رفاق الانقلاب على مرسي في الذكرى الخامسة.. أين هم؟
بعد خمسة أعوام من الانقلاب على محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب، وصل عبد الفتاح السيسي إلى ولاية رئاسية ثانية، بينما تفرق رفاقه في الانقلاب بين راحل عن الحياة، وصاعد في المناصب أو مغادر منصبه، ومهاجر خارج البلاد، معارضا لسياسيات النظام.
وجاء عزل مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013 في ظل مظاهرات مؤيدة واحتجاجات معارضة، وبرفقة 14 شخصية، منهم قيادات دينية وعسكرية وسياسية؛ وقف وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي، يتلو بيان العزل.
تفرقت السبل برفاق مشهد العزل، أغلبهم تحول من التأييد لمشهد السيسي ذلك اليوم، إلى المعارضة، ومنهم من قضى جزءا من حياته في السجن، أو عاد، عبر المنافي ومنصات التواصل، إلى مصافحة الإخوان المسلمين، الذين عاداهم من قبل.
وبقيت جماعة الإخوان المسلمين والقوى المناهضة لذلك المشهد بين المنافي والسجون، واكتسبوا تأييد شريحة ممن اختلفوا مع السيسي، غير أنهم لم يبلوروا ائتلافا يستطيع تغيير المشهد.
واعتبر متخصص في علم الاجتماعي السياسي أن الارتباك هو حليف المشهد في مصر في ذكراه الخامسة، ويبقى السيسي هو الرابح الأكبر وإن انفض عنه مؤيدون، غير أنه لم تنتج المعارضة منافسة قوية تغير المشهد.
وتذهب آراء شريحة -ليست قليلة- من مؤيدي النظام إلى أن الانقلاب نجح حتى الآن في إزاحة الإخوان، التنظيم الأكبر بمصر، وسط موجة من الاتهامات تنفيها الجماعة المحظورة بارتكاب أعمال عنف ومحاولة تغيير هوية البلاد.
مشهد العزل
في مشهد عزل مرسي، تواجدت 15 شخصية، بينها السيسي وزير الدفاع، ورئيس الأركان صدقي صبحي، ورئيس جبهة الإنقاذ محمد البرادعي، والكاتبة سكينة فؤاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء حامد عبد الله. وتواجد أيضا شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا أقباط مصر تواضروس الثاني، وأمين عام حزب النور السلفي جلال المرة، ومؤسس حركة تمرد الشبابية محمود بدر، واللواء عسكري محمد العصار، وقائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، والفريق عبد المنعم التراس والفريق أسامة الجندي من قادة الجيش.
وتحل الذكرى الخامسة لهذا المشهد والسيسي صار رئيسا لولاية ثانية، فيما أعفي صدقي صبحي من منصبه كوزير للدفاع، والبرادعي خارج البلاد منذ اعتراضه على فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة صيف 2013.
بينما اختفت الكاتبة سكينة فؤاد عن المشهد بصورة كبيرة، ورحل عبد الله حامد قبل عامين، وبقي الطيب وتواضروس في منصبيهما الديني، وظل حزب النور مؤيدا للنظام.
وحلت تغييرات بشأن بقية وجوه القادة العسكريين بقرارات من السيسي، بعضهم كالمصري، الذي صار وزيرا للطيران المدني.
تفرق الرفاق
بعد أعوام من تأييدهم الانقلاب تبدلت الحال بالرفاق؛ فالبعض يقبع في السجون على ذمة اتهامات ينفونها بنشر أخبار كاذبة، وآخرون تحالفوا مع الإخوان.
أبرز وجوه جبهة الإنقاذ أنشؤوا في ديسمبر/كانون الأول الماضي الحركة المدنية الديمقراطية كشكل من المعارضة.
وتضم الجبهة ثمانية أحزاب وثلاثمئة شخصية عامة، بينها الدستور (ليبرالي)، والمصري الديمقراطي الاجتماعي (يساري).
كما تضم حمدين صباحي، منافس السيسي في انتخابات 2014، وكلا من خالد علي ومحمد أنور السادات، اللذين أعلنا اعتزامهما الترشح في رئاسيات 2018، قبل أن يتراجعا عن السباق الذي فاز به السيسي.
ورغم مشاركته في مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، اصطدم حزب مصر القوية، برئاسة المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، بالنظام الحالي.
هذا الاصطدام يعود إلى إجراءات حكومية واعتقال أعضاء بالحزب، الذي قاطع استحقاقات انتخابية، قبل أن يتم اعتقال رئيسه، في فبراير/شباط الماضي، ومن قبله نائب رئيس الحزب محمد القصاص.
وتجمد نشاط شباب الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل، الذين كانوا أبرز الداعمين لرحيل مرسي.
وجرى تحييد 6 أبريل في معادلة السياسة المصرية، بعد أن سُجن مؤسسها أحمد ماهر، وحُظر نشاطها، مع استمرار حبس الناشطين البارزين محمد عادل، وهيثم محمدين.
وتبدلت حال البعض من الدعم المطلق إلى المعارضة الشديدة، وهم الآن خلف القضبان، ومنهم: الناشطان البارزان حازم عبد العظيم ووائل عباس.
بشدة، عارض هذان الناشطان حكم مرسي، الذي استمر عاما واحدا، وأيد أحدهما السيسي قبل أن يتحولا إلى معارضين لسياساته.
بينما أصبح مؤسس حركة تمرد الشبابية (من أبرز جبهات دعم مظاهرات 30 يونيو) محمود بدر عضوا بمجلس النواب، وصديقه محمد عبد العزيز عضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي).
أهداف الثورة
وفق أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر سعيد صادق، فإن القوى الليبرالية في 30 يونيو أيدت حراكا شعبيا مع الجيش كظهير يستطيع حمايتهم في مواجهة التيار الديني الحاكم.
وتابع أن المؤيدين للسيسي يرون في دعمهم له مساندة لبقاء الدولة بالشكل المدني المتسامح القادر على مواجهة التحديات التي يفرضها أنصار سلطة سابقة قامت بالأساس لتغيير شكل الدولة.
في المقابل، رأى الكاتب المصري المؤيد للسلطة مختار شعيب، في مقال بصحيفة الأهرام المملوكة للدولة، أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من سيناريوهات كارثية.
من بين هذه السيناريوهات استمرار حالة الاحتقان الشعبي وزيادتها، ونشر الفوضى، وتفكيك أجهزة الدولة، مما يسمح لدول أجنبية بالتدخل في الشأن المصري لدعم هذا الطرف عسكريا أو ذاك، وإقامة قواعد عسكرية لها.