أردوغان وغولن.. معركة الدولة والتنظيم

كومبو يجمع صورتي أردوغان وغولن
تحول التحالف بين أردوغان وغولن إلى حرب مفتوحة منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016 (وكالات)

أمين محمد حبلا-الجزيرة نت

بينما يملأ المواطنون الأتراك الشوارع والطرقات على وقع الأهازيج الحماسية والأناشيد الوطنية احتفاء بالذكرى الثانية لفشل المحاولة الانقلابية، تواصل مؤسسات وأجهزة تركية عديدة معركة "الوجود" التي بدأتها قبل سنتين ضد جماعة فتح الله غولن.
 
حفلات بهيجة في الشوارع والإعلام وجلسات تحقيق وحرب مفتوحة تقودها الدولة التركية ضد منظمة غولن مؤسسات وأفرادا، هكذا تبدو الصورة بعد عامين من المواجهة بين الدولة والتنظيم.
 
في يوم الخامس عشر من يوليو/تموز 2016، انطلق الانقلاب العسكري ساعيا إلى وضع حد نهائي وفاصل لنظام أردوغان ومسيرة حزب العدالة والتنمية.
 
استطاعت جهود شعبية وأخرى عسكرية إفشال الانقلاب العسكري، وكتب الأتراك لوحة جديدة من الالتفاف حول أردوغان. الذي خرج منتصرا على المؤامرة الكبيرة للإطاحة بنظامه.
 
وبعد ساعات انكشف للمسؤولين الأتراك أن المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي هزت تركيا وكادت تسقط النظام وتعيد خلط الأوراق بعد سنوات من الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، تقف وراءها جماعة غولن. 
 
ولم يتأخر الأمر كثيرا حتى أعلن عن فرض حالة الطوارئ وبدأت السلطات التركية في المواجهة الداخلية الكبرى في تاريخها لمحاولة الوصول إلى عمق جماعة غولن المتغلغلة في مختلف الأجهزة والمؤسسات التركية، وفي مقدمتها المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية.
 
المحطة الأخيرة
وبعد عامين من المواجهة المفتوحة يقول المسؤولون الأتراك إن قطار الملاحقات والاعتقالات اقترب من محطته الأخيرة، رغم أن زعيم الجماعة، المتهم الرئيسي بتدبير المحاولة، ما زال بعيدا عن يد العدالة التركية.
 
ورجح المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إلغاء حالة الطوارئ التي فرضت بعد فشل المحاولة الانقلابية، وتوقع أن يعلن عن ذلك في الثامن عشر من يوليو/تموز الجاري (أي بعد يومين)، وهو مؤشر قوي على اطمئنان السلطات التركية لتراجع وربما تلاشي خطر منظمة غولن.
 
ونقلت صحيفة العرب القطرية عن السفير التركي في الدوحة فكرت أوزر قوله إنه "تم تطهير مؤسسات الدولة من نسبة 80% تقريبا من عناصر تنظيم فتح الله غولن الإرهابي الذين تسلّلوا في مختلف المؤسسات وهياكل الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، بما في ذلك الجيش والشرطة والقضاء، ولم يعد بإمكانهم القيام بمحاولة انقلاب عسكري مماثلة، لكن لا بد من الحيطة والحذر".
 
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تركيا نجحت في جلب أكثر من 100 من قيادات المنظمة. وقال في مقابلة مع قناة سي أن أن تورك المحلية "أستطيع القول إننا جلبنا خلال عامين أكثر من 100 من قيادات منظمة غولن من العديد من البلدان".

ويرفض زعيم جماعة الخدمة فتح الله غولن الاتهامات جملة وتفصيلا، ورغم نفيه المطلق لأي علاقة له بالمحاولة الانقلابية فقد اعترف العام الماضي في حوار مع فرانس 24 –حسب ما ورد في موقع القناة- أنه التقى رجلا له صلة بالانقلاب على الرئيس أردوغان، ولكنه نفى أي تورط في العملية نفسها.

اضطراب أميركي
رغم ضغوط أنقرة المستمرة ما زالت واشنطن ترفض تسليم غولن لتركيا، ولكن الأشهر الأخيرة حملت تطورات لافتة في تعاطي واشنطن عموما مع هذا الملف.

ففي يونيو/حزيران الماضي، قال جاويش أوغلو في تصريح لقناة محلية إن "واشنطن أبلغتنا بمعلومات حول قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي بفتح تحقيقات تتعلق بتنظيم غولن الإرهابي في حوالي 20 ولاية أميركية". ولكنه قال لاحقا "نريد أن تكون هذه التحقيقات قطعية وتأتي بنتائج".

كما أفردت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر يوم 15 يوليو/تموز الجاري صفحة كاملة للحديث عن منظمة غولن. وأفادت وكالة أنباء الأناضول أن هذه الخطوة جاءت بناء على طلب اللجنة التوجيهية التركية الأميركية (غير حكومية)، التي تضم نحو 150 منظمة مدنية تحت مظلتها.

وقال وزير الخارجية التركي إن بلاده شكّلت 3 مجموعات عمل مع الولايات المتحدة، مبينا أن مجموعة العمل المتعلقة بالشؤون القنصلية والقانونية التي تضم أيضا منظمة غولن اجتمعت بأنقرة الجمعة الماضي.

معتقلون ومفصولون
وتمثل الاعتقالات والملاحقات التي استهدفت المتهمين بالعلاقة بالمنظمة أحد أهم فصول وعناوين المواجهة بين "الدولة" و"التنظيم"، وتتفاوت التقديرات التي تنشرها مؤسسات إعلامية وحقوقية حول طبيعة وأعداد هذه الاعتقالات.

وتفيد بعض التقديرات أنه قد ألقي القبض على عشرات آلاف الأشخاص من مختلف القطاعات، ثم أفرج عن أكثر من نصفهم بعد انتهاء التحقيقات، رغم أن وسائل الإعلام الغربية تحاول تضخيم الأرقام في إطار خلافات الدول الغربية مع تركيا في عدة قضايا.

للعام الثاني، لا يزال ملف الانقلاب التركي مفتوحا في صفحاته الخارجية على احتمالات عديدة، ولا يزال غولن المطلوبَ الأول لدى تركيا، كما لا يزال أبرز عقبة أمام تطبيع أكثر بين أنقرة وعدد من العواصم الغربية في مقدمتها واشنطن.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية