيضا تجني بعض ثمار المسار القضائي الدولي الذي يستغرق في العادة سنوات ليصل إلى محطاته الأخيرة.

وفيما يلي سرد لأهم المعارك القضائية التي دخلتها الدوحة ضد دول الحصار منذ اندلاع أزمة الخليج قبل أكثر من عام.

– 29 يوليو/تموز 2017 رفعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية شكوى إلى المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بحرية الدين والعقيدة بشأن التضييقات السعودية على حجاج قطر ومعتمريها، وأبدت اللجنة قلقها الشديد إزاء تسييس الشعائر الدينية واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية في انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية التي تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية.

– 31 يوليو/تموز2017 تقدمت وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد دول الحصار، لخرقها قوانين واتفاقيات أساسية للمنظمة، وخاصة المتعلقة بتجارة السلع والخدمات وجوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة.

– 04 أغسطس/آب 2017 قالت منظمة التجارة إنها تسلمت من قطر شكوى ضد السعودية والإمارات والبحرين بسبب قرار الدول الثلاث حصارها اقتصاديا ودبلوماسيا. وذكرت أن قطر طلبت منها عقد مشاورات لتسوية النزاع مع الإمارات والبحرين والسعودية بشأن الإجراءات التي تبنتها الدول الثلاث والتي حدت من حركة السلع والخدمات من قطر، وكذلك المعاملات التجارية المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية.

– 13 سبتمبر/أيلول 2017 تقدم ثلاثة قطريين (الدكتور محمود عبد الرحمن الجيدة وحمد علي الحمادي ويوسف عبد الصمد الملا) بشكوى أمام القضاء البريطاني ضد عشرة من المسؤولين الإماراتيين يتهمونهم بالمسؤولية عن تعذيبهم واعتقالهم التعسفي في سجون الإمارات.

وسلم محامي القطريين التفاصيل والأدلة للشرطة البريطانية للتحقيق في اتهامات التعذيب هذه، وذلك بموجب قانون العدالة الجنائية البريطاني لاعتقال الرعايا الأجانب الذين يدخلون بريطانيا في حال الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو التعذيب في أي مكان بالعالم.

– 23 نوفمبر/تشرين الثاني2017 وافقت "التجارة العالمية" على تشكيل لجنة تحكيم للبت في شكوى رفعتها الدوحة ضد أبو ظبي بشأن الحصار الذي تفرضه عليها وأثار أزمة دبلوماسية في الخليج.

وأعلنت المنظمة في بيان أن "جهاز حل الخلافات في منظمة التجارة العالمية وافق الأربعاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 على إنشاء لجنة للتحكيم في شكوى قطر بشأن الإجراءات المختلفة التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة التي تقيد تجارة السلع والخدمات مع قطر وحماية حقوق الملكية الفكرية القطرية".

وكانت الإمارات قد رفضت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 لجنة التحكيم أثناء جلسة لمنظمة التجارة. لكن قواعد عمل المنظمة تقضي بحتمية تشكيل اللجنة إذا رفعت الدولة المشتكية طلبا ثانيا بشأنها.

– 07 ديسمبر/كانون الأول2017 قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر إنها استقبلت منذ بدء الحصار 3970 شكوى بانتهاكات، وذلك في تقرير رابع يرصد آثار الحصار في ذكرى ستة أشهر على فرضه.

– 11 يناير/كانون الثاني 2018 تقدمت قطر عن طريق بعثتها في الأمم المتحدة بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات إثر خرق طائرة حربية إماراتية المجال الجوي القطري.

وفي رسالة سلمت نسخة منها للأمين العام للأمم المتحدة أيضا، اعتبرت البعثة القطرية هذه الحادثة انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر وسلامة حدودها وأراضيها، ولأحكام القانون الدولي، كما أنها تأتي في سياق الإجراءات الاستفزازية غير المسؤولة التي تقوم بها دولة الإمارات ضد دولة قطر.

– 15 فبراير/شباط 2018 قالت وكالة الأنباء القطرية إن الشكوى التي تقدمت بها في 19 يونيو/حزيران 2017 ضد قناة "العربية" أجبرت الأخيرة على الانسحاب من هيئة تنظيم البث البريطانية "أوفكوم" الأمر الذي سيمنعها من البث من المملكة المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي.

