"إسرائيل باللهجة العراقية".. محاولة إلكترونية للاختراق
مروان الجبوري-بغداد
ورغم أن تاريخ العلاقة بين الطرفين مليء بالمشاكل والأزمات، فإن عراق ما بعد 2003 شهد تحولات كبيرة في هذا المجال، على الصعيد السياسي على الأقل، حيث زار تل أبيب عدد من الشخصيات العراقية العامة بشكل علني أو سري.
ونشرت صحف عربية تقارير تشير إلى زيارة عشرين شخصية سياسية عراقية إلى تل أبيب، وهو ما نفاه مجلس النواب العراقي عادا إياه مجرد "شائعات".
ونفى المتحدث باسم الخارجية أحمد محجوب حدوث أي اتصال رسمي بين الطرفين، مؤكدا أن موقف العراق ثابت من إسرائيل، فهو يعتبرها كيانا غاصبا للأراضي العربية الفلسطينية، وهو غير مستعد للتعامل معها أبدا، على حد قوله.
وأضاف محجوب للجزيرة نت أن العراق ساهم في دعم اللجنة الخماسية التي شكلتها الجامعة العربية لإفشال عضوية إسرائيل في مجلس الأمن، ومواقفه ثابتة من القضية الفلسطينية.
وحول الخطوة الإسرائيلية الأخيرة، يرى محجوب أنها غير مرحب بها من قبل العراقيين، ولن تلاقي أصداء واسعة بسبب رفض العراقيين لسياسة تل أبيب العدوانية والتوسعية.
ساحة جديدة
بدأت هذه الحملات منذ بضع سنوات حين أطلق ساسة عراقيون دعوات لإبرام معاهدة سلام مع إسرائيل، وإعادة أملاك يهود العراق الذين هجروا إبان وبعد قيام دولة إسرائيل، ومن بينهم النائب مثال الآلوسي الذي أعلن زيارته لتل أبيب بشكل رسمي عام 2005.
ورغم القطيعة المعلنة بين الطرفين منذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948 والحروب التي خاضها العراق ضد الكيان الجديد، فإن ذلك لم يمنع من حدوث اتصالات بين أطراف عراقية معارضة وإسرائيل، وكان من بينهم الزعيم الكردي الراحل مصطفى البارزاني وآخرون.
وقال السياسي الكردي محمود عثمان -الذي رافق البارزاني في زيارتين إلى تل أبيب- إنه لا يتوقع حصول تغيير في العلاقات بين البلدين، بسبب رفض معظم العراقيين تقبل ذلك.
لكنه يعتقد أن محاولات الانفتاح هذه جاءت بسبب النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة بالعراق، مما يدفع إسرائيل لاستثمار هذه الأجواء، والنفاذ إلى العراق لمحاولة البحث عن مصالح سياسية واقتصادية على أرضه.
وبالإضافة إلى ذلك، يرى عثمان أن القرب الجغرافي والحدود الطويلة التي تجمع العراق بإيران تشجع إسرائيل على الدخول لهذه الساحة الجديدة، من أجل محاربة نفوذ طهران انطلاقا من الأراضي العراقية.
حملات إلكترونية
وقد شهدت السنوات الأخيرة انطلاق حملات منظمة لناشطين دعوا للتطبيع مع إسرائيل، محملين القضية الفلسطينية وزر ما أصاب العراق من حروب وأزمات.
واعتبر هؤلاء أن موقف العراق الرافض للصلح مع إسرائيل هو الذي جره إلى الحروب والويلات، وأنه كان بالإمكان تجنب كل ذلك لو انخرط العراق في عملية سلام الشرق الأوسط.
وساهم بعض الكتاب والإعلاميين بتأجيج الشارع العراقي وشحن الأجواء المحلية عبر اتهام الفلسطينيين بدعم الإرهاب وتصدير الانتحاريين إلى العراق، إلا أن أصداء هذه الحملات لا تزال ضعيفة.
ويرى الإعلامي والناشط المدني عمر الآغا أن الشارع ما زال يرفض بشكل عام أي تقارب مع إسرائيل، ويحملها مسؤولية الأزمات والحروب بالمنطقة.
لكنه يستدرك بأن قلة من العراقيين يؤمنون بضرورة إقامة علاقات رسمية مع تل أبيب لاعتقادهم أنها مسؤولة عن الدمار الذي أصاب البلاد وأن التطبيع سيجعل العراقيين يعيشون بسلام ويفتح لهم آفاق الرخاء الاقتصادي.
ويستبعد الآغا أن تكون الصفحات الداعية للتطبيع عفوية، بل ربما تقف وراءها جهات خارجية تهدف لتهيئة الرأي العام العراقي لأي تقارب بين الطرفين، رغم أن معظم العراقيين غير مهتمين كثيرا بهذه القضية لأنه لديهم ما يشغلهم، على حد قوله.