ماليزيا.. خريطة حزبية متشرذمة قبيل الانتخابات

إعلان لأحد مرشحي الحزب الإسلامي في كوالالمبور
إعلان لأحد مرشحي الحزب الإسلامي في كوالالمبور (الجزيرة)

سامر علاوي-كوالالمبور

يُنظر للانتخابات التشريعية الرابعة عشرة بماليزيا على أنها الأكثر حدة في تاريخ البلاد لتقارب شعبية الكتلتين المتنافستين، وهما تحالف الجبهة الوطنية الحاكم بزعامة رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، وتحالف الأمل المعارض بزعامة مهاتير محمد.

وبينما توزعت الأحزاب التي تمثل الأقليتين الصينية والهندية وغيرهما بين التكتلين المذكورتين، اختار الحزب الإسلامي الماليزي بزعامة الشيخ عبد الهادي أوانغ دخول الانتخابات منفردا.

بقي التحالف الحاكم (الجبهة الوطنية) متماسكا رغم انشقاق ما عرف بمعسكر مهاتير عام 2016 عن حزب المنظمة الملاوية القومية المتحدة (أمنو) الذي يقود التحالف. لكن الخريطة الحزبية في ماليزيا تظهر قبيل الانتخابات تشرذم الأكثرية الملاوية التي تشكل نحو 60% من سكان البلاد.

وحسب نتائج الانتخابات السابقة وتقديرات معاهد سياسية، فإن غالبية ذوي الأصول الصينية (نحو
25%) تؤيد المعارضة ممثلة بحزب العمل الديمقراطي، وتتوزع الأقلية الهندية -التي تشكل نحو 8% من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة- على الحكومة والمعارضة.

المعارضة الماليزية ترشح رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد (الجزيرة)
المعارضة الماليزية ترشح رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد (الجزيرة)

ويضم تحالف الجبهة الوطنية 14 حزبا سياسيا، وقد تربع على رأس السلطة على مدى أكثر من ستة عقود، أبرزها "أمنو" والجمعية الصينية الماليزية وحزب المؤتمر الهندي الماليزي، وتوافقت هذه الثلاثة على ما يعرف بعقد اجتماعي لحكم الاتحاد الملاوي قبل الاستقلال عام 1957.

ورغم أن الانتخابات تعقد في ماليزيا بشكل دوري، فإن خبراء في العلوم السياسية يعبرون عن قناعتهم بأنها دولة حزب واحد، حيث تعرف الجبهة الوطنية بأطول مدة حكم لتحالف حزبي على مستوى العالم.

تحالف المعارضة
يتمسك محمد رشيدي محمد أمين بولائه لحزب عدالة الشعب، وقد صوت لنور العزة ابنة أنور إبراهيم في الانتخابات السابقة عام 2013، وتفانى في حشد التأييد لتحالف الأمل في الانتخابات في دائرة بانتاي بآدام التي يعيش فيها بالقرب من كوالالمبور، وتعتبر من أكبر الدوائر من حيث عدد السكان.

وكغالبية سكان هذا الحي الذين صوتوا للمعارضة في الانتخابات السابقة، تجاهل رشيدي الصراع بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم ليوجه سيلا من الانتقادات لحكومة التحالف الوطني، التي يقودها حزب المنظمة الملاوية القومية المتحدة (أمنو)، أبرزها تهم الفساد وتبني مطالب المعارضة بإلغاء ضريبة البضائع والخدمات.

وأوضح رشيدي أن مهاتير محمد أقنع أنصار المعارضة بالتراجع عن أخطائه السابقة لا سيما القبضة الأمنية، التي حكم فيها البلاد 22 عاما، واعترافه بمظلومية أنور إبراهيم واعتذاره له مع وعد بالتنازل عن السلطة لحسابه بعد سنتين من الفوز وتشكيل الحكومة.

وينضم تحت لواء تحالف الأمل أربعة أحزاب، هي عدالة الشعب بزعامة أنور إبراهيم، والعمل الديمقراطي -الذي يهيمن عليه الصينيون- في المعارضة، والأمانة الوطنية الذي انشق عن الحزب الإسلامي، ووحدة أبناء الأرض الذي شكله مهاتير بعد انشقاقه عن حزب أمنو، الذي يقود تحالف الحكم.

عزيزة إسماعيل رئيسة حزب عدالة الشعب -الذي أسسه زوجها المعتقل أنور إبراهيم- تقود تحالف المعارضة في الانتخابات(الجزيرة)
عزيزة إسماعيل رئيسة حزب عدالة الشعب -الذي أسسه زوجها المعتقل أنور إبراهيم- تقود تحالف المعارضة في الانتخابات(الجزيرة)

ويرى محللون سياسيون أن مهاتير تمكّن من اختطاف حزب عدالة الشعب، وذلك بتوحيد المعارضة تحت شعار الحزب الذي أسسه أنور إبراهيم الذي يقضي حكما بالسجن لمدة خمس سنين.

وأصبح مهاتير زعيما للتحالف دون أن يتكلف شيئا، بل دون حزب سياسي معترف به، بعد أن رفضت هيئة تسجيل الأحزاب الاعتراف مؤقتا بحزب "برساتو بومي بوترا". كما تمكن مهاتير من كسب ولاء المعارضة الصينية مقابل دخولها مناطق الملايويين تحت مظلة حزب العدالة.

شفافية الانتخابات
يقدر عدد من يحق لهم الاقتراع في انتخابات يوم غد بنحو 15 مليون ناخب ماليزي لاختيار 222 ممثلا في البرلمان المركزي، و587 عضوا في المجالس التشريعية في ثلاث عشرة ولاية والمناطق الفدرالية.

وقد اتهمت مؤسسات -تدعو لإصلاح النظام الانتخابي مثل "بٍرسيه" التي تعني التنظيف- لجنة الانتخابات بعدم الشفافية، وشككت في صدقية النتيجة التي قد تفضي إليها الانتخابات، ولخصت انتقاداتها بعشر نقاط أبرزها: إعادة رسم خريطة الدوائر الانتخابية بما يصب في مصلحة التحالف الحاكم، والإخفاق في تحديث اللوائح الانتخابية، ووضع الانتخابات في وسط الأسبوع بما يحول دون وصول الناخبين إلى دوائرهم، واقتصار مدة الدعاية الانتخابية على 11 يوما، والتلاعب بأصوات الانتخاب المبكر وعبر البريد، وعدم معاقبة المتجاوزين في العملية الانتخابية.

وقد فسر المحلل السياسي ونغ تشين هوات إجراءات لجنة الانتخابات بمحاولة تقليل نسبة إقبال الناخبين، ورأى في حديثه للجزيرة نت أنه إذا نزلت نسبة الإقبال عن 70% فإن التحالف الوطني يمكنه الفوز بجدارة، وقد يحصل على غالبية الثلثين إذا ما انخفضت نسبة الإقبال إلى 40%. أما إذا كان الإقبال عاليا ووصل 85% فإن حظوظ المعارضة بالفوز ستكون عالية جدا.

المصدر : الجزيرة