بعد وعود الرزاز.. هل سيغادر الأردنيون الشارع؟

Demonstrators chant slogan during a protest near the Prime Minster's office in Amman, Jordan June 6, 2018. Picture taken June 6, 2018. REUTERS/Ammar Awad
إقالة حكومة الملقي لم تقنع الأردنيين الذين يصرون على تنفيذ مطالب على رأسها سحب قانون ضريبة الدخل (رويترز)
محمد النجار

على وقع احتجاجات واسعة أقال خلالها الملك عبد الله الثاني حكومة هاني الملقي، وكلف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، تعهد رئيس الوزراء الجديد بسحب قانون ضريبة الدخل الذي كان سبب الأزمة التي عاشها الأردن لنحو أسبوع.
 
تعهد الرزاز جاء خلال لقاءاته الأولى التي استعجلها حتى قبل أن يستكمل تشكيل حكومته، حيث التقى صباح اليوم الخميس رئيس مجلس النواب الذي نصحه بسحب القانون، وقادة النقابات الذين طالبوه بسحب القانون كشرط وحيد لوقف احتجاجاتهم التي استمرت أمس بتنفيذ إضراب عن العمل للمرة الثانية خلال أسبوع.
 
ويبدو أن الرزاز أراد سحب فتيل الأزمة التي تشهدها المملكة منذ أسبوع والمتمثل في سحب مشروع قانون الضريبة المثير للجدل، واستباقا لتوقعات بتوسع الاحتجاجات نهاية الأسبوع الجاري.
 
ولم يفلح تعهد رئيس الوزراء أمس عبر حسابه على تويتر بفتح حوار مع مختلف الأطراف والعمل معهم "للوصول إلى نظام ضريبي عادل ينصف الجميع ويتجاوز مفهوم الجباية".
 

‪الرزاز تعهد بسحب قانون ضريبة الدخل بعد أداء اليمين الدستورية‬ (رويترز)
‪الرزاز تعهد بسحب قانون ضريبة الدخل بعد أداء اليمين الدستورية‬ (رويترز)

الإسقاط ليس بديل السحب
ورد مئات النشطاء على تعهد الرزاز بمطالبته بسحب قانون الضريبة كواحد من أهم مطالبهم لمغادرة الشارع. ورغم تعبير نسبة كبيرة من النشطاء عن تفاؤلهم بتكليفه بتشكيل الحكومة، فإنهم رفضوا اعتبار ذلك بديلا عن إسقاط القانون.

 
وحتى الساعات الأولى من فجر اليوم، شهدت منطقة الدوار الرابع وسط العاصمة عمان تجمع آلاف من الأردنيين، وسط تقديرات اعتبرت أن احتجاج الليلة الماضية كان الأكبر منذ انطلاق الاحتجاجات التي أشعلها إقرار الحكومة السابقة قانون الضريبة، ورفع أسعار المحروقات الذي تراجعت عنه بإيعاز من الملك الأردني.
 
وما ميز احتجاجات ليلة أمس، كانت المشاركة الواسعة من أردنيين قدموا من محافظات عدة إلى المنطقة المحيطة بمقر رئاسة الحكومة الذي تطوقه أجهزة الأمن والدرك منذ نحو أسبوع. كما استمرت الاحتجاجات في عدد من المحافظات في الشمال والجنوب.
 
وسبق الاحتجاجات الليلية تنظيمُ النقابات المهنية إضرابا عن العمل نهار الأربعاء، انتهى بحالة من الجدل.

احتجاجات النقابات
فبعد إعلان رئيس مجلس النقباء علي العبوس تعليق الاحتجاجات مدة أسبوع واحد لمنح الحكومة الوليدة فرصة لتلبية مطالب المحتجين، اضطر للتراجع وإعلان استمرار الاحتجاجات تحت ضغط النقابيين الذين رفضوا قرار التوقف قبل تلبية مطالبهم.

 
وتتحدث مصادر أردنية أن الأردن الرسمي سيستفيد من زخم احتجاجات الشارع في إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي غادرت بعثته عمان على وقع الاحتجاجات قبل أيام، وسط إصرار منها على إقرار القانون الذي تسبب في الأزمة الحالية.
 
