"عملاء السفارات".. السعودية الجديدة إما معي أو بالسجن
وحفل بيان رسمي صدر عن "المتحدث الأمني لرئاسة أمن الدولة" بالعبارات والمصطلحات التي بدت مبهمة، حيث قال إن من وصفها "بالجهة المختصة" رصدت "نشاطا منسقا" (لم يحدده البيان) لمجموعة من الأشخاص "قاموا من خلاله بعمل منظم للتجاوز على الثوابت الدينية والوطنية".
واتهم البيان المعتقلين "بالتواصل المشبوه مع جهات خارجية في ما يدعم أنشطتهم" (التي لم يحددها البيان)، كما اتهمهم "بتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة".
عناصر معادية
كما اتهمهم بـ "تقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار السعودية وسلمها الاجتماعي، والمساس باللحمة الوطنية".
الداعمون لـ #عملاء_السفارات 🤭 pic.twitter.com/tLVyKLGe9R
— مثقف من الطيبين (@haabmbb1) ١٩ مايو ٢٠١٨
وشملت قائمة المعتقلين كلا من الناشطات لجين الهذلول، وعزيزة محمد اليوسف، وإيمان النفجان، إضافة إلى المحامي إبراهيم المديميغ، وعبد العزيز المشعل، والناشط في مجال مقاومة التطبيع ومناصرة القضية الفلسطينية محمد الربيعة.
كما تحدثت وسائل الإعلام السعودية عن وجود معتقل سابع قالت إن السلطات تحفظت على هويته، وقالت إن حملة الاعتقالات ستتوسع لتشمل آخرين مرتبطين بـ"النشاط المشبوه".
وحفلت وسائل الإعلام السعودية بالأخبار والصور والتصاميم التي وصفت المعتقلين "بالخونة"، واتهمتهم بالتواصل مع سفارات (لم تحددها) للإضرار بالمملكة.
#عملاء_السفارات
وأطلقت حسابات معروفة بقربها من السلطات الرسمية وسم #عملاء_السفارات على النشطاء المعتقلين، الذي تصدر قائمة الأكثر تفاعلا عالميا على موقع تويتر فجر الجمعة، وظل ضمن قائمة الأعلى تداولا حتى ساعات ما قبل ظهر اليوم السبت.
نفس المنطق … نفس الاقصاء ، مالفرق بين المنشورين ؟
#عملاء_السفارات pic.twitter.com/J0sNPmyfUO
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) ١٩ مايو ٢٠١٨
وإضافة إلى ما وصفه مغردون "بحفلة التأييد" لحملة الاعتقالات، حفلت الحسابات بالدعوة لاعتقال مزيد من النشطاء المتهمين بتأييدهم المعتقلين وأفكارهم.
في المقابل، انتقد الكاتب والإعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي الاعتقالات، واصفا مناخ التحريض الذي يمارس ضد المعتقلين بأنه هو ذاته الذي مارسه متطرفون قبل عقود ضد من أسموهم بـ"زوار السفارات"، متسائلا إن كانت السعودية ستبقى أسيرة بين تطرفين، كما قال.
من مصادر خاصة فإن التهم الموجهة للحقوقيين الموقوفين هو العمل على تأسيس جمعية لحماية المعنفات تسمى #آمنه
وأنهم قد تقدموا بكل الأوراق اللازمة للدولة بهدف إشهارها بالطرق القانونية بعد ان لمسوا انفتاح الدولة مؤخراً .. ولكن ‼️ #عملاء_السفارات— ايمان الحمود (@imankais1) ١٩ مايو ٢٠١٨
من جهتها، نقلت الناشطة والإعلامية السعودية إيمان الحمود عما وصفتها "بمصادر خاصة" أن التهم الموجهة للحقوقيين الموقوفين "هو العمل على تأسيس جمعية لحماية المعنفات تسمى #آمنه، وأنهم تقدموا بكل الأوراق اللازمة للدولة بهدف إشهارها بالطرق القانونية بعد أن لمسوا انفتاح الدولة مؤخرا".
تأييد ابن سلمان
وبجولة في حسابات عدد من المعتقلين على موقع تويتر، يلحظ المتابع أنها تحفل بمواقفهم المستبشرة بما اعتبروه أجواء الانفتاح التي تعيشها السعودية.
