هكذا يزيّن الأئمة الصغار ليالي رمضان بالمغرب

 سناء القويطي-سلا


بصوت رخيم وبحّة طفولية، يؤم الطفل المغربي محمد أمين الحوسيمي (11 عاما) المصلين في تراويح رمضان الكريم بمصلى حي الرحمة بسلا.

وليست هذه المرة الأولى التي يؤم فيها الطفل محمد المصلين، بل يفعل ذلك للمرة الثالثة خلال شهر رمضان الجاري، تجاوز خلالها رهبة المرة الأولى وارتباكها ليصير وقوفه أمام المصلين عادة ومكسبا زاد من ثقته بنفسه، كما يقول والده.

بدأ الطفل محمد حفظ القرآن الكريم في سن الخامسة، ونال شرف حفظه كاملا مع إتقان قواعد التجويد، ليجذب انتباه القائمين على مصلى حي الرحمة ويقدموه لإمامة الصلاة.

وليس محمد أمين وحده من سار على درب القرآن والإمامة في عائلة الحوسيمي، بل لحق به شقيقه الأصغر آدم (تسع سنوات) الذي يحفظ ثلاثين حزبا من كتاب الله.

كان عمر آدم سبع سنوات عندما أمّ المصلين لأول مرة، وهي التجربة التي أشعرته -كما يحكي والده- بالنضج ومكّنته من تجاوز خجله من الوقوف أمام جماهير المصلين.

هذا الخجل تجاوزه أيضا الطفل القارئ عبد الرحمن المرساوي الذي أمّ المصلين في مسجد حي الرحمة للمرة الأولى في حياته في ليلة التاسع والعشرين من رمضان.

حفظ عبد الرحمن (11 عاما) 39 حزبا من القرآن الكريم ويواصل مشواره بدعم من والديه بغية إكمال حفظ كتاب الله.

‪‬ محمد أمين الحوسيمي (11 عاما) حافظ لكتاب الله تعود على إمامة المصلين في التراويح(الجزيرة)
‪‬ محمد أمين الحوسيمي (11 عاما) حافظ لكتاب الله تعود على إمامة المصلين في التراويح(الجزيرة)

نجوم رمضان
وسطع نجم عدد من أطفال المغرب في شهر رمضان، وذلك بعدما استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مكانا بين القراء الكبار والمعروفين بإمامة الناس في صلاة التراويح.

ويتنافس المشرفون على بيوت الله في المساجد والمصليات على استضافة هؤلاء الأئمة الصغار وتقديمهم بوصفهم نماذج إيجابية ومشرقة يستوجب الاقتداء بها.
 
ويقول أيوب رشداد أحد المشرفين على مصلى الرحمة في سلا إنهم استضافوا خلال رمضان الجاري خمسة قراء صغار أمّوا المصلين في ليال متفرقة من الشهر الكريم، معتبرا صلاة التراويح "فرصة للأطفال لتعليمهم إمامة الناس والوقوف أمام الجمهور، وهذه مسألة تدريبية لا تأتي مرة واحدة بل تُكتسب بالممارسة".

أطفال يؤمون المصلين في أحد مصليات سلا (الجزيرة)
أطفال يؤمون المصلين في أحد مصليات سلا (الجزيرة)

تفاعل
ويستحسن المصلون الصلاة خلف الأئمة الصغار، ولا يقتصر هذا الاستحسان والتفاعل على رواد مصلى حي الرحمة، كما يقول أيوب رشداد، بل إن هؤلاء الصغار يتلقون التشجيع عبر صفحة المصلى على فيسبوك التي تنقل البث المباشر لصلاة التراويح.

وسجل فيديو القارئ آدم الحوسيمي وهو يؤم المصلين في إحدى ليالي رمضان أعلى نسبة مشاهدة حيث تابعه حوالي عشرة آلاف مشاهد.

وتحرص الأسر المغربية على إلحاق أبنائها في سنوات عمرهم الأولى بالكتاتيب القرآنية لحفظ كتاب الله وتعلم قواعد التجويد، وحسب إحصائيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لعام 2017، بلغ عدد الكتاتيب القرآنية نحو 12 ألف كتاب قرآني يدرس بها 321 ألفا و722 متعلما من الإناث والذكور من جميع الفئات العمرية.

وكغيرها من المدن، يقبل سكان مدينة سلا على تشجيع أبنائهم على حفظ القرآن الكريم، فلا يكاد يخلو حي من كتاب قرآني أو مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وفق أيوب، ففي حي الرحمة حيث أقيم المصلى توجد ثلاثة كتاتيب قرآنية يشرف عليها مشايخ معروفون في مجال القراءات.

ويسعى الأئمة الصغار آدم ومحمد أمين وعبد الرحمن للمضي في طريق القرآن الكريم والعلوم الشرعية كما أسرّوا بذلك للجزيرة نت، ويحذوهم أمل في أن يصبحوا في المستقبل علماء وأئمة وأن يصلوا بأصواتهم التي انطلقت من مصلى الحي بسلا إلى باقي مدن المغرب والعالم الإسلامي برمته.

المصدر : الجزيرة