ووفقا لمراقبين فإن الملك الأردني سيضع ما شهدته بلاده من احتجاجات على طاولة البحث مع مسؤولين دوليين سيلتقيهم خلال الفترة القليلة المقبلة، ويطالبهم بأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه ما تحملته بلاده جراء اللجوء السوري.
 
ومن المقرر أن يلتقي ملك الأردن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في عمان الأسبوع المقبل، كما سيلتقي بعدها رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، قبل أن ينتقل إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
 

‪النقابيون رفضوا تعليق احتجاجاتهم قبل تنفيذ مطالبهم وعلى رأسها سحب قانون الضريبة‬ (رويترز)
‪النقابيون رفضوا تعليق احتجاجاتهم قبل تنفيذ مطالبهم وعلى رأسها سحب قانون الضريبة‬ (رويترز)

ضغوط إقليمية
وتعول عمان في هذه اللقاءات على أن يتفهم المجتمع الدولي الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن جراء الأوضاع والضغوط الإقليمية التي عبر عنها الملك الأردني بوضوح، والمتعلقة بالضغوط التي يواجهها من دول إقليمية للقبول بصفقة القرن، وأن يكون جزءا من الترتيبات الجديدة التي تقودها السعودية والإمارات في تحالفاتهما وأزماتهما وحروبهما في المنطقة.

 
في هذا الإطار تحدث الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان عن افتقاد الأردن لأصدقائه في هذه المرحلة التي كانت الأزمة الحالية بمثابة قمة جبل الجليد فيها. 
 
ويشير الخيطان بوضوح إلى أن الأردن يفكر في إعادة علاقاته مع قطر، وقال "ما نشهده من تحسن في العلاقات مع قطر المحاصرة خليجيا، يمكن أن يستمر بوتيرة أسرع على المستوى التجاري، إلى أن تحين فرصة استعادة العلاقات السياسية زخمها المطلوب".
 
والجدل حول علاقات الأردن الخليجية انتقل من النخب إلى البرلمان الذي شهد حراكا ضاغطا لإعادة العلاقات مع قطر، وانتقل إلى الشارع الذي بدأ يتساءل عما جنته عمان من الخضوع لضغوط الرياض وأبو ظبي التي أفضت إلى قطع العلاقات مع الدوحة على وقع الأزمة الخليجية قبل عام.
 
لكن السؤال الذي يحاول مراقبون الإجابة عنه فهو: هل سينهي قرار سحب "قانون الأزمة" الاحتجاجات في الشارع، وسط حالة من عدم الثقة تسود العلاقة بين الشارع ومؤسسات الدولة؟
 

فجوة الثقة
وفي هذا الإطار يتحدث المحلل السياسي والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان عن تفاجئه بالهتافات ضد الرزاز في الشارع حتى قبل أن يشكل حكومته.

 
وبرأيه فإن المشكلة لا تكمن في شخصية الرئيس المكلف، "وإنما في الكلفة الباهظة التي ندفعها في هذه اللحظة الحرجة والمنعطف الخطير لترسبات كبيرة من فجوة الثقة والمصداقية بين الشارع والحكومات".
 
ويكشف أبو رمان في مقاله بصحيفة "الغد" اليوم الخميس عن نتائج استطلاعات الرأي التي أجراها المركز وأكدت عدم تصديق الجيل الشاب ما يصدر عن المسؤولين وعن نواياهم.
 
ويحذر المحلل السياسي من الاقتراب مما اعتبرها "حافة الهاوية"، مطالبا المسؤولين بمغادرة مربع الحوار مع أنفسهم إلى الحوار الحقيقي مع الشارع، ومعتبرا أن المؤشر الهام والحاسم سيكون في تشكيلة الحكومة الجديدة.
 
ووسط احتجاجات الشارع التي أسقطت حكومة الملقي، يحاول الرزاز إقناع المتظاهرين بمغادرة الشارع ليتمكن من تشكيل حكومته وبدء معالجة الأزمة التي يحذر المراقبون من أن الفشل في إيجاد حلول جذرية لها سيؤدي إلى عودة الاحتجاجات التي فاجأت الجميع.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الأردنية + مواقع التواصل الاجتماعي