أرشيف سوري في برلين يوثق جرائم النظام

الأرشيف السوري مبادرة أسسها نشطاء سوريون بمساعدة أربعة جامعات عالمية ومنظمات حقوقية وتقنية لتوثيق الهجمات الكيماوية لنظام الأسد.
"الأرشيف السوري" مبادرة أسسها نشطاء سوريون لتوثيق انتهاكات نظام الأسد وخاصة الهجمات الكيميائية (الجزيرة)

خالد شمت-برلين 

شهد المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية في العاصمة الألمانية برلين إطلاق "الأرشيف السوري" الهادف إلى توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري -ولا يزال- بحق مواطنيه. 

وتهدف تلك المبادرة إلى تجميع وتحقيق وأرشفة أدلة إدانة النظام منذ عام 2012، وحمايتها من الضياع، خاصة الأدلة المتعلقة بالهجمات الكيميائية التي ارتكبها.

وأسس ثمانية نشطاء سوريين عام 2014 هذا الأرشيف الذي يعتبر أول مشروع من نوعه للتوثيق الرقمي، بمساعدة أربع جامعات عالمية وعدد من المنظمات والمراكز البحثية، من بينها منظمة العفو الدولية، والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية، ومنظمة "بيلنغات" للتحقيق البصري.

وانكب فريق عمل الأرشيف السوري طوال السنوات الثلاث الأخيرة على فحص وتحليل دقيقين لـ1.2 مليون فيديو عن انتهاكات وجرائم حرب يعود 90% منها لنظام الأسد، وخلصوا إلى إثبات صحة وأصل 861 فيديو منها 212 لهجمات بالأسلحة الكيميائية، والباقي بالقنابل العنقودية حسب هادي الخطيب أحد مشرفي الأرشيف الجديد.

ويزيد عدد الهجمات الكيميائية التي وثقتها فيديوهات الأرشيف عن تلك التي سجلتها المنظمات والمؤسسات الدولية. وتظهر فيديوهات الأرشيف 61 هجوما كيميائيا نفذها النظام السوري منذ عام 2012، منها 14 هجوما على ريف دمشق، و14على أدلب، و33 على حلب، و29 على حماة، وستة على حمص، وثلاثة على درعا، وواحد على دير الزور.

وقال الخطيب إن الفيديوهات الموثقة أثبتت أن الهجمات الكيميائية مثلت عملية ممنهجة وإستراتيجية حرب نفذها نظام الأسد في 85 منطقة مختلفة بسوريا، وأوضح أن إثبات صحة وأصل هذه الفيديوهات تم بالتأكد من المصادر والأماكن بوسائل تقنية وجيولوجية فائقة التطور وبتحليل للهجات.

‪الخطيب يشرح فكرة
‪الخطيب يشرح فكرة "الأرشيف" ودوره‬ (الجزيرة)

أقسام
وتتوزع فيديوهات الأرشيف المتاحة على شبكة الإنترنت على أقسام بعناوين تتحدث عن نفسها هي: الهجمات على المستشفيات، والهجمات على المخابز، والهجمات على الصحفيين، والهجمات على الأسواق، والهجمات على المساجد.

وبدأ الاهتمام بتوثيق انتهاكات النظام السوري مع بداية الاحتجاجات السلمية وانشغال النظام بقمعها، وتحول الحراك الشعبي المعارض إلى مواجهة بطش السلطة بالمقاومة المسلحة.

ومع بدء مرحلة الانشقاق عن نظام وجيش الأسد، توافر الآلاف من شهود العيان الذين وثقوا هذه الانتهاكات بفيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، لكن إدارات هذه المواقع -خاصة يوتيوب وفيسبوك- ما لبثت أن حذفت الكثير منها بسبب ما تحتويه من مشاهد عنف شديدة.

ونشأت تلك المرحلة -كما يقول فريق عمل الأرشيف السوري- على أسس علمية واحترافية، للتدليل بعد أن تضع الحرب أوزارها على الانتهاكات التي وقعت من كافة الأطراف.

وأشار الخطيب إلى أن تدشين "الأرشيف السوري" بداية ستتزايد باتجاه التحقيق والأرشفة والحماية لصور وفيديوهات الانتهاكات -خاصة الهجمات الكيميائية منها- التي ارتكبها النظام وإعطاء قيمة علمية لها، حتى يمكن للمحامين ومنظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية العالمية الاستفادة منهم في مرحلة المساءلة وتحقيق العدالة بسوريا.

وأوضح الخطيب أن العنصر البصري وتحرير المواد البصرية سيكمل جهود هذه المؤسسات بالبحث عن أدلة يمكن من خلالها جلب مرتكبي الانتهاكات وجرائم الحرب بسوريا للعدالة الدولية. وذكر أن معظم الدعاوى المقدمة أمام النيابة العامة في ألمانيا هي لجرائم تعذيب وقعت بحق السوريين، مشيرا إلى أن قاعدة البيانات التي يوفرها الأرشيف الجديد تساعد على فتح المجال لدعاوى قانونية جديدة حول الهجمات الكيميائية التي ارتكبت بحق السوريين.

المصدر : الجزيرة