رغم القتل والتهجير.. ما زال في سوريا عيد

العيد في سوريا ما بين الحاضر والماضي
لحظات في مشاهدة العراضة تسرّي قليلا عن المهجرين (الجزيرة)

أمام أحد مساجد مدينة إدلب شمالي سوريا وبعد الانتهاء من صلاة العيد يجتمع السكان حول مجموعة من الشبان المهجرين من مدينة حمص يرتدون زيا مميزا ويحملون سيوفا ويؤدون رقصة تعرف عند السوريين بالعراضة، يغنون معها أغاني تراثية.

ولعل أكثر ما يلفت الانتباه الابتسامة التي تملأ وجوه الحاضرين كبارا وصغارا بينما يقوم آخرون بتوزيع الحلويات ومعايدة الحاضرين. ما يفعله هؤلاء الشبان يشعرك بأنهم لم يروا الحزن في حياتهم بينما الأمر مختلف تماما.

يقول محمد -وهو أحد المنظمين لهذه المبادرة- للجزيرة نت "فقدت اثنين من إخوتي في قصف النظام لمدينتنا حمص، وأبناء عمومتي حتى الآن معتقلون، وبقينا تحت الحصار في حمص لخمس سنوات لم نذق معها طعم الفرح. إلى متى سنبقى هكذا؟".

ويضيف "نحاول من خلال هذه المبادرة رسم الابتسامة على وجوه الحاضرين وأن نخرجهم ولو للحظات من أجواء الحزن التي يعيشونها".

الصغار لا يعرفون شيئا عن أعياد السوريين قبل الحرب
الصغار لا يعرفون شيئا عن أعياد السوريين قبل الحرب

العراضة رقصة مشهورة في سوريا كانت تؤديها بعض الفرق في الأعياد والأعراس وغيرها، وترافقها أغاني وأناشيد تراثية، حيث كان الناس يجتمعون لمشاهدة تلك الفرق وما تقوم به من حركات جميلة.

لكن بعد أن قرر النظام السوري مواجهة الثورة بالحديد والنار غابت هذه العادة وغاب معها الكثير من عادات السوريين قبيل العيد أو أثناءه.

عيد النازحين
وفي أحد مخيمات النزوح قرب مدينة أعزاز شمال حلب تجتهد سعاد في تحضير كعك العيد بما تيسر لها من طحين، علها تسعد صغيريها اللذين عجزت أن تشتري لهما ملابس جديدة للعيد بعدما أجبرت على النزوح من ريف حمص بعد مقتل زوجها وتلف معظم ممتلكات منزلها بقصف قوات النظام.

تقول سعاد "قبل مقتل زوجي كنت وقبل كل عيد أصنع معظم أنواع الحلويات لأطفالي وأشتري لهم ملابس جديدة للعيد، أما الآن فلا أستطيع فعل ذلك".

وتتابع قائلة "قلبي كاد ينفطر عندما طلب أطفالي ملابس جديدة للعيد، ولا أستطيع تقديم شيء لهم، ولا أستطيع أن أشرح لهم حالنا، فهم صغار، فسعيت بكل ما استطعت لأؤمن الطحين وأصنع لهم الحلويات. كانت نظرتهم يملؤها الفرح وهم يشاهدونني أصنع لهم كعك العيد".

يحظى العيد بمكانة خاصة عند السوريين، إذ كانت تستعد له مختلف الأسر السورية قبل أيام من قدومه، حيث تتزين واجهات المنازل، وتتلألأ المساجد في كل المدن بالأنوار، وتدب حركة غير عادية في الشوارع.

للعيد مكانة خاصة عند السوريين
للعيد مكانة خاصة عند السوريين

وكانت المحلات التجارية والأسواق تنشط إلى ساعات متأخرة من الليل، خصوصا في الأيام التي تسبق العيد، وتستعيد العلاقات العائلية الدفء الذي سرقته منها الحياة.

وفي جملة العادات تحضير مختلف أنواع الحلويات وشراء الملابس الجديدة وزيارة الأهل والأقارب لمعايدتهم، بالإضافة لزيارة قبور ذويهم ونشر ورد الآس عليها وتوزيع الحلويات على الحاضرين ممن قدموا لقراءة سورة الفاتحة على أرواح الموتى، أما اليوم وبعد سبع سنوات من الحرب فقد غابت هذه العادات.

فمعظم السوريين إما مهجر أو نازح تصعب عليه رؤية أقربائه أو حتى زيارة قبر من يحب، ناهيك عن الأوضاع المادية السيئة التي يعيشونها وحرمتهم من مختلف عاداتهم.

المصدر : الجزيرة