هؤلاء يسعون للاستفادة من الغضب الشعبي بالعراق

Protesters gather near the main provincial government building in Basra, Iraq July 15, 2018. REUTERS/Essam al-Sudani
المحتجون خرجوا مطالبين بتوفير الخدمات الأساسية ومحاربة الفساد وتوفير الوظائف (رويترز)
اعتاد العراقيون في كل صيف ومع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية، على الانطلاق في مظاهرات تحتج على سوء الخدمات وخاصة الكهرباء؛ لكن مظاهرات هذا العام كانت مختلفة، وباتت تتسع وتكبر ككرة ثلج متدحرجة وسط لهيب الصيف الحارق.

وقد دفع توسع حركة الاحتجاجات التي انطلقت شرارتها من البصرة نحو محافظات جنوبية أخرى مثل ميسان والديوانية والنجف وغيرها، الحكومة إلى الزج بمزيد من القوات الأمنية إلى الشارع لوقف تدفق المتظاهرين.

وطرحت علامات استفهام كثيرة بشأن احتجاجات العراق التي دخلت أسبوعها الثاني، حيث تحدث البعض عن وجود أطراف داخلية وخارجية تسعى للاستفادة من تداعيات المظاهرات الغاضبة على انتشار الفساد وغياب الخدمات وعدم توفر الوظائف.

مستفيدون
ويرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية واثق الهاشمي أن هناك عدة جهات دخلت على خط الحركة الاحتجاجية، مستغلة مشاركة المتضررين من أبناء هذه المدن التي تعاني من غياب الخدمات وبعض المظالم الاجتماعية.

وقال إن بعض "اللصوص والمنحرفين" قاموا بأعمال سلب وتخريب للممتلكات العامة، على حد تعبيره.

وبحسب المتحدث، فإن صراع الأحزاب المهيمنة انعكس على المظاهرات، إذ تم حرق العديد من المقرات الحزبية مما ينذر بصراع شيعي-شيعي حاد قريبا على حد قوله، بالإضافة إلى أن جهات -لم يسمها- تسعى للتغطية على عمليات "تزوير" الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا.

ويضيف الهاشمي للجزيرة نت أن العامل الإقليمي حاضر بقوة في الأزمة، حيث كان ذلك بمثابة استجابة على ما يبدو لتهديد ترامب بالتضييق على النفوذ الإيراني في جنوب العراق، فبادرت طهران وأطراف إقليمية أخرى بالدخول على خط الأزمة.

ولا يعتقد الهاشمي أن هذه المظاهرات ستستمر طويلا رغم أنها حظيت بقبول شعبي واسع، بل ستتوقف عندما تحصل بعض التسويات السياسية في ظل وجود ضغوط إقليمية ودولية للإسراع بتشكيل الحكومة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة لا تمتلك أدوات للتغيير على الأرض، وستبقى هذه المظاهرات تدور في حلقة مفرغة، وفق ما يرى.

محاولات للتسييس
أما المحلل السياسي أحمد سعيد فيرى أن بدايات المظاهرات كانت عفوية وساهمت عدة عوامل في اتساعها، حيث إن شرارتها انطلقت مع مجموعة شباب عاطلين عن العمل أمام إحدى شركات النفط الأجنبية في البصرة.

وقد ساهم القمع الذي طال المحتجين والفشل الحكومي في التعاطي معهم في اتساعها، لكن هناك الآن محاولات لاستثمار هذا المظاهرات من قبل الطبقة السياسية "رغم أنها خرجت ضدها بالأساس".

ويرى سعيد أن البعض يعتبر هذا الحراك فرصة لتثبيت نتائج الانتخابات والتلويح بالمخاوف من انزلاق البلاد إلى الفوضى، فيما يراه آخرون فرصة لتثبيت حضور الحشد الشعبي كحام للدولة وإظهار القوات الأمنية بمظهر "العاجز"، على حد قوله.

وتبدو إيران في نظر الكثير من المحتجين متهمة بإضعاف الدولة العراقية والتأثير سلبا في ملف الطاقة بقطع إمدادات الكهرباء عن المحافظات المحاذية لها كالبصرة وديالى، بالإضافة إلى عمليات تهريب المخدرات وإغراق السوق العراقية بها.

ويمكن قياس ردة فعل الشارع وسخطه على النفوذ الإيراني في حرق صور الخميني علنا لأول مرة في جنوب العراق منذ عام 2003، بحسب سعيد.

هل تتوسع؟
ورغم دعوات البعض لتوسيع نطاق الاحتجاجات نحو المحافظات الشمالية والغربية، فإن الكثيرين لا يتوقعون حدوث استجابة كبيرة لذلك.

ويستبعد الكاتب الصحفي أحمد الدباغ أن تنتقل هذه المظاهرات إلى المحافظات السنية بأي شكل من الأشكال، فما زالت ذكريات التظاهرات التي خرجت بشكل عفوي في عامي 2013 و2014 حاضرة في الأذهان، قبل أن تستغل من قبل بعض الجهات وتتحول إلى انتكاسة بمعنى الكلمة، بحسب تعبيره.

كما أن ظهور أي حركة احتجاج في هذه المحافظات حاليا يجعلها معرضة لتهمة "الدعشنة"، فضلا عن أن الوضع الأمني هناك لا يسمح بذلك، حيث إن كثيرا من أطراف وبوادي الموصل وسامراء والرمادي وكركوك وغيرها ما زالت تشهد هجمات تستهدف القوات الأمنية.

ويؤكد الكاتب أن إيران حاولت استثمار الأزمة عبر توجيه بعض المتظاهرين صوب الشركات النفطية، للضغط على أسواق النفط العالمية والتسبب برفع الأسعار، ردا على العقوبات الأميركية عليها ودعوة ترامب لمنظمة أوبك إلى زيادة الإنتاج لتخفيض الأسعار.

ويستغرب الدباغ من غياب الدور الأميركي إعلاميا، حيث إن السفارة الأميركية في بغداد لم تعلق بشكل يتفق مع حجم ما يحصل.

المصدر : الجزيرة