كما سيخرجها من دائرة المؤسسات الإعلامية البارزة التي تخضع لجهات رقابية مرموقة تضمن التزام المؤسسات الإعلامية بأخلاقيات المهنة كالحياد والعدالة.

وكانت وكالة الأنباء القطرية قد وكلت مكتب محاماة بريطانيًا بتقديم شكوى رسمية لدى "أوفكوم" ضد قناتي "العربية" و"سكاي نيوز عربية" لبثهما تصريحات مفبركة نسبت إلى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عقب تعرض موقع الوكالة للقرصنة قبل أيام قليلة من فرض الحصار.

– 10 مارس/آذار 2018 وجّهت البعثة القطرية الأممية رسالة جديدة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية تطلعه فيها على انتهاكات بحرينية وإماراتية للسيادة القطرية خلال هذا العام.

وتكشف الرسالة أن طائرة عسكرية بحرينية حلقت فوق المنطقة الاقتصادية القطرية الخالصة يوم 28 من فبراير/شباط الماضي على ارتفاع نحو مئة متر فقط. واستتبع ذلك تحريك طائرة حربية قطرية قبل أن تغادر الطائرة البحرينية المنطقة.

وفي 14من يناير/كانون الثاني الماضي، حلقت طائرة عسكرية إماراتية فوق المياه الإقليمية القطرية دون إذن من السلطات القطرية. وفي 25 من فبراير/شباط، اقتربت طائرة عسكرية إماراتية حتى لامست حدود دولة قطر، واستدعى ذلك الاتصال بطاقم الطائرة قبل أن تغيّر مسارها.

– 29 يونيو/حزيران 2018 أنهى مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) اجتماعاته في كندا، وأصدر قرارات نهائية بشأن رفض طعون دول الحصار، وصدق على نتائج التصويت برفض جميع الطعون حول عدم اختصاصه بالنظر في الشكويين المقدمتين من قطر.

وقال مندوب قطر لدى المنظمة الدولية إن المجلس أقر نتائج التصويت برفض جميع اعتراضات دول الحصار، وقبول النظر في شكوييْن قدمتهما قطر.

وبذلك أخذ قرارُ المجلسِ الصيغة القانونية اللازمة بحسبِ لوائحِ المنظمةِ للبدءِ في النظرِ في الشكويين المقدمتين من قطر ضد دولِ الحصار، في ما يتعلق باتفاقية شيكاغو واتفاقية العبور.

– 23 يوليو/تموز 2018 قضت محكمة العدل الدولية -مقرها لاهاي- بأن دولة الإمارات ارتكبت خروقا بحق القطريين وممتلكاتهم على أراضيها منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، وطالبتها باتخاذ جملة من الإجراءات.

وكانت الدوحة تقدمت في 11 يونيو/حزيران الماضي بدعوى أمام تلك المحكمة اتهمت فيها أبو ظبي بـ "ارتكاب تدابير تمييزية ضد القطريين أدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان لا تزال قائمة حتى اليوم".

وألزمت "العدل الدولية" أبو ظبي بلمّ شمل الأسر التي تفرقت لحين البت بالقضية التي رفعتها دولة قطر على الإمارات بسبب الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون القطريون في الإمارات. وقالت المحكمة إن القطريين في الإمارات أُجبروا على ترك منازلهم دون إمكانية العودة إليها.

كما ألزمت المحكمة أبو ظبي بالسماح للطلبة القطريين -الذين كانوا يدرسون في الإمارات قبل فرض الحصار- بالعودة إلى مقاعدهم إذا أرادوا ذلك أو الحصول على شهادات تمكنهم من إكمال دراستهم في بلد آخر.

وألزمت محكمة لاهاي الإمارات بالسماح للمتضررين من إجراءاتها باللجوء إلى المحاكم الإماراتية. واعتبرت أن الإجراءات التي فرضتها على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران من العام الماضي استهدفت الرعايا القطريين فيها دون غيرهم.

وتبقى معارك القضاء مستمرة، تسجلها ضبطيات المحاكم، ومحكمة التاريخ تكتب في سجلاتها أن القطريين استجاروا بمحاكم دولية من أجل رفع الظلم عنهم وتمكينهم من الطواف بالبيت العتيق ورفع ظلم يفرق بين المرء وزوجه، وبين أشقاء الأرض والدين والتاريخ.

المصدر : الجزيرة + وكالات