صورة ضبابية.. هل غادرت أبو ظبي جزيرة سقطرى؟

سقطرى.. احتلال إماراتي واضح المعالم
قوات إماراتية بجزيرة سقطرى اليمنية (الجزيرة)

الجزيرة نت-اليمن

تباينت آراء المحللين السياسيين بشأن اتفاق إنهاء أزمة جزيرة سقطرى بين الحكومة اليمنية والإمارات، بين من يراه انتصارا للشرعية اليمنية ومقدمة لإصلاح الاختلالات في المناطق المحررة، ومن يقلل منه ويعتبره حلا ترقيعيا وتخفيفا للضغط الشعبي والدولي على أبو ظبي.

وكان رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر قد أعلن انتهاء أزمة سقطرى بين بلاده والإمارات، وعودة مطار وميناء سقطرى اللذين سيطرت عليهما قوات إماراتية مطلع الشهر الجاري إلى القوات اليمنية لحرستهما.

وعلى الرغم من أن اتفاق حل الأزمة، طبقاً لبن دغر، يقضي بمغادرة القوات الإماراتية الجزيرة، فإن ذلك لم يتم حتى مساء أمس الاثنين، بحسب مسؤول حكومي تحدث للجزيرة نت.

وأوضح المسؤول أن مطار وميناء سقطرى أصبحا تحت سيطرة قوات يمنية وسعودية مشتركة، مشيرا إلى أن القوات الإماراتية باتت بلا مهام لكنها لا تزال باقية في الجزيرة، واصفا الوضع القائم بأنه "ضبابي".

وتذهب مصادر يمنية أخرى إلى أن وجود القوات السعودية في سقطرى سيكون مشابهاً لوجودها في محافظة المهرة، وذلك للقيام بمهام التدريب والمساعدة للقوات اليمنية هناك في تعزيز الأمن وضبط المنافذ والسواحل من عمليات التهريب، بالتوازي مع تدشين مشاريع خدمية وتنموية بدعم سعودي.

‪رئيس الوزراء خلال استقباله اللجنة اليمنية السعودية المكلفة بتطبيع الأوضاع في سقطرى‬ (الصحافة اليمنية)
‪رئيس الوزراء خلال استقباله اللجنة اليمنية السعودية المكلفة بتطبيع الأوضاع في سقطرى‬ (الصحافة اليمنية)

انتصار للشرعية
ويرى المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني أن اتفاق حل أزمة سقطرى يعد انتصارا للشرعية اليمنية، ومقدمة لانتصارات وإصلاح اختلالات في المناطق المحررة التي تهمين الإمارات عليها بأذرع أمنية وعسكرية وتعيق الحكومة في مزاولة مهامها.

ولفت في تصريح للجزيرة نت، إلى أن أزمة سقطرى فتحت الجرح الذي يعاني منه التحالف والحكومة اليمنية في المعركة المصيرية من أجل إسقاط الانقلاب.

ويقول الهدياني إن أزمة سقطرى أحيت المشروع الوطني، وكشفت المطامع والمصالح الشخصية والأجندة والانحراف الإماراتي، وأن أبو ظبي لا تعمل في إطار الهدف القانوني المشروع الذي دعيت له في نصرة الشرعية وهزيمة الانقلاببين.

وبيّن أن الأزمة فضحت الإمارات شعبيا ورسميا وإقليميا ودوليا، وتمنى الهذياني أن تكون أزمة سقطرى فرصة لتصحيح مسار التحالف العربي وعلاقته بالحكومة الشرعية.

وفي رده على الفرق بين وجود القوات السعودية بدلا من الإماراتية في سقطرى، قال "لا يوجد مبرر لوجود قوات سعودية في سقطرى، لكن طالما حصلت هناك مشكلة بين الحكومة والإمارات، جاءت السعودية كحل".

وتابع "الإمارات رفضت الانصياع لمطالب اليمنيين في الخروج من الجزيرة، وتذرعت بحجج واهية، منها أن الأجهزة الأمنية بالجزيرة غير جاهزة وبحاجة إلى تدريب وتأهيل".

وأضاف "اقترح الجانب اليمني وجود هذه القوات السعودية، بمعنى أنها بطلب من الحكومة اليمنية لمهام التدريب والمساعدة وليست احتلالا ولن تعمل ضد تطلعات الشعب اليمني ولن تكون كتلك الأذرع الأمنية التي أنشأتها الإمارات في بعض المحافظات الجنوبية والتي تصادم أجهزة الدولة".

ودلل على ذلك بعودة القوات اليمنية إلى مطار وميناء سقطرى ورفعها العلم اليمني، واصفاً تلك الخطوة بأنها "رسائل طمأنة من قبل السعودية".

جزيرة سقطرى مدرجة ضمن قائمة المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية والتنوع النادر (رويترز)
جزيرة سقطرى مدرجة ضمن قائمة المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية والتنوع النادر (رويترز)

حلول ترقيعية
وخلافاً لذلك، يرى المحلل السياسي اليمني أحمد الزرقة أنه "لا يوجد اتفاق حقيقي بين الحكومة الشرعية والإمارات بخصوص ما حدث في سقطرى".

وأشار في تصريح للجزيرة نت، إلى أن ما حصل هو تدخل سعودي، هدفه تخفيف الضغط الشعبي والدولي على الوجود الإماراتي في الجزيرة، مدللا على ذلك بـ"منع بقاء رئيس الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن التي غادرها بعد وقت قصير من وصوله من سقطرى إلى العاصمة السعودية الرياض".

وقال الزرقة "تحاول المملكة لعب دور إطفائي الحرائق، وتتدخل غالبا عند وصول العلاقات بين الشرعية والإمارات إلى طريق مسدود، وتمارس ضغوط على الشرعية باعتبارها الطرف الأضعف في المعادلة".

وأضاف "للحظة لم تغادر القوات الإماراتية الجزيرة، ولن تغادرها، والوجود السعودي سيكون إلى جانب الإماراتي مثل عدن والمهرة وحضرموت وغيرها".

ولفت إلى أن الأمر "يتعلق بالأطماع الإماراتية في اليمن وتقديم نفسها وكيلا إقليميا لأميركا من بوابة اليمن وعلى مقربة من ممر باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية التي يمر منها أكثر من 25% من تجارة النفط".

وفي تقييمه لأداء الشرعية في الأزمة، قال إن "الحكومة اليمنية تحركت دفاعا عن نفسها ولو أنها استمرت على موقفها الصريح برفض الوجود العسكري الأجنبي في الجزيرة كانت ستحقق لنفسها احتراما شعبيا ودوليا خصوصا وأنه تم تدويل القضية وإيصالها لمجلس الأمن".

واستطرد قائلا "غير أن موافقتها على الحلول الترقيعية تؤكد عدم امتلاكها لقرارها وأنها خاضعة بالكامل للوصاية السعودية".

وختم "ما حدث في سقطرى كفيل بجعل التحالف يراجع علاقته مع الشرعية ويضبط أداءها، لكن الشرعية بارعة في إضاعة الفرص وتعاني من اختلالات وتباينات تسهل اختراقها وجعلها بلا قيمة ولا فاعلية".

المصدر : الجزيرة