ملكية المالكي.. يحميها القانون وتنتهكها دول الحصار

لافتة من مقر لجنة التعويضات
لجنة المطالبة بالتعويضات تلقت أكثر من ثمانمئة شكوى (الجزيرة)

عماد مراد-الدوحة

لم يتخيل المواطن القطري محمد المالكي يوما أن الاستثمار في دبي قد يشكل خطورة على أمواله، أو أن بلده ستواجه لعام كامل حصارا من جيرانها يمنعه حتى من الوصول إلى تلك الممتلكات التي كان يدخرها كأنها داخل قطر.

المالكي يقول إنه وأبناء جيله شبوا على شعار "خليجنا واحد" الذي كانت له قدسيته في دول مجلس التعاون، فشراء عقار في دبي مثلا لم يكن يختلف عن شرائه في الدوحة، فهذه البلاد جميعها وطن للخليجيين.

صدمة المالكي بدأت قبل عام عندما استفاقت المنطقة على الإجراءات التي فرضتها دول الحصار على قطر، حيث كان المالكي انتهى للتو من دفع القسط الأخير لمنزله في دبي، عندها اعتقد بأن الأزمة لن تطول، وبعد أن مرت الأيام حاول الوصول إلى منزله الجديد، لكنه لم يستطع.

المالكي مثال لمئات القطريين الذين حرمتهم دول الحصار من الوصول إلى أملاكهم ومزارعهم وشركاتهم ومصانعهم؛ الأمر الذي دفعهم للتوجه إلى لجنة المطالبة بالتعويضات التي أنشأتها الدوحة بعد شهر واحد من الحصار.

وقال مصدر في لجنة المطالبة بالتعويضات إن اللجنة تلقت منذ تشكيلها أكثر من ثمانمئة شكوى من مواطنين قطريين يملكون عقارات أو استثمارات خاصة أو حلالا (إبلا) بدول الحصار، وحرموا من متابعة هذه الأملاك أو حتى التصرف فيها لعدم تمكنهم من الحصول على تصاريح سفر أو تأشيرات دخول لتلك الدول، رغم أن الاتفاقيات المبرمة بين دول التعاون تسمح بحرية التملك والحركة لمواطني المجلس.

ضياع القيمة
وأضاف المصدر للجزيرة نت أن هناك حالات لم تستكمل دفع أقساط العقارات المُشتراة، وهؤلاء يواجهون خطر ضياع قيمة ما دفعوه من أقساط سابقة، نظرا لأن عقود التملك تتضمن تسديد الدفعات وفق آجال محددة.

وشدد على أن اللجنة ترصد كافة المخالفات المتعلقة بالملكية الخاصة من أجل المطالبة بتعويضات للذين تعرضوا للظلم دون أدنى مسؤولية في ما يحدث، موضحا أنه تم التعاقد مع مكاتب محاماة دولية لرفع دعاوى منفصلة أو مجمعة لكافة المتضررين.

وأشار المصدر إلى أن مكاتب المحاماة الدولية ستتواصل خلال الفترة القليلة القادمة مع كافة من تم توثيق شكواهم، وذلك للتأكد من استيفاء جميع المستندات والوثائق التي تدعم المطالبات، مشيرا إلى أن القانونيين باللجنة انتهوا من توثيق 80% من ملفات الأفراد المتضررين المقدّرة بـ4050 حالة.

وأوضح المصدر أن اللجنة ما زالت تستقبل طلبات التعويض حتى الآن، ولكن حجم الطلبات الحالية أقل بكثير عن فترة بداية الأزمة التي تقدمت فيها أغلب الطلبات.

‪‬ الكعبي: لا يحق لأي سلطة منع أحد من الوصول إلى أملاكه(الجزيرة)
‪‬ الكعبي: لا يحق لأي سلطة منع أحد من الوصول إلى أملاكه(الجزيرة)

الخسائر بالمليارات
أما المستشار القانوني للجنة الوطنية لحقوق الإنسان عبد الله الكعبي فطالب دول الحصار بعدم الزج بحقوق المستثمرين الخاصة في الخلافات السياسية القائمة، مشيرا إلى أن الخسائر التي تم حصرها جراء الاعتداء على الملكية الخاصة خلال عام من الحصار تصل إلى مليارات الريالات.

وأضاف الكعبي في حديث للجزيرة نت أن هؤلاء الأشخاص يمتلكون عقارات أو شركات داخل دول الحصار، ولا يحق لأي سلطة أن تمنع أحدا من الوصول إلى أملاكه الخاصة ما دام لم يقترف جريمة، مؤكدا أن اللجنة تقوم بدورها في اللجوء إلى الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة للدفاع عن هذه الحقوق.

واستغرب الكعبي من موقف منظمات حقوق الإنسان في دول الحصار التي لم تقم بأي دور في الدفاع عن حقوق الأشخاص في ملكيتهم الخاصة ومنعهم من الوصول إلى تلك الممتلكات أو بيعها أو إدارتها، مشددا على ضرورة أن تبقى منظمات حقوق الإنسان بعيدة عن المواقف الحكومية.

المصدر : الجزيرة