كيف صعّد حزب الله التوتر بين المغرب والجزائر؟

epa05941771 Moroccan Foreign Affairs Minister, Nasser Bourita
ناصر بوريطة أكد أن قطع العلاقات مع إيران جاء بعد الحصول على أدلة تثبت تورطها في دعم البوليساريو (الأوروبية-أرشيف)

زهير حمداني

رفع حزب الله منسوب التوتر بين المغرب والجزائر على خلفية اتهامات الرباط له بتقديم دعم عسكري ولوجستي لـجبهة البوليساريو بتنسيق إيراني و"إسناد" جزائري، وهو ما قابله الجزائريون بالاستنكار والإدانة، ليضاف عامل آخر للأزمة بين البلدين.

وفي مقابلة مع مجلة "جون أفريك" -الصادرة في باريس- أشار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، لأول مرة منذ إعلان قطع العلاقات مع إيران، إلى ما سماه "الدعم الجزائري الفعلي والمباشر للاجتماعات التي عقدتها كوادر حزب الله اللبناني وقيادات من جبهة البوليساريو".

وأعلن المغرب في الأول من مايو/أيار الجاري قطع العلاقات مع إيران "بعد الحصول على معلومات وأدلة دامغة" كشفت دعما ماليا ولوجستيا وعسكريا قدمه حزب الله اللبناني للبوليساريو وبتنسيق من سفارة إيران في الجزائر.

واتهمت الرباط آنذاك حزب الله بتدريب عناصر البوليساريو على حرب العصابات وإرسال أسلحة إلى الجبهة، بما فيها تلك المضادة للطائرات من طراز "سام 9" و"ستريلا"، وذلك بعد اعتقال الرباط في مارس/آذار 2017 أحد كوادر الجبهة قاسم محمد تاج الدين الصادرة بحقه مذكرة اعتقال دولية صادرة من واشنطن.

المغرب اتهم حزب الله اللبناني بتقديم مساعدات عسكرية ولوجستية لمقاتلي البوليساريو (رويترز)
المغرب اتهم حزب الله اللبناني بتقديم مساعدات عسكرية ولوجستية لمقاتلي البوليساريو (رويترز)

أسماء وأدلة
وأضاف بوريطة في مقابلة مع الأسبوعية الدولية، أن بعض الاجتماعات بين البوليساريو و"حزب الله" عقدت في "مكان سري" بالجزائر العاصمة، تعرفه أجهزة الأمن الجزائرية، وأفاد بوريطة بأن السفارة الإيرانية بالجزائر العاصمة كانت حلقة الوصل التي تربط بين حزب الله والجزائر والبوليساريو عبر مستشارها الثقافي أمير الموسوي.

الوزير المغربي أوضح أن الملف المغربي تم إعداده بدقة بالغة على مدى أسابيع، وتضمن حقائق ثابتة ودقيقة، منها مواعيد زيارات مسؤولين كبار في حزب الله إلى الجزائر، وتواريخ وأمكنة الاجتماعات التي عقدوها مع مسؤولي البوليساريو.

وأكد بوريطة أن قادة في حزب الله أبرزهم حيدر صبحي حديد، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحزب وعلي موسى دقدوق، المستشار العسكري في التنظيم نفسه، والحاج أبو وائل زلزالي المسؤول عن التكوين العسكري واللوجستي، تنقلوا في مناسبات عدة إلى تندوف منذ مارس/آذار 2017 من أجل لقاء المسؤولين في البوليساريو، والإشراف على دورات تدريبية.

من جانبها، دانت الجزائر على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف "التصريحات غير المسؤولة" لوزير الخارجية المغربي، واعتبرت أن "اتهامات بوريطة التي لا أساس لها من الصحة، والتي لا مبرر لها، هي في الواقع تمثل سياسة الهروب إلى الأمام التي انتهجها المغرب في أعقاب النكسات الرئيسية التي عانى منها في أفريقيا وأوروبا، ومؤخرا في نيويورك".

وأضاف أن "هذه الاتهامات تعد تضليلا لعدم قدرة المغرب على توريط الجزائر مباشرة في "صراع الصحراء"، مشيرا إلى أنه "عوض تقديم الأدلة الدامغة التي يزعم أنها بحوزته والتي لا وجود لها في الحقيقة، آثر الوزير المغربي المضي في التضليل والافتراء".

 السلطات المغربية أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإغلاق سفارتها في الرباط (غيتي)
 السلطات المغربية أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإغلاق سفارتها في الرباط (غيتي)

تفاعلات وتوتر
وكانت الخارجية الإيرانية قد نفت بدورها تورطها في القضية، معتبرة أن القرار المغربي جاء بطلب من السعودية. كما نفى حزب الله اللبناني ما سماها المزاعم والاتهامات المغربية وأرجعها إلى ضغوط أميركية وإسرائيلية وسعودية.

ومقابل دفاع الرباط -على لسان وزير الخارجية ناصر بوريطة ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني عن سيادية قرار قطع العلاقات مع طهران وعدم ارتباطه بالظروف الإقليمية والدولية وتقديمها "الأدلة الدامغة" على تورط الأطراف التي اتهمتها، يرى الصحفي المغربي علي لمرابط أن "المغرب وضع جبهة البوليساريو وإيران في سلة واحدة إرضاء للسعوديين والأميركيين".

وتساءل الصحفي المعارض في حوار بصحيفة الخبر الجزائرية عن سبب قطع الرباط العلاقات مع إيران وعدم  قطعها مع كوبا التي كوّنت أكاديميتها العسكرية ولا تزال تكون مقاتلين صحراويين- وفق تعبيره-، مؤكدا عدم وجود دليل يورط إيران وحزب الله في نزاع الصحراء.

وبدأ النزاع على إقليم الصحراء الغربية عام 1975 بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب والبوليساريو إلى نزاع مسلح استمر حتى العام 1991 حين تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح منح حكم ذاتي موسع تحت سيادتها، في حين تطالب جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف مقر الجبهة.

ويضاف عامل حزب الله وإيران بأبعاده السياسية والدينية (الطائفية) والإقليمية إلى محاور التوتر المزمنة بين المغرب والجزائر الذي تصاعد في الآونة الأخيرة على خلفيات تصريحات مشفوعة برسائل عسكرية عبر زيارات لقادة عسكريين إلى الجبهات.

ويرى مراقبون أن هذه العوامل الجديدة في الأزمة من شأنها أن تبقي العلاقات المغربية الجزائرية تراوح مكانها في خانة التصعيد السياسي، وتزيد في وقف مفاعيل الانفراجات النادرة بين البلدين الجارين.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية