انتخابات برلمان لبنان.. مسلسل عودة الوصاية السورية

بري بعد اعادة انتخابه - الجزيرة نت.
بري يتحدث عقب انتخابه رئيسا لبرلمان لبنان للمرة السادسة على التوالي (الجزيرة)

عفيف دياب-بيروت

انتخب مجلس النواب اللبناني نبيه بري رئيسا له بـ98 صوتا و29 ورقة بيضاء وواحدة ملغاة، كما انتخب البرلمان إيلي الفرزلي نائبا للرئيس بثمانين صوتا ونال منافسه مرشح حزب القوات اللبنانية أنيس نصار 32 صوتا، وحملت هذه النتائج التي جاءت وفق المتوقع والمتفق عليه بين الكتل البرلمانية الكبرى دلالات وإشارات سياسية لها الطابع اللبناني الصرف وأيضا الإقليمي.

وقد أفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السادس من مايو/أيار الحالي سيطرة ما يعرف بلبنان "فريق الممانعة" على أغلبية مقاعد المجلس النيابي، ويقول متابعون في بيروت إن "الفريق الموالي للنظام السوري في لبنان حصد أكثر من سبعين مقعدا في مجلس النواب".

وانتخاب بري (80 عاما) رئيسا للمرة السادسة للبرلمان اللبناني هو ثمرة توافق سياسي بين مختلف الكتل النيابية التي وجدت في تجديد ولاية بري تسليما واقعيا بما يمثله الرجل من ثقل سياسي وحزبي وشعبي داخل طائفته، وضمن تركيبة النظام السياسي اللبناني الحالي الذي يقوم على مبدأ "الرجل الأقوى في طائفته" له المركز المرموق في البلاد.

وتماشيا مع المبدأ السابق فإن الاتجاه داخل البرلمان هو تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة للمرة الثانية في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون رغم الصعوبات التي ستعترض الرجل في عملية التشكيل.

‪إيلي الفرزلي الذي انتخب نائبا لرئيس البرلمان أثناء إدلائه بصوته‬ (الجزيرة)
‪إيلي الفرزلي الذي انتخب نائبا لرئيس البرلمان أثناء إدلائه بصوته‬ (الجزيرة)

تصحيح خطأ
ويقول متابعون إن نتائج انتخاب نائب رئيس مجلس النواب أعطت دلالة واضحة عن مدى تحقيق فريق "الممانعة" السيطرة على البرلمان كما ونوعا، ويضيف هؤلاء أن خير تعبير عن ذلك هو تصريح النائب المنتخب لنيابة رئاسة البرلمان فرزلي، والذي قال فيه إن اعادة انتخابه نائبا لرئيس البرلمان هو "تصحيح لخطأ تاريخي".

ويقصد فرزلي بتصريحه ما جرى معه بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005، وفشله في العودة إلى البرلمان لدورتين متتاليتين بعد اتهامه بالعمالة للنظام السوري، ويرى بعض المتابعين أن عودة الفرزلي إلى موقع متقدم في النظام السياسي اللبناني "تأكيد المؤكد على سيطرة حلفاء النظام السوري على البرلمان".

وقد عبر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق عن هذا الأمر، وقال إنه لم ينتخب الفرزلي وغادر جلسة انتخابه لأنه لا يريد المشاركة في جلسة "تعيد واحدا من أهم رموز الوصاية السورية نائبا لرئيس مجلس النواب".

وأضاف المشنوق "لقد دفع اللبنانيون دما كثيرا في سبيل الخلاص من الوصاية السورية الممثلة لسنوات طويلة في غازي كنعان ورفاقه، وأنا لا أقبل ولو منفردا المشاركة في أي ممارسة حتى ولو دستورية في اتجاه إعلاء شأن الوصاية السورية مرة أخرى".

"ملائكة دمشق"
ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي رضوان عقيل إن للنظام السوري اليوم في لبنان تشكيلة نيابية صديقة لا بأس بها، ويضيف للجزيرة نت أن سوريا مرتاحة للوجود المؤيد لها في البرلمان اللبناني وحتى داخل الحكومة المقبلة.

ولكن عقيل يرى أن حقبة ما قبل العام 2005 قد ولت إلى غير رجعة، ولا يمكن القول اليوم إن الوصاية السورية عادت إلى لبنان، موضحا أن "ملائكة" النظام السوري ستكون موجودة في الحكومة المقبلة رغم إرادة سعد الحريري الذي لم يكن يرغب في أن تكون نتائج الانتخابات النيابية وفق ما خلصت إليه.

ولا يخفي الحريري -الذي يعتقد أن تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة تحصيل حاصل- أمنياته بأن تكون عملية تشكيلها سهلة وسريعة، ولكن المحلل السياسي فادي الأحمر يرى أن تشكيل الحكومة دونه صعوبات، أبرزها أن الانتخابات النيابية أفرزت أحجاما جديدة مختلفة داخل البرلمان.

ويضيف الأحمر للجزيرة نت أن هذه الأحجام ستنعكس مطالب لها داخل تشكيلة الحكومة، وبالتالي ستخلق جدلا واسعا في مسألة التشكيل.

المصدر : الجزيرة