الأمير محمد بن سلمان:"ليس لدينا أفضل سجل في مجال حقوق الإنسان في العالم لكننا نتحسن،وقد قطعنا شوطا طويلا في وقت قصير."مثل هذه التصريحات مطمئنة وتعكس اهتمام واضح بالمعاييرالدولية. وبإمكاننا القيام بقفزة نوعية تُحسن من سمعة المملكة وتثبت جدية هذه التصريحات بمراجعة قضايا سجناء الرأي pic.twitter.com/v1Vbnvr1Kr
— لجين هذلول الهذلول (@LoujainHathloul) March 9, 2018
فأبرز المعتقلات -وهي لجين الهذلول- أشادت في تغريدات لها بتصريحات وقرارات صادرة عن الأمير محمد بن سلمان.
فقد نشرت في تغريدة لها تصريحا لابن سلمان جاء فيه "ليس لدينا أفضل سجل في مجال حقوق الإنسان في العالم، لكننا نتحسن، وقد قطعنا شوطا طويلا في وقت قصير".
وعلقت الهذلول بالقول "مثل هذه التصريحات مطمئنة، وتعكس اهتماما واضحا بالمعايير الدولية، وبإمكاننا القيام بقفزة نوعية تحسن من سمعة المملكة، وتثبت جدية هذه التصريحات بمراجعة قضايا سجناء الرأي".
#السماح_بقيادة_المرأة_للسيارة
حدث يدل على تحول في حقوق المرأة وتهانينا للوطن ونسائه ونتمنى أن تحل بقية الملفات العالقة— عزيزة محمد اليوسف (@azizayousef) September 26, 2017
أما الناشطة عزيزة اليوسف فكتبت تعليقا على القرار الملكي بالسماح بقيادة المرأة للسيارة في سبتمبر/أيلول الماضي "السماح بقيادة المرأة للسيارة حدث يدل على تحول في حقوق المرأة، وتهانينا للوطن ونسائه ونتمنى أن تحل بقية الملفات العالقة".
ضد التطبيع
على الجهة الأخرى، تبرز مواقف الناشط محمد الربيعة الرافضة للتطبيع مع إسرائيل والمحذرة منه والمؤيدة للشعب الفلسطيني.
فلسطين هي مركز تتشكل عليه وحوله خياراتك في المنطقة والعالم، بدون دعمها لا يمكن بناء استراتيجية أمن قومي مستقلة مثلًا، وبدون القضاء عليها لا يمكن احتجاز التقدم نهائيًا وحسم مسار الاستتباع بشكل كامل!
— محمد الربيعة (@Mohadfr) December 9, 2017
وينشر الربيعة على رأس حسابه على تويتر تغريدة جاء فيها "فلسطين هي مركز تتشكل عليه وحوله خياراتك في المنطقة والعالم، بدون دعمها لا يمكن بناء إستراتيجية أمن قومي مستقلة مثلا، وبدون القضاء عليها لا يمكن احتجاز التقدم نهائيا وحسم مسار الاستتباع بشكل كامل".
وهذه الحملة هي الثالثة التي تشنها السلطات السعودية منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد في المملكة.
ليبراليون ودعاة وأمراء
واعتقلت السلطات السعودية في سبتمبر/أيلول الماضي نحو ثمانين من الدعاة وأساتذة الجامعات، أبرزهم سلمان العودة وعصام الزامل وعوض القرني وغيرهم.
في حين شنت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حملة اعتقالات طالت أمراء ورجال أعمال تحت لافتة مكافحة الفساد، انتهت مطلع العام الجاري بعقد تسويات مع المعتقلين جمعت من خلالها السلطات نحو مئة مليار دولار.
كما جرت العادة، تبرر السلطات جرائمها الحقوقية بالاعتقالات التعسفية بإلقاء تهم فضفاضة من قبيل "تجاوز الثوابت الوطنية" !!!
وهل من الثوابت الوطنية في بلادنا أن لا يعبر الإنسان عن رأيه بحريّة؟!! pic.twitter.com/v7EkzA1941— معتقلي الرأي (@m3takl) May 18, 2018
وفي حديثه للجزيرة أمس، وصف الناشط السعودي سلطان العبدلي حملة الاعتقال الحالية بأنها تأتي في سياق "اعتقال محمد بن سلمان كل من تسول له نفسه أن يغرد ضد التطبيع أو دعما لحقوق الإنسان".
وقال "رسالة محمد بن سلمان أن كل من ينتقدني أو يحاول انتقادي حتى لو في مجلس خاص أو لا يعلن تأييده لي فسيكون مصيره السجن".